ميسي والظاهرة رونالدو وكريستيانو رونالدو

سبورت 360 – “الظاهرة رونالدو هو أفضل موهبة شاهدتها في حياتي”، هذه كانت كلمات المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو عندما تم سؤاله عن الأفضل بين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، وهي النغمة التي باتت تتكرر كثيراً في الآونة الأخيرة.

من منا لم يسمع أو يقرأ جملة “لولا الإصابات لكان رونالدو الأفضل في التاريخ بلا منازع”، حيث أصبح هناك فئة من المتابعين وحتى من بعض اللاعبين والمدربين يؤكدون أن الظاهرة البرازيلية امتلك قدرات فريدة من نوعها، ورغم الإنجازات الكبيرة التي حققها خلال مسيرته، إلا أن الكثيرين يروا أنه استحق أكثر من ذلك بكثير، لكن الإصابات كانت تقف عقبة في طريقه دائماً.

الموهبة الاستثنائية التي يتحدث عنها مورينيو والبعض من مؤيدي وجهة نظره امتلكها الظاهرة رونالدو في السنوات الأولى من مسيرته، وتحديداً مع أيندهوفن وبرشلونة وإنتر ميلان، فمنذ إصابته الأولى بقطع في الرباط الصليبي، خسر الكثير من مرونته وسرعته، حتى وإن كان قد توج بلقب هداف كأس العالم 2002 بعدها وقاد منتخب بلاده للتتويج باللقب، وقدم أداء جيد نسبياً مع ريال مدريد، لكن نسخة رونالدو ما بعد الإصابة مختلفة تماماً.

لنعود للقضية الأولى، ونحاول طرح السؤال والإجابة عليه بشكل موضوعي وبعيداً عن العواطف، والأهم أن نسلط الضوء على جميع الأبعاد ولا ننظر للأمر من منظور واحدة فقط، هل الظاهرة رونالدو فعلاً أفضل من كريستيانو وميسي؟

حتى بالموهبة الظاهرة ليس الأفضل

مورينيو لم يقل أن الظاهرة الأفضل، وإنما قال موهبته هي الأفضل، لكن في الحقيقة لم يكن المدرب البرتغالي منصفاً بما فيه الكفاية، لأن الجميع متفق أن موهبة ليونيل ميسي الأفضل على الإطلاق، ربما امتاز الظاهرة فقط بحس تهديفي أفضل في صغره، وهو الأمر الذي لم يكن يجيده البرغوث بنفس الكفاءة الحالية.

رغم أن الظاهرة كان استثنائياً بجميع المقاييس في بداية مشواره وبالنسبة لبقية اللاعبين، لكن ذهول العالم بموهبة ليونيل ميسي لم يشهد التاريخ مثله، اللاعب وصل إلى سن 33 عاماً، وما زلنا نتفاجأ من القدرات المهولة التي يملكها، رغم أنه يفعل نفس الأمر مراراً وتكراراً.

بالنسبة لكريستيانو، بالطبع موهبته أقل من الظاهرة، لكن هذا لا يعني أنه لا يملك موهبة فطرية مثلهما، فهو أيضاً خطف الأضواء في بداياته مع منتخب البرتغال ومانشستر يونايتد، ويكفي أنه تم تصعيده من 4 فرق للفئات السنية في سبورتنج لشبونة خلال موسم واحد فقط، وهو أمر لم يحدث في تاريخ النادي من قبل.

ميسي ورونالدو أفضل من الظاهرة بأميال

عندما نريد تصنيف أفضل اللاعبين في التاريخ، يجب علينا القياس على المسيرة بشكل عام، وفي هذه الحالة، لا يمكن للظاهرة رونالدو حتى منافسة ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، لأن هذا الثنائي حافظ على مستواه لقرابة 15 عاماً، ووصلا لأرقام قياسية كانت تبدو مستحيلة في السابق، وحققا أيضاً جميع الإنجازات الممكنة على الصعيدين الفردي والجماعي، باستثناء الفوز بلقب كأس العالم.

الادعاء أن الظاهرة هو الأفضل في العقدين الماضيين أمر ظالم في الحقيقة لرونالدو وميسي، لأن مسيرة الأسطورة البرازيلية يمكن أن نستخلص منها 3 أو 4 مواسم استثنائية فقط، أما بقية مواسمه كان مستواه من جيد إلى متوسط ليس أكثر.

على مدار عقد ونصف، لم يتمكن أي لاعب من مجاراة رونالدو وميسي على الصعيد الفردي، ربما حاول البعض المنافسة بالألقاب الجماعية خلال مواسم محددة، لكن تأثير هذا الثنائي على فرقهما لم نرى مثله من قبل، على الأقل في آخر 30 عاماً.

عدم إصابة رونالدو وميسي ميزة وليست عيباً

البعض يقول أن الإصابات هي من جعلت مسيرة رونالدو لا تبدو مثل كريستيانو وميسي، وهذا اعتقاد صحيح 100%، لكن في نفس الوقت، هذه النقطة تحسب ضد الأيقونة البرازيلية، لأنه عندما نتحدث عن الأفضل، يهمنا النتائج والإنجازات وليس أي شيء آخر، ولكي تصل إليها يجب عليك أن تضحي كثيراً في حياتك الشخصية والاجتماعية لتحافظ على لياقتك وبنيتك الجسدية.

رونالدو وميسي قاوما جميع الإغراءات الناتجة عن الشهرة والأموال، وأبقيا تركيزهما على لعبة كرة القدم فقط، ودائماً ما يحاولان التقدم للأمام وتطوير قدراتهما في جميع المجالات، وهذا يتطلب جهد كبير على الصعيدين الذهني والبدني، رغم أن كلاهما ينحدران من عائلات فقيرة وعاشا ظروف صعبة في طفولتهما مثل الظاهرة تماماً.

رونالدو دي ليما أضاع موهبته مثل معظم اللاعبين البرازيليين، اهتم بالسهر والشرب والنساء، وهذا باعترافه هو شخصياً، ولم يكن ملتزماً بالتدريبات بالقدر الكافي، وبالتالي كانت النتيجة أنه لم ينجح في صنع تاريخ ينافس الدون والبرغوث، وهذا ليس ذنبهما على الإطلاق، بل على العكس، لأن الموهبة تأتي بالفطرة، لكن الحفاظ عليها وتطويرها هو الشيء الذي يميز لاعباً عن الآخر، وربما لم يشهد التاريخ لاعبان طبقا ذلك بالكيفية التي فعلها رونالدو وميسي.

رونالدو وميسي

رونالدو وميسي

الظاهرة رونالدو ليس لاعباً متكاملاً

هناك جدل حول من هو اللاعب الأكمل بين ميسي وكريستيانو، البعض يرى أن البرغوث أكثر تكاملاً لكونه يلعب في عدة مراكزه، ويقوم بأكثر من دور في الملعب ولا يكتفي فقط بتسجيل الأهداف، فهو يقوم بالمراوغة بطريقة لا يفعلها أحد غيره، ويجيد صناعة الأهداف بشكل مذهل أيضاً، كما يمتاز في تنفيذ الركلات الحرة ببراعة في السنوات الأخيرة.

أما القسم الثاني، يرى أن كريستيانو رونالدو ينطبق عليه لقب اللاعب الشامل أكثر من البرغوث، لأنه يجيد اللعب بالقدمين، ويجمع بين قوة ودقة التسديد، ويسجل الأهداف من كافة الوضعيات وأهمها الرأسيات، عدا عن أنه متمرس أيضاً بتنفيذ ركلات الجزاء والركلات الحرة.

في الحقيقة، كلا اللاعبين متكاملين، أو بمعنى أصح، هما الأكثر تكاملاً بالتاريخ، المسألة فقط تتعلق بكيفية تفسيرك للاعب المتكامل، لكن لو أردنا إسقاط المنظورين على الظاهرة رونالدو، سنجده أنه لا يملك صفة الشمولية على الإطلاق.

الظاهرة رونالدو كان يجيد اللعب بالقدمين مثل رونالدو، لكن تسديداته لم تكن قوية بالقدر الكافي من المسافات البعيدة، عدا عن أنه لا يجيد أبداً الكرات الرأسية، وليس بارعاً في تنفيذ الكرات الثابتة، أما بمقارنته مع ميسي، لم يكن رونالدو دي ليما صانع ألعاب بارع، ولم يلعب سوى في مركز واحد طوال مسيرته وهو رأس الحربة، كما أنه يفتقد لقدرة بناء اللعب من الخلف.

الخلاصة: الظاهرة رونالدو كان موهبة استثنائية في عصره، ولو لم يكن كذلك لما أطلقنا عليه لقب “الظاهرة”، لكنه لم يبذل المجهود الكافي ليكون الأفضل، ولم يتعامل مع موهبته بالجدية المطلوبة، وكل هذا لا يمنع بزوخ نجمين مثل رونالدو وميسي أحدهما أكثر موهبة منه، والثاني أكثر قوة والتزام ورغبة في التطور والفوز.

الطبيعة البشرية دائماً ما تميل لتقديس الماضي، دائماً نسمع مقولة “أيام الزمن الجميل”، هذا الزمن في الحقيقة لم يكن جميلاً بالقدر الذي يوصف به، لأنه في الماضي، كان هناك أشخاص يقولون نفس الجملة عن الفترة السابقة، وهكذا.

لأن ميسي ورونالدو ما زالا يمارسان كرة القدم للآن، ويحتكران كل شيء، نجد بعض الأصوات التي تقول أن اللاعب الفلاني أفضل منهما، وأن الأسطورة الفلانية تفوق عليهما، لكن في الواقع الأمر مجرد حنين للماضي ليس أكثر، أو الاستشهاد في لاعب لم يعاصره الجميع لكي يتم استعراض عضلات الذاكرة، فبعد مرور 10 أو 20 عاماً مثلاً، سوف نسمع نفس الكلام من الجيل الذي عاصر رونالدو وميسي عندما يخرج لاعباً أفضل منهما.