الفتوحات الرمضانية.. أعظم الانتصارات الإسلامية في سجل الشهر الكريم

رغم أنه شهر صيام يحمل مشقة وانقطاعا عن تناول الطعام والشراب طيلة اليوم، وفي الظروف الطبيعية الصعبة للجزيرة العربية ومحيطها الجغرافي، المتسمة بمناخ صحراوي قاس في فترات طويلة من السنة؛ فإن شهر رمضان شهد أهم وأكبر الانتصارات العسكرية التي حققها المسلمون، وهي الانتصارات التي شكلت تحولا جيو استراتيجيا غيّر خريطة العالم الذي كان إلى غاية ظهور الدعوة الإسلامية موزعا بين مناطق نفوذ إمبراطوريات كبرى من الشرق والغرب، وعلى رأس تلك الفتوحات فتح مكة المكرمة الذي كان حدثا مؤذنا بصعود نجم الإسلام في المنطقة والعالم.

غزوة بدر.. أم المعارك التي مرغت جيش قريش الجرار

تعتبر غزوة بدر المعركة الأكثر رمزية في تاريخ الدعوة الإسلامية وتلقب بأم المعارك، والحدث الفارق الذي كشف قدرة المسلمين على دحر خصومهم، بصرف النظر عن ميزان القوة من حيث العدد والعدة، إذ انتصرت جماعة المسلمين على قلتها وضعف تسليحها، في مواجهة جيش قريش الجرار الذي كان يحمي تجارة ضخمة.

معركة بدر الكبرى التي كسر المسلمون فيها كبرياء وغطرسة قريش وقتلوا منهم سبعين رجلا

يعود أصل المعركة التي جرت في 17 من رمضان، إلى خروج قافلة تجارية من مكة يقودها أبو سفيان، ولما خرج إليها الرسول محمد ﷺ ومجموعة من المسلمين، غيّر أبو سفيان مسار القافلة، وبعث إلى مكة يطلب إرسال تعزيزات لتأمين القافلة، وهو ما انتهى إلى مواجهة عسكرية في رمضان من السنة الثانية للهجرة.[1]

كانت مواجهة غير مسبوقة من نوعها بين جماعة المسلمين الأوائل الذين اضطرهم ظلم وبطش وجهاء قريش إلى الهجرة، مدعومين ببعض الأنصار الذين استقبلوهم في المدينة المنورة، وقد انكسرت فيها قوة تعدادها حوالي ألف مقاتل جاؤوا من مكة يتقدمهم عمرو بن هشام (أبو جهل)، أمام 314 رجلا من المسلمين.

خريطة معركة بدر حيث التقى 314 رجلا مسلما مقابل 1000 من المشركين

غنم المسلمون في هذه المعركة كثيرا من المغانم المادية، لكن أهم مكسب حققوه هو تلك الطفرة المعنوية بتحقيق أول نصر عسكري على مشركي قريش، ومن ثم اكتساب الثقة في النفس واليقين من نصر الله، مهما كانت الظروف صعبة وقاسية، إذ ظفروا بالمعركة رغم قلة العدد وضعف العتاد ووقوع المواجهة في عز شهر رمضان.

.. غدر قريش الذي غيّر تاريخ الجزيرة العربية

يعتبر دخولُ الجيش الإسلامي بقيادة الرسول محمد ﷺ إلى مكة المكرمة، في 23 رمضان من السنة الثامنة للهجرة، الفتحَ الإسلامي الذي غيّر وجه المنطقة وفتح الباب واسعا أمام الدعوة الإسلامية نحو الانتشار والثبات.[2]

ورغم أهميته السياسية والعسكرية وأثره الكبير على مستقبل المنطقة، إن لم يكن العالم كله، فإن ما يميز هذا الفتح كونه وقع بطريقة سلمية تكاد تخلو من العنف والدماء، إذ أمر الرسول محمد ﷺ المسلمين بكف سيوفهم بعدما فتحت لهم أبواب مكة دون مقاومة، بل إنه أمر بتأمين من طلب اللجوء واستأمنه من قادة قريش المكذبين لدعوته.

جاء فتح مكة في العام الثامن للهجرة سلميا بدون قتال

كان أبو سفيان يتصدر أعداء المسلمين، وحين أقنعه جيش المسلمين الجرار ونصيحة عم الرسول محمد ﷺ العباس بن عبد المطلب بدخول الإسلام، أصبح بيته ملاذ كل راغب في الأمان، بعدما قال الرسول ﷺ قولته الشهيرة: “ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن”.[3]

كان المسلمون اللاجئون في المدينة المنورة بقيادة الرسول محمد ﷺ، يرتبطون باتفاقية هدنة تعرف باسم “صلح الحديبية”، لكن قريشا نقضت الاتفاق حين ساعدت قبيلة بكر في حربها ضد خزاعة، وهو ما جعل الرسول ﷺ يستنفر المسلمين للزحف نحو مكة وفتحها.

فتح مكة في العام 8 للهجرة كان تغييرا جذريا في تاريخ الفتوحات الإسلامية

وكان من بنود صلح الحديبية الموقع سنة 6 الهجرية بين الرسول محمد ﷺ وقريش (وكان يفترض أن يستمر العمل بالاتفاق عشر سنوات)[4]، أن من أراد الدخول في حلف الرسول وعهده دخل فيه، ومن أراد الدخول في حلف قريش وعهدهم دخل فيه، فدخلت قبيلة خزاعة في عهد الرسول الأمين، ودخلت بنو بكر في عهد قريش. ثم أراد بنو بكر أن ينالوا من خزاعة ثأرا قديما لهم، فأغاروا عليهم ليلا وقتلوا منهم جماعة، وأعانت قريش في الخفاء بني بكر بالسلاح والرجال، خارقة بذلك بنود الصلح.[5]

شكّل فتح مكة تحولا جذريا في ميزان القوى وبداية تغيير فكري عميق، من خلال رفع راية الإسلام في المركز السياسي للجزيرة العربية وعاصمتها الروحية، إذ حطمت مئات الأصنام التي كانت ترمز إلى منظومة قيمية فاسدة قائمة على العبودية وتكريس الظلم والفوارق الاجتماعية، في مقابل رفع لواء التوحيد والمساواة والعدل والأخذ من مال الأغنياء لفائدة الفقراء.

معركة البويب.. ثأر رمضاني يخلخل أركان الإمبراطورية الفارسية

جرت فصول معركة البويب في أواسط رمضان من سنة 13 للهجرة، وتعتبرها المصادر التاريخية محطة مفصلية في تغيير ميزان القوى مع الجار الشرقي، الإمبراطورية الفارسية، وبداية دحرها وإزالة حكمها، وتعتبر هذه المعركة امتدادا وثأرا من جانب المسلمين من الهزيمة المعروفة بموقعة الجسر، فقد انهزم فيها المسلمون أمام الجيش الفارسي أواخر شهر شعبان من السنة نفسها، وفقد المسلمون قرابة نصف جيشهم (قرابة 4 آلاف شهيد)، بعد سلسلة من الانتصارات التي حققوها وهم يزحفون نحو العراق.

حدثت معركة البويب في أواسط رمضان من سنة 13 للهجرة بين المسلمين وجيوش الفرس

وكانت هذه المعركة من أشد ما عاشه المسلمون في فتوحاتهم الأولى، إذ واجهوا تحديا مختلفا من الناحية العسكرية، يتمثل في استعانة الفرس بالأفيال التي تصدرت جيشهم وسبّبت الرعب لخيول المسلمين، وكان مقتل قائد الجيش الإسلامي أبي عبيد بن مسعود الثقفي خلال مصارعته فيلا هائجا، إيذانا بانهزام بقية الجيش وفرارهم من المعركة، عبر جسر مكنهم من عبور نهر الفرات، وهو ما يفسر إطلاق لقب موقعة الجسر على هذه الهزيمة.

سببت الهزيمة انكسارا كبيرا في معنويات المسلمين الذين كانوا في أوج فتوحاتهم، وهو ما جعل الخليفة عمر بن الخطاب يسارع إلى إعلان النفير العام والتحضير للثأر وتدارك الوضع العسكري، فتجمع ما يقارب أربعة آلاف مقاتل جديد، سرعان ما تجهزوا بالسلاح والتحقوا ببقية الجيش المنسحب من معركة الجسر.

بعد وصول التعزيزات العسكرية الجديدة، وبينما كان الجيش الإسلامي يناور ميدانيا لترتيب المواجهة الجديدة مع الجيش الفارسي الآخر في تعقبه، اتفق الطرفان على عبور الجيش الفارسي لنهر الفرات حيث يوجد جيش المسلمين في الضفة الغربية، حيث قام المثنى بن حارثة الذي تولى قيادة الجيش بعد استشهاد أبي عبيد، بتحضير ميدان المعركة بشكل يجعل الفرس يقعون تحت حصار المسلمين في منطقة يقال لها البويب بعد عبورهم الجسر.

رغم الفارق الكبير بين جيشي المسلمين والفرس في معركة البويب، كانت الغلبة من نصييب المسلمين

وقد مكّنت هذه الخطة المسلمين من تشتيت الجيش الفارسي وقتل قائده، ثم تحقيق النصر رغم الفارق الكبير بين الجيشين من حيث العدد، فقد كان مجموع المسلمين حوالي 8 آلاف، مقابل عشرات الآلاف في صفوف الفرس، وكان الجسر مرة أخرى مفتاح النصر، فقطع المسلمون على الفرس طريق الفرار نحو الضفة الأخرى للفرات.[6]

وتعتبر معركة البويب الرمضانية خطوة مهدت بشكل كبير للموقعة الكبرى بين المسلمين والفرس، أي معركة القادسية التي جرت بعد نحو عامين، وتعتبر واحدة من المعارك المفتاحية لما ستصبح عليه دولة الإسلام من توسع وانتشار بعد فترة وجيزة من البعثة المحمدية، إذ كانت بمثابة انقلاب في كفتي ميزان القوة مع الجار الفارسي، تماما مثلما كانت معركة اليرموك إيذانا بتغلب المسلمين على الروم المسيطرين على الشمال الغربي من الجزيرة العربية.

فتح الأندلس.. سلسلة الانتصارات على البر الأيبيري

فتح الأندلس هو أكبر وأهم فتح إسلامي بعد العصر النبوي وعهد الخلفاء الراشدين، فقد عبر المسلمون البحر المتوسط انطلاقا من المغرب ودخلوا الأندلس، وكان أكبر وأهم الانتصارات والاختراقات الكبرى في السنوات الأربع التي استغرقها هذا الفتح يقع خلال شهر رمضان، انطلاقا من العبور الأول في عام 91 للهجرة، وتواصل هذا الأمر في السنوات اللاحقة، فقد ظل شهر رمضان يشهد المواجهات الكبرى التي ينتصر فيها المسلمون ويتقدمون على إثرها في العمق الأوروبي.[7]

ويعتبر القائد العسكري طارق بن زياد فاتح الأندلس الأول، وقبل تكليفه بالمهمة التي ستدخل كتب التاريخ وتغيّر وجه وجغرافية العالم؛ أي فتح الأندلس، ولّى موسى بن نصير طارق بن زياد مهمة والٍ على مدينة طنجة المغربية، كخطوة أخيرة قبل عبور البحر المتوسط.[8]

ولم يكن الفتح الإسلامي للأندلس معركة واحدة جرى خلالها عبور البحر الأبيض المتوسط، بل كانت رحلة طويلة تخللتها معارك كبرى، يشهد التاريخ كيف أن أغلبها جرى في شهر رمضان.

ففي هذا الشهر من سنة 91 للهجرة، كان العبور الأول الذي أقدم عليه الجانب الإسلامي على سبيل الاختبار واستطلاع الوضع في الضفة الشمالية لبحر المتوسط، وعاد القائد العسكري طريف بن مالك من تلك الغزوة بغنائم وفيرة وانتصارات عسكرية كاسحة بسط معها السيطرة على الجزيرة الخضراء.[9]

يعتبر القائد العسكري طارق بن زياد فاتح الأندلس الأول

وفي شهر رمضان من السنة الموالية، أي 92 للهجرة، خاض المسلمون معركة وادي لكة الشهيرة التي كانت حاسمة في تمهيد الطريق للاكتساح الإسلامي لشبه الجزيرة الأيبيرية، وقُضي على جيش الملك القوطي-الجرماني المعروف باسم لذريق. وفي رمضان الموالي، أي سنة 93 للهجرة، عبر موسى بن نصير نحو الأندلس، يرافقه جيش من المقاتلين أغلبهم من العرب، ليلتحق بجيش طارق بن زياد ويدعمه في زحفه المتواصل على الأراضي الأيبيرية.

ومع حلول شهر رمضان من سنة 94 للهجرة، فتح جيش المسلمين مدينة ماردة بعدما استعصت عليهم لفترة طويلة، وكانت لهذا الفتح فائدة مزدوجة، فإلى جانب ضم مدينة حصينة ومحاطة بتضاريس وعرة إلى مجال النفوذ الإسلامي، كان اقتحام حصون ماردة يعني أيضا القضاء على فلول الجيش القوطي وكبار القادة العسكريين لملكهم لذريق، ممن لاذوا إثر هزيمتهم في معركة وادي لكة بمدينة ماردة وتحصنوا بداخلها.[10]

معركة.. درس الخليفة العباسي القاسي لتأديب الروم

معركة عمورية هي من الفتوحات المتأخرة التي حققها المسلمون، ويعود تاريخها إلى العام 223 للهجرة، وقد انتصر خلالها جيش الدولة العباسية على جيش الدولة البيزنطية، حيث تولى الخليفة المعتصم بالله بنفسه قيادة الجيش الإسلامي في هذه المعركة.

لم تفتر الحروب والمواجهات بين المسلمين والامبراطورية البيزنطية منذ فجر الإسلام الأول، لكن هذه المعركة كانت إشارة نهاية لفترة هدنة امتدت قرابة عشرين عاما، كانت خلالها الدولة العباسية والإمبراطورية البيزنطية تواجهان اضطرابات وتحديات داخلية.

على حصانه الأبلق، لبى المعتصم صرخة المرأة المسلمة، فدك بسببها حصون عمورية وقتل منهم 90 ألفا

تنسب المصادر التاريخية أصل معركة عمورية إلى استنجاد امرأة مسلمة بالخليفة العباسي، مطلقة العبارة الشهيرة: “وامعتصماه” التي بلغ صداها القصر العباسي في بغداد، ليقرر الخليفة قيادة جيش جرار لصد الهجوم البيزنطي على الثغور الإسلامية، خاصة أن الرواية التي أبلغت ما وقع للمعتصم تقول إن الإمبراطور البيزنطي سخر من المرأة التي كانت تستنجد به.[11]

كان الإمبراطور البيزنطي قد هاجم مناطق إسلامية تقع في الأراضي التركية الحالية، وأمعن في التقتيل والتنكيل وسبي النساء، مما جعل الخليفة العباسي يتحرك لرد الغزو والثأر للضحايا المسلمين.[12] وقد زعم بعض المنجمين أنهم استطلعوا السماء، واكتشفوا أن هذا الخروج سيكون شؤما على الخلافة العباسية، لكن ذلك لم يثن المعتصم عن عزمه، بل أصر على الزحف والثأر لضحايا الغزو البيزنطي.[13]

تقع مدينة عمورية في شبه جزيرة الأناضول، وتتمتع بأهمية تاريخية واستراتيجية خاصة، ذلك أنها كانت أصل الأسرة الإمبراطورية الحاكمة وقتها، وتقول المصادر التاريخية إن الخليفة المعتصم قرر استهدافها لكونها أكثر مدن الروم مناعة واستقرارا، حتى تكون الرسالة من الهجوم واضحة ورادعة.

رب وامعتصماه انطلقت.. ملء أفواه الصبايا اليتم.. لامست أسماعهم لكنها.. لم تلامس نخوة المعتصم

صادف وصول الجيش العباسي إلى محيط مدينة عمورية انشغال الإمبراطور توفيل بن ميخائيل باضطرابات سياسية داخلية في القسطنطينية، وهو ما جعله يبعث الرسل إلى الخليفة العباسي مقدما الاعتذار على غزواته السابقة وعارضا التعويض والإفراج عن الأسرى، لكن المعتصم أصر على دخول المدينة، فاستسلمت له بعد نحو 11 يوما فقط من الحصار، فدخلها يوم 17 رمضان 223 هـ، الموافق 12 آب/أغسطس 838 م.

وحاز المسلمون غنائم هائلة في هذه المعركة، ثم غادروا المدينة بعد إتلاف وحرق كل ما يمكن أن يستعمل لأغراض عسكرية في وقت لاحق، وكان ذلك درسا بليغا رد الاعتبار للمسلمين ودولتهم.[14]

معركة.. استغاثة آخر ملوك الطوائف لإعادة فتح الأندلس

ليست معركة الزلاقة معركة فتح إسلامي جديد كما هو الحال مع المعارك الأخرى، ورغم ذلك فإن هذه الموقعة التي تواجه فيها جيش المسلمين مع جيش الفرنجة في القسم الجنوبي من إسبانيا الحالية، كانت بمثابة فتح ثان للأندلس، ذلك أنها مكنت جيش الدولة المرابطية من استعادة السيطرة ودحر الجيوش المسيحية التي كانت تزحف تدريجيا، مستفيدة من مرحلة أمراء الطوائف التي تلت سقوط الدولة الأموية في شبه الجزيرة الأيبيرية.

دارت أحداث معركة الزلاقة في رمضان من سنة 479 هجرية، بقيادة السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين

دارت فصول هذه المواجهة في رمضان من سنة 479 الهجرية، وقادها السلطان المرابطي الشهير يوسف بن تاشفين الذي عبر البحر الأبيض المتوسط على رأس جيشه، تلبيةً لنداء آخر ملوك الطوائف المعتمد بن عباد، وسيكون مصيره العزل والنفي في ضاحية مدينة مراكش، لما اعتبره يوسف بن تاشفين من مسؤولية شملت جميع ملوك الطوائف فيما آلت إليه أوضاع المسلمين من ضعف في الأندلس.

معركة عين جالوت.. ثأر المماليك من الغزو المغولي

على غرار معركة الزلاقة تعتبر معركة عين جالوت من المعارك الكبرى التي يمكن اعتبارها بمثابة الفتح الثاني لبلاد سبق أن بلغتها الفتوحات الإسلامية الأولى، وبينما ردّت معركة الزلاقة جيوش الفرنجة عن بلاد الأندلس، ومنعت سقوطها مجددا تحت السيطرة المسيحية؛ جاءت معركة عين جالوت لتستعيد قسما آخر من البلاد الإسلامية، كانت جيوش التتار المغول قد اجتاحتها مخلفة سقوط الدولة العباسية.

في رمضان من سنة 658 هجرية دارت أحداث معركة عين جالوت بين المسلمين والتتار بقيادة سيف الدين قطز

انطلق جيش المسلمين نحو هذه المعركة في رمضان من سنة 658 الهجرية، وقادها من الجانب الإسلامي السلطان المملوكي سيف الدين قطز، ودارت فصولها في قرية عين جالوت الواقعة قرب نابلس، حيث شهدت المواجهة فصولا من الكر والفر، إلى أن انتهى الأمر باندحار جيش التتار وانتصار المسلمين، وفتح الطريق أمام استعادة البلاد الإسلامية التي جرى احتلالها بعد سيطرة المغول على عاصمة الخلافة الإسلامية بغداد.

بعد استيلائهم على بغداد وتدميرهم لها، امتد ظلم التتار غربا حتى كانت نهايتهم في عين جالوت

وقع الاشتباك المباشر بين الجيشين الإسلامي والمغولي يوم 25 رمضان، وكانت البداية لصالح التتار، حين استطاعوا اختراق مقدمة الجيش المملوكي، وتشتيت ميسرة الجيش الإسلامي، لكن قطز بثباته وإبداء عزمه على الظفر بالمعركة، استطاع إعادة ترتيب صفوف جيشه، وكانت الهجمة المضادة التي قام بها كافية لإرباك المغول الذين ألفوا الانتصارات السهلة والسريعة، فتصدع جيشهم واضطروا إلى التراجع منهزمين.[15]

معركة حطين.. يوم مشهود كسر شوكة الصليبيين وحرر القدس

هناك معركة فتح واسترداد أخرى شهدها التاريخ الإسلامي وصادفت شهر رمضان، وتتمثل في معركة حطين الشهيرة التي قادها القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، واستطاع من خلالها استعادة القدس من يد الاحتلال الصليبي، إذ كان انتصاره في المعركة فاتحة خير عليه، ومكنه من تعزيز صفوف جيشه بكثير من المسلمين الذين التحقوا به.[16]

معركة حطين بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي سنة 1187 حطمت آمال الصليبيين في بيت المقدس

حطين قرية تقع بالقرب من قرية المجاودة، بين الناصرة وطبريا (شمال غرب فلسطين)، وقد سمحت طبيعة جغرافية القرية بجعل الجيش الصليبي يقع في شبه حصار وسط جنود الجيش الإسلامي، مما سمح بتحرير القبلة الأولى للمسلمين، ومسرى الرسول محمد ﷺ، والثأر للمجازر الدموية الرهيبة التي ارتكبها الصليبيون ضد المقدسيين.

وبعد نجاح صلاح الدين الأيوبي في إعادة بناء الجبهة الإسلامية واسترداد القدس من يد الصليبيين وقضائه على جيشهم في معركة حطين الشهيرة عام 1187 م، جاء رد الفعل الصليبي اللاحق على هذا النصر الإسلامي، من جانب البابوية المسيحية صاحبة المشروع الصليبي في الأصل، وفرنسا ممثلة في شخص ملكها “لويس التاسع”، إذ عبأ 50 ألف مقاتل لشن حرب صليبية جديدة.

حين لا تكون الأرض أرضك كما كان حال الصليبيين في القدس، فإنك لا بد وستخرج منها راغما ذليلا

وبما أن القدس أصبحت تابعة لحكم مصر، فإن الجيش الفرنسي-الصليبي قرر التوجه أولا نحو مركز القوة الإسلامي الجديد في مصر، كخطوة ضرورية على طريق احتلال القدس من جديد، لكن الأمر سينتهي بالملك الفرنسي “لويس التاسع” أسيرا مكبلا في مدينة المنصورة المصرية، على يد جيش المماليك الأيوبي، وذلك في شهر رمضان من عام 647 للهجرة.[17]

وهكذا هو مصير كل الغزاة.

 

المصادر

[1] https://www.aljazeera.net/blogs/2019/5/23/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A8%D8%AF%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86

[2] https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2016/6/25/%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%86%D9%82%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9

[3] https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2016/6/25/فتح-مكة-نقطة-التحول-الكبرى-لمسيرة

[4] https://islamonline.net/archive/فتح-مكة-الخطة-وعبقرية-التنفيذ/

[5] https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2016/6/25/فتح-مكة-نقطة-التحول-الكبرى-لمسيرة

[6] https://www.aljazeera.net/politics/2023/3/29/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A8%D8%AF%D8%B1-%D9%88%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%84%D9%8A%D9%81-%D8%A3%D8%A8%D8%B1%D8%B2-10

[7] /reports/2021/4/14/%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%B6%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B1

[8]  “رجال نفتقدهم”، الشيخ محمد صويد، المركز الإسلامي للإعلام والإنماء

[9] https://www.albayan.co.uk/Article2.aspx?id=6675

 

[10] https://www.albayan.co.uk/Article2.aspx?id=6675

 

[11] https://www.youtube.com/watch?v=95pJoPHSZ64

[12]  محمد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك أو تاريخ الرسل والملوك (تاريخ الطبري)، الناشر: بيت الأفكار الدولية.

[13] https://www.youtube.com/watch?v=95pJoPHSZ64

[14] Meinecke، M. (1995). “al-Raqqa”. The Encyclopedia of Islam

[15] https://www.alukah.net/culture/0/7338/الغزوات-والفتوحات-والانتصارات-في-شهر-رمضان/

[16] https://hafryat.com/ar/blog/10-معارك-إسلامية-كبرى-وقعت-في-رمضان

[17] https://www.youtube.com/watch?v=c3CTixdxMQc&feature=youtu.be