هل أفلس ميسي برشلونة؟ أم برشلونة من ضيَّع ميسي؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/07 الساعة 18:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/07 الساعة 18:32 بتوقيت غرينتش
(رويترز)

تسريب صحيفة الموندو الإسبانية لعقد ميسي الأخير مع برشلونة والكشف عن المبالغ المالية الضخمة التي يتلقاها في عقده الأخير المبرم سنة 2017 شكل صدمة كبيرة للنجم الأرجنتيني ولإدارة برشلونة وكل عشاق اللعبة في العالم، خاصة في هذا الظرف العصيب الذي يمر به النادي الكتالوني فنياً وإدارياً، ويمر به ميسي نفسياً وفنياً، بعدما صار لاعباً حراً بإمكانه المغادرة دون مقابل نهاية الموسم الكروي الحالي. مما ينذر بتداعيات كثيرة، زادتها تعقيداً الحملة الانتخابية للمرشحين لرئاسة النادي الذين راحوا يستثمرون في تسريب أسرار لا يمكن الكشف عنها على هذا المستوى ويسوقون لنظرية المؤامرة التي تحاك ضد فريقهم، ويتوعدون المتسببين في التسريب بمتابعات قضائية، ويقدمون الوعود بقدرتهم على إقناع ميسي بمواصلة مشواره مع النادي الكتالوني. 

الكثير من الملاحظين في إسبانيا وجهوا أصابع الاتهام إلى الرئيس المستقيل جوسيب بارتوميو، الذي يريد في اعتقادهم الانتقام من ميسي الذي تسبب في رحيله، مما دفع باللاعب إلى رفع دعوى قضائية ضد إدارة النادي التي نفت من جهتها مسؤوليتها عن التسريب، واعتبرت بدورها أن الكشف عن تفاصيل العقد يراد منه زعزعة استقرار النادي ودفع اللاعب إلى التعجيل باتخاذ قرار الرحيل في نهاية الموسم الكروي الحالي بسبب تراكم مشاكل متعددة جعلت من ميسي المتهم الأول في كل مصائب برشلونة، ودفعته الصيف الماضي إلى الإعلان عن قرار المغادرة قبل أن يتراجع مؤقتاً ويؤجل الأمر إلى نهاية الموسم بسبب إجراءات قانونية معقدة.

راتب ميسي لم يكُن سراً يخفى على الناس حتى ولو كشفت التسريبات عن مداخيل تفوق 140 مليون يورو في السنة، لكن تفاصيل العقد والجزئيات المتعلقة بمنحتي الوفاء والتوقيع أثارت ردود فعل سلبية مسيئة للاعب في هذا الظرف الذي يتميز بتذبذب النتائج وتراجع مداخيل النادي، لدرجة أنه لم يعُد قادراً على دفع رواتب اللاعبين، مما أدى بالبعض إلى اتهام النجم الأرجنتيني بأنه تسبب في إفلاس النادي بفعل قيمة عقده الذي كلف أكثر من نصف مليار يورو على مدى أربع سنوات، في وقت راح البعض الآخر يعدد فضائل ميسي على البرسا وكل البطولات والألقاب التي أحرزها، والأرباح المالية التي كان وراءها على مدى قرابة العقدين من الزمن، صنع فيها أفراح العشاق ومنح النادي نقلة نوعية لم يقدر عليها من سبقوه من نجوم الكرة الذين مروا على البرسا عبر التاريخ.

لاعبو البرسا والجهاز الفني عبروا عن دعمهم الكبير لنجمهم، بينما راح عشاق ميسي الأوفياء له وللبرسا يدافعون عنه بقوة، ويذكِّرون بأحقيته في الحصول على كل المبالغ المسربة، نظير كل الإنجازات التي حققها مع الفريق وكل الألقاب التي بلغت 34 بطولة في 755 مباراة سجل فيها 650 هدفاً، محققاً مداخيل وأرباحاً خيالية للنادي بمعدل 600 مليون يورو في السنة من الإعلانات والإشهار وحقوق البث التلفزيوني، دون إغفال تحمله كل الضغوطات النفسية عبر محطات كثيرة في تاريخ النادي خاصة خلال الفترة الأخيرة، ما دفعه إلى الإعلان عن نيته المغادرة عند نهاية عقده بسبب تراكمات سوء التسيير خاصة خلال فترة جوسيب بارتوميو المستقيل من منصبه بسبب ميسي.    

المرشحون لرئاسة النادي في الانتخابات القادمة راحوا يستثمرون في التسريب ويدافعون عن ميسي قبل النادي سعياً لإرضائه ومن ثم إقناعه بالاستمرار مع الفريق كورقة يسعون إلى استعمالها في حملتهم حيث اعتبر خوان لابورتا التسريب وسيلة لزعزعة استقرار البرسا ويجب توقيف ومحاسبة من فعل ذلك، ومساندته في العودة إلى رئاسة البرسا لإخراجه من الضائقة المالية من خلال بيع سندات ربحية للمستثمرين، على أن يتم إرجاعها عام 2023 بفوائد قليلة، وبيع كمية أخرى من السندات للمشجعين وأعضاء النادي من جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي اعتبره منافسه فيكتور فونت مقدمة لكارثة اقتصادية على النادي يريدها لابورتا من خلال مقترحه.

المرشح فيكتور فونت وعد من جهته بإقناع ميسي بتوقيع عقد جديد مع النادي مدى الحياة رداً على ثنائي باريس سان جيرمان الأرجنتيني أنخيل دي ماريا وزميله السابق في البرسا البرازيلي نيمار اللذين أعربا عن رغبتهما في رؤية ميسي إلى جانبهما في باريس الموسم المقبل، بينما عبر المدرب رونالد كومان عن غضبه من تلميحات مسؤولي ولاعبي باريس سان جيرمان المتصاعدة حول احتمال التحاق ميسي بالنادي الباريسي، معتبراً الموقف بمثابة قلة احترام تجاه اللاعب والنادي الكتالوني، رغم أن القانون يسمح لميسي اليوم بالتفاوض مع من يريد تحسباً للموسم المقبل. 

ميسي كعادته التزم الصمت لحد الآن، لم يعلق على تسريب العقد أو على تصريحات مواطنه أنخيل دي ماريا وزميله السابق نيمار، لم يتحدث عن مستقبله، أو عن الاتصالات أو أي مفاوضات مع البرسا أو أي نادٍ آخر، ويحاول التركيز على تجاوز الفترة الصعبة التي يمر بها الفريق وعياً منه بأن الإخفاق في التتويج بلقب الدوري والخروج من دوري أبطال أوروبا سيزيد من الضغوطات المفروضة عليه، ويكرس قناعة من يعتقدون بأن ميسي هو الذي تسبب في هذه الوضعية منذ أعلن عن نيته في الرحيل الصيف الماضي، وهو الذي تسبب في إفلاس النادي من خلال الأموال التي يتلقاها والتي رفض إعادة النظر فيها ولن يرضى بأقل منها مقابل التجديد.

برشلونة من جهته لا يريد التفريط في ميسي مهما كانت الظروف، لكن الثمن سيكون باهظاً، ربما لن يقدر على دفعه برشلونة في الظرف الراهن الذي سيفرض على الرئيس الجديد مزيداً من الاستدانة، أو فتح رأسمال النادي للاستثمارات الخارجية خاصة في ظل تراجع المداخيل والنتائج الفنية وتراجع أداء ميسي أيضاً. 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حفيظ دراجي
المُعلق الرياضي الجزائري
إعلامي شهير، ومُعلق رياضي جزائري.
تحميل المزيد