• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
تقدير موقف

ما التطورات المتوقعة في سلاح الدبابات مستقبلاً؟


طرحت الصراعات في السنوات الأخيرة، والتطور الحادث في القدرات الجوية القتالية، وخصوصاً مع تطور دور الدرونز في الحروب؛ تساؤلات عديدة حول مستقبل الدبابات في المعارك. وبالرغم من الجدل الدائر حول دور الدبابات في صراعات المستقبل، وافتراض البعض أن دورها سوف يتراجع، فإن من الصعب التسليم بهذه الفرضية؛ لاعتبارات مختلفة؛ قد يكون أهمها أن الدبابات مهمة في الصراعات لأسباب عديدة؛ منها أنها أداة مهمة للسيطرة على الأرض، وتشتيت العدو، وقادرة على إحداث اختراق في صفوفه.

ومع ذلك، يُرجَّح أن تشهد الدبابات تطوراً هائلاً في ضوء التطوُّر الحادث في منظومات التسليح المختلفة، على غرار الدرونز؛ إذ تعمل الدول الكبرى على تعزيز الدفاعات الخاصة بالدبابات، وتطوير دبابات غير مأهولة، وكذلك دبابات قادرة على إصلاح نفسها وتشخيص الأعطاب التي تتعرض لها resilient weapon system، وكذلك طرح دبابات قادرة على التمويه والمناورة، وتزويد الدبابات بنظام قتالي متكامل يتضمَّن الرقابة والاتصال وتقديم رؤية أوسع لميدان المعركة، وربما تنفيذ ضربات على مدى بعيد يفوق القدرات التقليدية للدبابات الموجودة حالياً. وكذلك قد تشمل التحديثات تطوير عملية الانتقال الخاصة بالدبابات لتصبح قادرة على الحركة بسهولة في كافة الأراضي.

جدل المستقبل

مع التطور الهائل في الأسلحة، وخاصةً الأسلحة الجوية، والدور الذي تلعبه الدرونز على وجه الخصوص في الحروب الجديدة، وبالنظر إلى الانتقادات الموجهة إلى الدبابات بوصفها آلية عسكرية تقليدية على مستويات الحركة والدفاع والقدرات الهجومية، فإن السنوات الأخيرة شهدت جدلاً حول مستقبل الدبابات في الحروب الحديثة، ومدى استمرار الاعتماد عليها، وخاصةً مع الخسائر التي تشهدها الجيوش في دباباتها بأسلحة أقل تكلفة مثل الطائرات المسيرة؛ فعلى سبيل المثال، شهدت الحرب الأرمينية الأذربيجانية في عام 2020، تدمير العديد من الدبابات الأرمينية بواسطة الطائرات بدون طيار التي يمتلكها الجيش الأذربيجاني من طراز “بيرقدار TB2”.

ومع اندلاع الحرب الأوكرانية، تجدد الجدل حول دور الدبابات في الحروب ومستقبله على مستويين: الأول هو خسائر الدبابات في المعارك، خاصةً على الجانب الروسي؛ حيث تشير تقديرات إلى فاعلية الدور الذي لعبته الصواريخ الحديثة الموجهة المضادة للدبابات والدرونز التي قدمتها الدول الغربية لأوكرانيا في تدمير الدبابات الروسية؛ الأمر الذي عزز حضور التساؤلات حول مستقبل دور الدبابات في الحروب. وعلى العكس من ذلك، فإن المستوى الثاني يرتبط بالحاجة الأوكرانية إلى الدبابات الغربية والتعويل عليها للعب دور حاسم في صد ومواجهة الجيش الروسي؛ حيث ألحَّت كييف على الدول الغربية لتزويدها بدبابات غربية متطورة وحديثة لإحراز تقدم ميداني في ساحة المعركة، وخاصةً دبابات “ليوبارد 2″، إلى أن أعلنت برلين أنها ستُرسِل دبابات “ليوبارد 2″، وأعلنت واشنطن أيضاً أنها سترسل دبابات “إم 1 أبرامز”، بجانب دول أوروبية أخرى؛ حيث سترسل بريطانيا أيضاً دبابات من طراز “تشالنجر 2”.

دبابات مُنتظرة

في إطار عملية تطوير الأسلحة والابتكار الدفاعي في مختلف دول العالم، فإن ثمة عدداً من الدبابات المنتظرة جرى الكشف عنها مؤخراً أو عن العمل على تطويرها أو تصميمها، ومن المنتظر بدء إنتاجها خلال السنوات المقبلة، ومن أبرز تلك الدبابات:

1كشف شركة راينميتال عن دبابة (KF51 Panther): كشفت شركة الصناعات الدفاعية الألمانية راينميتال (Rheinmetall)، خلال معرض الصناعات الدفاعية “Eurosatory 2022″، عن دبابتها الجديدة (KF51 Panther) التي تأتي بقدرات متطورة على مستويات الفتك والحماية والاستطلاع والاتصالات والحركة. وترتبط جميع أنظمة الأسلحة في هذه الدبابة بالمراقبة البصرية للقائد، والمدفعي، وجهاز كمبيوتر التحكم في الإطلاق عبر أجهزة NGVA الرقمية. وبالإضافة إلى تسليحها بمدفع 130 مم أوتوماتيكي، يوفر لها قوة نيرانية فائقة ضد الأهداف الآلية الحالية والمتوقعة؛ تمتلك خيارات تسليحية أخرى أيضاً لتوفير قوة نيرانية مركزة لشن ضربات ضد أهداف متعددة بعيدة المدى وخارج خط الرؤية المباشر.

وتتمتع الدبابة الجديدة بنظام حماية متكامل وشامل ومعتدل الوزن، يتضمن تقنيات الحماية النشطة؛ حيث يتصدى نظام الحماية النشط للتهديدات من أعلى، كما تساعد أنظمة الدخان والتعتيم السريع الدبابة على الاختفاء عن المراقبة، فيما تتيح بنية NGVA الرقمية دمج أجهزة استشعار إضافية لاكتشاف توقعات الإطلاق، والتعرف المبكر على التهديدات ومواجهتها، كما تتميز الدبابة بقدرات دفاعية متطورة ضد التهديدات الإلكترونية، مع القدرة على دمج “محطات الأسلحة التي يتم التحكم فيها عن بُعد” بالشكل الذي يعزز مرونتها فيما يتعلق بالدفاع الجوي، وفي القلب منه القدرات الدفاعية ضد المسيرات.

كما يتيح التصميم الرقمي للدبابة، التكامل السلس لأجهزة الاستشعار والمؤثرات، والتحكم في البرج والأسلحة من محطة المشغل في الهيكل. ويتيح المستشعر البصري SEOSS البانورامي وجهاز التصويب القتالي الرئيسي EMES للقائد والمدفعي مراقبة الأهداف والاشتباك معها بأسلوب يكون فيه كلٌّ منهما مستقلاً عن الآخر، فيما تتيح شاشة عرض في حجرة لطاقم الدبابة رؤية 360 درجة حول محيط الدبابة. بالإضافة إلى ذلك، فإن دبابة KF51 Panther تتمتع بقدرات حركة ومناورة كبيرة تمنحها مرونة في عمليات التنقل، بنطاق تشغيل أقصى يبلغ نحو 500 كيلومتر؛ حيث يبلغ وزن الدبابة 59 طناً فقط. وفيما قامت شركة راينميتال عند تصميم تلك الدبابة بإعادة تصميم النظام الأساسي بالكامل، فإنها تشير إلى إمكانية تحديث الدبابة وتدعيمها مستقبلاً بأحدث الإمكانات والوظائف، خاصةً بنية نظام NGVA المتقدمة والمعيارية والمفتوحة.

2رغبة الجيش الأمريكي في إنتاج دبابات خفيفة: حصلت شركة “General Dynamics Land Systems” على عقد بقيمة 1.14 مليار دولار لتطوير دبابات خفيفة جديدة للجيش الأمريكي، بحيث تبدأ الشركة إنتاج وتوريد ما يصل إلى 96 مركبة من الدبابة الجديدة (Mobile Protected Firepower). ومن المفترض أن تكون تلك الدبابة أول مركبة جديدة يصممها الجيش الأمريكي منذ أكثر من أربعة عقود، بدلاً من إجراء تعديلات وتطويرات على دبابات موجودة بالفعل، وتصنيع أجيال أحدث من الطراز نفسه، وهو ما يرتبط برغبة الجيش الأمريكي في الحصول على مركبة جديدة وأخف وزناً من دبابات أبرامز الحالية؛ حيث من المفترض أن تزن MPF نحو 38 طناً مقابل 70 طناً لأبرامز.

3تطوير إصدار جديد من دبابات أبرامز: كشفت الولايات المتحدة، خلال معرض AUSA السنوي، عن دبابة “Abrams X” التي تتميز عن الإصدار الحالي بأنها أكثر قدرةً على الحركة، وأخف وزناً عبر تخفيض وزن درع البرج مع تصغير مساحة البرج الذي سيكون غير مأهول مع وجود الطاقم داخل الهيكل المدرع، كما يخفض محرك الدبابة الهجين استهلاك الوقود بنسبة 50%، ويمكنها كذلك من القيادة والمراقبة الصامتة، بحيث يتم تشغيل الأسلحة وأجهزة الاستشعار دون إصدار الإشارات الحرارية أو الصوتية المعتادة.

وستتميز الدبابة الجديدة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التي ستحدد الأهداف وتجمعها في قائمة مرتبة للطاقم البشري؛ حيث يساعد برنامج “KATALYST” الطاقم في تحديد الأهداف والأولويات، والتنقل والتنبؤ وتحليل ونقل بيانات الاستهداف التي يتم جمعها بواسطة كاميرا بزاوية 360 درجة. وسيسمح استخدام الأتمتة في عدة وظائف، من بينها التحميل التلقائي للمدفع، بتقليل عدد أفراد الطاقم من 4 إلى 3، كما تعمل الشركة المصنعة على تصميم نظام حماية نشط قادر على استشعار وتتبع واعتراض قذائف الآر بي جي والصواريخ المضادة للدبابات.

4توريد الدفعة الأولى من “تشالنجر 3” عام 2027: من المفترض أن تقوم شركة “Rheinmetall BAE Systems Land” بترقية 148 دبابة إلى “تشالنجر 3” لصالح الجيش البريطاني، وهو ما يُعد أول ترقية لهذا الطراز منذ عام 1998، على أن يتم تسليم الدفعة الأولى المكونة من 18 دبابة عام 2027. وسيتمتع الإصدار الجديد من الدبابة بقوة فتك أكبر، مع تعزيز الحماية، وتزويدها بنظام الحماية النشط “Rafael’s TROPHY hard–kill APS” الذي يستخدم راداراً لاكتشاف المقذوفات القادمة من أجل اعتراضها، ويزود البرج بقاذفات قنابل دخانية، وأن يكون برجاً رقمياً بالكامل.

وعلى مستوى التسليح، ستتميز “تشالنجر 3” بمدفع L55A1 عيار 120 ملم يوفر سرعة وقوة اختراق أكبر، وقادر على إطلاق ذخيرة متطورة قابلة للبرمجة، كما ستشهد الدبابة تغييرات في التصميم والشكل لجعلها أكثر ملاءمةً للقتال في التضاريس غير التقليدية، كما تجعل البنية المفتوحة للدبابة من السهل تحسينها بمزايا إضافية في السنوات القادمة للاستجابة للاحتياجات والتهديدات الجديدة.

5ظهور لقطات ترويجية لدبابة صينية جديدة: تعمل الصين على تطوير دبابة قتالية جديدة تمثل الجيل الرابع من دبابة القتال الرئيسية (MBT)، وصفها الإعلام الرسمي مع بعض اللقطات لها، في أكتوبر 2022، بأنها ستكون “الأقوى على السطح في المستقبل”؛ ما دفع البعض نحو اعتبار أن الكشف الجزئي عن الدبابة يشير إلى اكتمال تصميمها. وستشهد تلك الدبابة تخفيض عدد الطاقم البشري من 3 إلى 2 فقط؛ يقوم أحدهما بأداء المهام القتالية، ويركز الآخر على القيادة. وتشير التقارير إلى أن تلك الدبابة سوف تتمتع بقدرة عالية على الحركة والتخفي مع قدرات هجومية قوية، وتعزيز القدرات المعلوماتية عبر تضمين الدبابة معدات إلكترونية ضوئية تمكنها من الحفاظ على مستوى القدرة التشغيلية خلال النهار والليل، مع التشويش على الصواريخ المضادة للدبابات الموجهة بالليزر.

اتجاهات التطوير

ثمة عدد من الاتجاهات والنقاط التي ستركز عليها عملية تطوير وتصميم الدبابات خلال السنوات المقبلة، وهي الاتجاهات التي برزت بالفعل في عدد من الحالات، مع توقعات بتزايد أهميتها لتقليل الانتقادات الموجهة للدبابات، وتعزيز قدرتها على التكيف مع الحروب الجديدة، وتطورات التسليح، وتحسين نقاط الضعف؛ وذلك على النحو التالي:

1تكيُّف دبابات المستقبل مع التغيرات المناخية: تؤثر التغيرات المناخية على العديد من القطاعات، ومنها القطاع الأمني والعسكري؛ وذلك من جوانب عديدة. وإن كان التركيز الأكبر في الدراسات على التهديدات والتداعيات الأمنية للتغيرات المناخية، فإن ثمة بعداً آخر يتعلق بتأثُّر الصناعات الدفاعية نفسها بالتغيرات المناخية، من حيث الحاجة إلى تصنيع معدات عسكرية تراعي تداعيات التغير المناخي وتتكيف معها، خاصةً أن التغيرات المناخية ستضع بعض التحديات أمام عمل المعدات التقليدية ومنها الدبابات؛ حيث قد تؤثر التغيرات المناخية على درجات الحرارة بالدرجة التي تضر بعمل بعض الدبابات وقدراتها. وفي هذا الصدد، ستدعو التغيرات المناخية مؤسسات الصناعات الدفاعية إلى تصميم دبابات قادرة على العمل في ظروف مناخية قاسية ومتطرفة، ويمكن نشرها في البيئات الحارة والباردة، مثل الصحاري والقطب الشمالي وغيرهما.

2زيادة استخدام المحركات الهجينة والكهربائية: يعتبر تصميم محركات هجينة وموفرة للطاقة اتجاهاً موجوداً ومرجحاً تزايدُه في صناعة الدبابات، بل التحول إلى محركات كهربائية بشكل كامل، بما يُمكِّن من تحقيق مزايا عدة؛ منها توفير الطاقة، وتقليل الوقود الأحفوري المستخدم في الجيش، خاصةً في ظل استراتيجيات الجيوش لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الملوث، كجزء من جهود مواجهة تغيرات المناخ؛ فعلى سبيل المثال، يهدف الجيش الأمريكي إلى خفض مساهمته في التلوث والاحتباس الحراري بنسبة 50% بحلول عام 2030، مقارنةً بمستويات عام 2005. وتساعد المحركات الهجينة كذلك على توفير مدى وقدرة تحمل أكبر، مع تعزيز مرونة الدبابة، فضلاً عن القيادة والمراقبة الصامتة التي تعزز القدرة على التخفي والحماية والمفاجأة.

3تعزيز قدرات الحماية والدفاع المقاوم: عززت الحرب الأوكرانية وتدمير الدبابات المرتفعة التكلفة بأسلحة مضادة للدبابات منخفضة التكلفة، التفكير في أهمية البحث في سبل تعزيز القدرات الدفاعية للدبابات وتعزيز الحماية للرد على الانتقادات التي تشكك في الاستدامة الاقتصادية للدبابات. وتعمل وكالات البحث والتطوير على تعزيز طبقات الحماية لدروع الدبابات عند تصنيعها. وكذلك يتم العمل على تطوير أنظمة حماية نشطة، قادرة على اكتشاف واعتراض التهديدات بمختلف أشكالها وأنواعها بشكل سريع، والاستعانة بأجهزة التشويش والكشف المبكر، واستخدام طلاء يساهم في تقليل خطر الاكتشاف من الأشعة تحت الحمراء. ويرتبط بتعزيز حماية الدبابات، قدرتها المقابلة على إصابة العدو من مسافات بعيدة قبل تعرضها للاستهداف.

4مضاعفة القوة النارية والهجومية للدبابات: بالتوازي مع تعزيز القدرات الدفاعية للدبابة لتقليل احتمالات الإصابة والتدمير، تهتم الدول بتعزيز القدرات القتالية للدبابات، في ظل التطور الكبير للأسلحة الأخرى، وزيادة معدلات الفتك. وفي حين تعتبر مدافع الدبابات السلاح الرئيسي الذي يحدد قوتها النارية، فإن جزءاً كبيراً من اتجاهات التطوير في ذلك الجانب يرتبط بالمدافع وتعزيز قدرتها على تحقيق اختراقات كبيرة، وزيادة معدلات الفتك والتدمير، وتصنيع مدافع دبابات بمدى أطول ودقة أعلى وقوة نيران فائقة، وتعزيز قدرتها على إطلاق أنواع مختلفة من المقذوفات، بالتوازي مع العمل على تحديث المقذوفات نفسها وزيادة قدرات الفتك والكشف والتعرف على الهدف والتوجيه والسرعة الخاصة بها، وزيادة الاعتماد على نظام التحكم في إطلاق النار المستقل لتعزيز القوة النارية للدبابات، ومساعدتها في استهداف وتتبع وضرب الأهداف على مسافات طويلة، وتحسين فاعليتها القتالية في الظروف والأوقات المختلفة.

5الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة: تراهن الدبابات الجديدة على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة، وهو اتجاه مرجح تزايده مع تطور تلك التقنيات؛ وذلك من أجل تعزيز القدرات القتالية والدفاعية للدبابات وتقليل عدد أفراد الطاقم، بل الوصول إلى دبابات غير مأهولة، وكذلك معالجة الكميات الكبيرة من تدفقات البيانات في وقت قليل. وعلى سبيل المثال، تعمل فرنسا على تطوير برنامج قائم على الذكاء الاصطناعي لتوفير تمويه تكيفي في الوقت الفعلي للمركبات القتالية.

6التوجه نحو تصنيع دبابات روبوتية غير مأهولة: تفكر العديد من الدول وتتطلع إلى تطوير وامتلاك دبابات روبوتية غير مأهولة، كخطوة تالية لتطوير دبابات بأبراج غير مأهولة ومحطات أسلحة يتم التحكم فيها عن بُعد؛ ففضلاً عن زيادة معدل استقلالية الدبابات المأهولة اختيارياً لتقليل عدد أفراد الطاقم الضروريين، فإن ثمة توجهات نحو تطوير دبابات عسكرية بدون أطقم بشرية، بما يقضي على المخاطر التي يتعرض لها الأفراد؛ حيث من المتوقع أن يمثل الانتقال نحو استخدام الدبابات الروبوتية نقلة نوعية في الحروب البرية، رغم ما يثار من انتقادات لقدراتها المنتظرة، عند مقارنتها بالمسيرات الجوية والبحرية. ويتماشى التوجه نحو تصنيع دبابات غير مأهولة، مع التوجه نحو تزايد الاعتماد على التقنيات الذكية والذكاء الاصطناعي وأجهزة الكمبيوتر المدمجة والحوسبة السحابية. ومن المتوقع أن تمثل المركبات القتالية المدرعة الذاتية التحكم، التي يشار إليها اختصاراً بـRCV، نقلة نوعية في ساحات المعارك البرية المستقبلية.

وبشكل خاص تتوقع بعض التقارير أن يتم تطوير إصدارات جديدة من دبابة “KF51 Panther” قابلة للتحكم فيها عن بُعد، كما اقترحت مؤسسة أبحاث وتطوير المركبات القتالية التابعة لمنظمة البحث والتطوير الدفاعية الهندي، برنامج تطوير لمركبة قتالية غير مأهولة تعتمد على دبابة Arjun Mk 1A. ويسعى الجيش الأمريكي إلى تطوير دبابة غير مأهولة كجزء من برنامج الجيل القادم من المركبات القتالية (NGCV)، كما كشفت شركة Breaking Defense أن الجيش الأمريكي يعتزم تشغيل 3 فئات من المركبات القتالية الروبوتية RCV، بأحجام مختلفة ودرجات متفاوتة في الفتك. وكذلك أعلنت شركتا Milrem Robotics الإستونية وKongsberg Defense & Aerospace النرويجية، في معرض DSEI للدفاع، عام 2021، عن تعاونهما في تصميم وبناء دبابة قتالية روبوتية جديدة، أطلق عليها اسم Nordic Robotic Wingman. وتشير التوقعات إلى أن تكلفة الدبابات غير المأهولة ستكون أكبر من الدبابات المأهولة بسبب الحاجة إلى أنظمة تحكم واتصالات وشبكات متطورة وآمنة لتعويض غياب الطاقم البشري.

7اللجوء إلى طباعة ثلاثية الأبعاد لقطع الغيار: بخلاف استخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد لتصنيع أسلحة خفيفة، فإن الجيوش الكبرى تزيد إنفاقها على عمليات البحث والتطوير الخاصة بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لتعزيز الاستفادة من تلك التقنيات في مجال الصناعات الدفاعية، ومن تلك الصناعات صناعة قطع غيار بعض المعدات مثل الدبابات؛ فعلى سبيل المثال، عمل مختبر أبحاث الجيش الأمريكي ARL على الاستفادة من تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد لطباعة قطع غيار جديدة للدبابات، للحصول على تلك القطع بشكل أسرع مقارنةً بالمدة التي يحتاجها التصنيع والصيانة التقليدية؛ الأمر الذي يعزز استدامة الدبابات، وقدرتها على مواجهة الأعطاب وإصلاحها بشكل أسرع وأسهل.

8التوسع في تصميم الدبابات المتعددة الأغراض: في الوقت الذي ارتبطت فيه نشأة وتصميم المركبات المدرعة العسكرية بالتركيز على هدف محدد؛ ما أدى إلى تنوع تلك المركبات حسب الهدف ما بين واحدة تركز على السرعة وأخرى على قوة الدروع وثالثة على القوة النيرانية؛ أدى ذلك إلى انتشار ما يعرف بـ”الدبابات المتخصصة” التي تمتلك ميزة نسبية في واحد من هذه المجالات، ويتم الاعتماد عليها في أداء المهام الأكثر ملاءمةً لها.

ومع تزايد الانتقادات لهذا النوع من الدبابات، عملت الجيوش على الحد من مسألة التخصص الكامل، ولكن ظل هناك عامل المقايضة والمفاضلة بين درجة الاهتمام بأحد تلك المزايا الثلاث، ما بين تعزيز القدرة على الفتك، أو الحماية، أو السرعة. لكن فيما تثبت الحرب الحديثة الحاجة إلى تحقيق التكامل وتحسين مختلف تلك الميزات في آن واحد، فإن التطورات التكنولوجية تساعد الجيوش على القيام بذلك، وتحسين المهام الثلاث دون أن تضر الاحتياجات اللازمة لتحسين أحدها بالأُخريَين؛ الأمر الذي سيعزز تصميم الدبابات المتعددة الأغراض، ويتلافى نقاط الضعف التقليدية للدبابات.

ختاماً، رغم كل ما يُثار من انتقادات للدبابات، فإنها تظل أداة قتالية مهمة ولا غنى عنها في الحروب الحديثة. ولكن يعني ذلك ضرورة تطوير الدبابات وتعزيز قدرتها على أداء أدوار متعددة، بحيث تمتلك قوة نارية ومعدلات توجيه وفتك مرتفعة، مع تحسين قدرات الدفاع والحماية للحد من الخسائر، وكذلك تعزيز مرونتها وقدرتها على الحركة والتنقل بسرعة، والعمل في تضاريس وبيئات مختلفة؛ ففيما تركز بعض الأدبيات العسكرية على قرب انتهاء دور الدبابات في الحروب، ترى أدبيات أخرى أن تطوير الدبابات سيكون اتجاهاً رئيسياً في الصناعات الدفاعية في المستقبل، بحيث تتجاوز الانتقادات الموجهة لها من جهة، وتستفيد من التطورات التكنولوجية من جهة ثانية، وتصبح أكثر قدرة على التكيف مع الحروب الحديثة والاستعداد لها من جهة ثالثة.