وضعت الحكومة الجزائرية الاحتفال بذكرى مرور 69 سنة على ثورة التحرير من الاستعمار في حدودها الدنيا، على غير ما جرت عليه العادة من كل عام في الفاتح من كل نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك كشكل من أشكال التعبير عن التأثر والتضامن مع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي تصريحات للصحافة، قال وزير المجاهدين، العيد ربيقة، إن ما يحدث في فلسطين «يذكّر بما حدث على أرض الجزائر قبل ستة عقود. فأوجه الشبه كبيرة بين ثورة الجزائر الكبرى وما تشهده فلسطين حالياً: فالأساليب هي نفسها مع اختلاف الزمان والمكان، حيث قال الاحتلال الفرنسي عن ثوّار الجزائر بأنّهم خارجون عن القانون، فما أشبه اليوم بالبارحة».
وأكد ربيقة أن «أساليب القمع والتقتيل التي يمارسها الاحتلال الصهيوني في فلسطين هي نفسها التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830 – 1962)؛ من نفي وتهجير وتقتيل وتشريد، واستعمال كل أساليب الإبادة الجماعية والجرائم المقترفة ضدّ الإنسانية، يلاحظها العالم وسط تعتيم الإعلام الدولي»، مبرزاً أن احتفالات الجزائر بثورة التحرير (1954 - 1962) «ستكون بمظاهر رمزية عبر كل ولايات الوطن، وستعرف وقفات مع بعض وقفات التكريم لمن قدّموا الدمّ والنفيس للثورة التحريرية، دون مظاهر احتفالية».
من جهته، تنقل الرئيس عبد المجيد تبون، صباح الأربعاء، إلى النصب التذكاري «مقام الشهيد» بأعالي العاصمة، حيث وضع إكليلاً من الزهور ترحماً على أرواح شهداء ثورة التحرير. وكان برفقته رئيس أركان الجيش والوزير الأول ورئيسي غرفتي البرلمان. وبعدها توجه إلى «قصر الشعب» بوسط العاصمة لتلقي التهاني، كما جرت العادة كل عام، من عدد كبير من المدعوين، بعضهم شارك في الثورة ممن بقوا أحياء، وأفراد عائلات الشهداء، والسفراء والقناصلة المعتمدين في الجزائر. وكان من ضمن الأنشطة الرئاسية الخاصة بالمناسبة، تدشين «مستشفى الأم والطفل» التابع للجيش، بمنطقة بني مسوس بالعاصمة.
وعشية الذكرى، نشرت الرئاسة خطاباً مكتوباً لتبون، أكد فيه أن بلاده «عازمة على تحقيق أفضل الـمستويات في معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر تسخير الإمكانيات، وتجنيد الطاقات ومحاربة التقاعس، والتحرر من العراقيل والذهنيات البيروقراطية»، مبرزاً أن ذكرى ثورة التحرير «تجعلنا نستشعر على الدوام ثقل الـمسؤولية وقداسة الأمانة، ومن ذلك نستمد الإرادة القوية للوصول بفضل تجند الـمواطنات والـمواطنين إلى أهدافنا الاستراتيجية، التي حرصنا، وسنظل نحرص، على الاحتكام فيـها إلى الحقائق في الـميدان».
كما شجب الرئيس «سقطات منابر البـهتان والـمزايدة، والصخب الدعائي الصادر عن المصطفين في طوابير المعادين لبلادنا الغالية»، من دون توضيح من يقصد، لكن يفهم من ذلك أن المقصود معارضون مقيمون في أوروبا.
وأشار تبون إلى تزامن ذكرى ثورة الاستقلال مع «التداعيات الخطيرة لتمادي الاحتلال الصهيوني في عدوانه السافر على الشعب الفلسطيني، واستمراره في اقتراف جرائم الإبادة الـمتكررة في قطاع غزة»، مشدداً على «دعوة كل الأطراف الإقليمية والدولية من أجل السعي إلى إحداث استفاقة عاجلة لضمير الـمُجتمع الدولي، ووقف العدوان المتعجرف على الأطفال والنساء والشيوخ (...) كما ندعو كل الضمائر الحية والإرادات الصادقة النزيـهة، إلى ردع الجريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية، التي يقترفها الاحتلال على مرأى من العالم».