غادة رجب: “روتانا” تدمّر فنانيها

مقارنتي بـ"نجاة" نعمة نجاح وليست "نقمة" تقليد

مقارنتي بـ”نجاة” نعمة نجاح وليست “نقمة” تقليد

عبد الرحمن سلام:

في العام 2012، فاجأت المطربة المصرية غادة رجب الوسط الانتاجي – الفني بفك ارتباطها مع احدى اكبر شركات الانتاج الغنائي في العالم العربي (روتانا)، في الوقت الذي كانت فيه غالبية “نجمات” الغناء في لبنان وبقية العواصم العربية يسعين جاهدات للانضمام الى الشركة المذكورة، طمعاً بألبوم غنائي من انتاجها هنا، أو بتصوير فيديو كليب هناك، أو حتى أملاً بأن يكنّ على لوائح الحفلات الغنائية التي تتبناها وتنتجها الشركة.

وكان من الطبيعي، مع حدوث “فك الارتباط” هذا، ان تغيب غادة رجب عن الساحة الفنية لفترة، ريثما تعيد ترتيب اوراقها، وتجهّز لعودة متجددة وقوية، وهذا ما حدث بالفعل، حيث شكلت عودتها الى الساحة الغنائية مفاجأة، ومن خلال ألبوم غنائي بـ”اللغة التركية” حمل عنوان “صورتي” طرحته بالتزامن مع النسخة العربية في كل الأسواق.

■ هناك الكثير من التساؤلات التي تُطرح حول المطربة الشابة غادة رجب. ربما بعضها يعود الى البدايات. وربما بعضها يرتبط بالمسيرة التي بدأت في اواخر التسعينيات من القرن المنصرم، وما كان متوقع منها، وصولا الى اليوم، حيث ان غادة رجب الـ2015 هي غيرها في العام 1990؟

– صحيح… والتبدل الذي تشير اليه، وأنت الذي كنت من اوائل من رافقوا بدء مسيرتي عبر مجلة “فن” في العام المذكور، يؤكد الخطوات التي قطعتها، من صبية محبة للغناء الى “مطربة” لها موقعها ومكانتها وجمهورها وحفلاتها واغنياتها الخاصة، وهذا ان دل على شيء، فعلى أن المسيرة كانت، بفضل الله، ودعم الاعلام، والناس، ناجحة.

■ لنبدأ من نقطة “العودة” والتي يمكن ان نحددها في العام 2012، وأسألك في هذا المجال عن رأيك في تعبير “عودة بعد غياب”، وان كنت تؤيدينه؟

– بالتأكيد، لأن الامر شكل يومذاك عودة بعد سنوات من التوقف، والسبب، كما ذكرت لك في بداية اللقاء، وقبل دوران آلة التسجيل، كانت شركة الانتاج “روتانا” التي “اقنعتني” بالفعل، أن تسهم في “تدمير” كل من يتعاون معها. وكيف عمدت الى “اخفاء” ألبومي الاخير الذي كان من انتاجها “اوقات بحن”. وكيف ان هذا “الاخفاء” كان عن سابق تصور وتصميم. برغم ان الالبوم المذكور، من وجهة نظري الفنية، كان من اهم الالبومات في حياتي الفنية.

■ في رأيك. لماذا تعمد شركة انتاج على مستوى “روتانا” الى “طمس” ألبوم متميز، تولت هي انتاجه وصرفت عليه مئات ألوف الجنيهات؟

– هذا السؤال اتمنى ان يوجه للقيمين على “روتانا”. فأنا اؤمن بأن في الأمر، وكما يقول المثل “قطبة مخفية”. لم اتوصل بعد الى حل “شيفرتها”، وفي المقابل، ارفض ما نقله لي البعض، بأن السبب هو لـ”لارضاء فنانة ـ مطربة كبيرة” ذكرت ذات مرة بأن غادة رجب نسخة مصغّرة شكلا وأداء، عنها”.

■ تقصدين ما ذكرته بعض وسائل الاعلام يوم قارنتك بالمطربة الكبيرة نجاة الصغيرة؟

– قلت لك في ردي السابق انني ارفض ما نقله لي البعض حول السبب، وربطه بالاستاذة الكبيرة “نجاة” التي ما عادت “صغيرة” وإنما اصبحت كبيرة جدا، فناً وقيمة غنائية… وثانياً، أنا اعتبر مثل هذه المقارنة، ان حدثت بالفعل، شهادة تحسب لمصلحتي، وتسعدني، خصوصا وانني، في بدايتي، وكما تعلم انت شخصيا، خطوت اولى خطواتي على نهج المطربة القديرة “نجاة”،  وعندما تأكدت ان الساحة الفنية تحسن استقبالي، وكذلك الجمهور، بدأت اخطّ لنفسي مسارا جديداً ومختلفا.

■ لكن البعض يرى ان هذا المسار لم يبتعد كثيرا عن مسار وأسلوب “نجاة”. لا من حيث الأداء، ولا من حيث اللون الغنائي؟

– اذا كان هناك بالفعل، وكما تذكر، تشابهاً في اسلوب الغناء، واللون الغنائي، فهذه “نعمة” وليس “نقمة”. فالكبيرة “نجاة” وصلت الى ما وصلت اليه من نجاحات فنية، وموقع على الساحة الغنائية، بفعل الاسلوب واللون اللذين تشير اليهما، وهما من دون ادنى شك لون وأسلوب تميّزا بالرقي والاحساس والاحترام، ان من حيث الكلمة او اللحن او الاداء. أنا لا انكر ابدا انني عشقت المطربة “نجاة” منذ صغري، بمثل ما عشقت الراحلة الكبيرة ام كلثوم وبقية عمالقة الغناء في الوطن العربي، لكنني عملت بالمثل الشعبي الذي يقول “مدّ بساطك على قد رجليك”، و”بساطي” كان تشابه خامة صوتي مع خامة صوت المطربة “نجاة”، وإنما حاولت، ونجحت، بالابتعاد عن تقليدها.

■ الخامات الصوتية قد تتشابه، وهذا ليس عيباً فنياً. ولكن المشكلة ان يقع الفنان في “مطّب” التقليد؟

– وهل وقعت الراحلة الكبيرة سعاد محمد في مثل هذا “المطب” عندما اختارت غناء القصائد، او عندما قدمت اللون الغنائي الشبيه باللون الذي كانت تؤديه كوكب الشرق؟ وهل وقع محرم فؤاد رحمه الله بمثل هذا “المطب”، وهو الذي تم اختياره من قبل كبار الملحنين، وبعض منتجي السينما، لينافس العندليب عبد الحليم حافظ، رغم تشابه اسلوبهما في الغناء؟

لو حدث مثل هذا “الوقوع”، لما كان اسم الراحلة سعاد محمد مستمرا في الوجدان، ولا تحقق للراحل محرم فؤاد النجاح الكبير لاغنياته، منذ ان لعب بطولة فيلم “حسن ونعيمة” امام سعاد حسني، وإلى أن رحل عن هذه الدنيا.

ولأن “تهمة التقليد” اقلقتها، وما زالت ـ كما يبدو ـ تتابع غادة رجب ذكر البراهين، لدحض الاتهام، فتقول:

– انا دارسة لتاريخ الغناء العربي، وأعتبر نفسي، بكل تواضع، مثقفة فنياً، كما انني ابنة احد كبار عازفي الكمان في الوطن العربي، الذي دربني وعلمني وأتقن تثقيفي غنائيا. و”ثروتي” في هذا المجال، كشفت لي بأنني على طريق الغناء في الوطن العربي، العديد من الاصوات المتشابهة، ولكن اصحابها يتمايزون في اسلوب الاداء، وفي اختيار الالحان. وعودة متواضعة الى “زمن الغناء الجميل”، اي الى مرحلة الخمسينيات وصولا الى بداية القرن الحالي الجديد، تكشف لأي مثقف فني وباحث، عن وجود الكثير من الاصوات الكبيرة التي تشابهت مع اصوات سبقتها، ورغم ذلك، نجحت، قبل ان ترحل، في تأمين مكان لها على الساحة، ومن هؤلاء على سبيل المثال: عادل المأمون الذي شُبّه صوته بصوت موسيقار الاجيال المطرب محمد عبد الوهاب، والسيدة وردة الجزائرية التي اطلت اول ما اطلت من لبنان آتية من باريس، لصاحبة صوت (وشكل ايضا) شبيه بصوت الكبيرة نجاح سلام. وعفاف راضي التي وصفها الكثيرون بأنها “فيروز مصر”، الى آخر ما هنالك من اسماء، وأصوات متشابهة.

■ لننتقل الى المحور الثاني من حوارنا، ويتعلق باختيارك العودة من خلال ألبوم غنائي باللغة التركية. لماذا؟

– بصراحة… أردت من ألبومي هذا أن يكون “رسالة حب” الى الشعب التركي، لا سيما وان هذا الالبوم يعتبر الاول من نوعه من حيث المزج بين الموسيقى العربية والتركية.

■ الألبوم المذكور حمل عنوان “صورتي”… فهل اردت، من خلال هذا العنوان الاعلان عن شيء ما؟

– ابدا… كل ما في الامر ان الاسم لفتني، وهو عنوان لاحدى اغنيات الألبوم، وقد تفاهمت مع شركة الانتاج على هذا الاختيار، وهذا ما كان.

■ غادة… هل من صلة بين بطولتك لمسلسل “سنوات الضياع” عبر (13) حلقة، وبين تقديم ألبوم كامل باللغة التركية؟

– ما حدث انني تلقيت دعوة من القناة التركية (TRT) يومذاك، لحضور حفل افتتاحها. وبما انني كنت كممثلة ـ مطربة مشاركة في انتاجها، مسلسل “سنوات الضياع” عبر (13) حلقة ومعي المطرب التركي “شاهين” الذي يتقن غناء العربية، كان عليّ ان “اعاود” حفظ الاغنيات حتى اظهر بشكل جيد في هذا الحفل، خصوصا ان رئيس جمهورية تركيا اليوم، رجب طيب اردوغان (وكان يومذاك رئيسا للوزراء) رعى حفل الافتتاح المذكور. وقد ظهرت في الحفل بشكل جيد، نال اعجاب الجمهور التركي والجاليات العربية، وقد اشاد الكل بنجاح هذه التجربة، ما شجعني على انتاج ألبوم غنائي باللغة التركية.

■ وهل شجعك هذا الواقع الجديد في مسيرتك الغنائية ـ التمثيلية على تعلّم اللغة التركية؟

– اللغة تعلمتها اثناء وبعد التصوير، ومن خلال “كورسات” (ساعات تعلّم) مكثفة استمرت لأكثر من عام، وهذا الامر (التعلم) ساعدني في اختيار كلمات الالبوم.

■ “المقارنة” التي اشرنا اليها من خلال الحوار، بين اسلوب غناءك وأسلوب “نجاة”، هل كان لها حضورها او تأثيرها في تجربتك التركية؟

– على الاطلاق. فأنا رغبت الغناء بالتركية بسبب حبي لأسلوب هذا الغناء، ومن استمع الى ألبومي الغنائي اكد وجود اختلاف كبير، لا سيما في اغنية كليب “أوي… أوي” الذي غنيت فيه باللغتين التركية والعربية.

■ ألم ينتابك الخوف من التجربة التي وصفها الكل بـ”الجريئة”؟

– العكس هو الصحيح، لأنني كنت متحمسة جدا للفكرة، خصوصا بعد الحفل الذي سبق انتاج الالبوم وأقيم في دار “الاوبرا ـ مصر” والذي شاركني فيه عازف الكلارنيت الشهير في تركيا “حسنو”، حيث كانت ردود الفعل ممتازة، ما شجعني كثيرا على استكمال التجربة من دون خوف أو تردد.

■ نعلم ان لكل ألبوم غنائي، فريق عمل يتولى كل واحد فيه دورا. فمن ساعد غادة رجب في اختيار فريق عمل الالبوم؟

– مطربون اصدقاء من تركيا تربطني بهم علاقة مودة واحترام، مثل “سلامي شاهين” و”سليم شندران” و”سميح اردوغان”، وهؤلاء ظهروا معي في الفيديو كليبات  التي صورتها من الالبوم، لكنني، في الوقت ذاته، لم اتردد في ان يحمل “الاعداد” توقيع ابناء بلدي، ومنهم الشاعر الدكتور بهاء الدين محمد والشاعر هاني عبد الكريم والموزع الموسيقي محمد مصطفى.

■ غادة… أليس مستغربا بعض الشيء ان يغيب اسم والدك، عازف الكمان الشهير والمايسترو المتميز الذي رافقك في بداية المسيرة، ولا يزال، عن كثير من اعمالك؟

– مسؤوليات والدي المهنية كبيرة ولا تسمح له بالتفرّغ لكل جوانب اعمالي، وعندما يجدني بحاجة الى عونه، فلن يتأخر على الاطلاق بمديّ بالمساعدة المطلوبة.

■ هذا السؤال طرحته عليك لأن بعض الاقلام اشارت الى “سوء تفاهم” في علاقتكما الفنية؟

– ليس بيني وبين والدي إلا الاحترام والتقدير وكل التفاهم، وأرجو عدم زجي بمثل هذه “التفاهات”. فلوالدي مكانته الكبيرة في قلبي، واحترامه وتقديره في كل خطوة اخطوها، انسانية ـ عائلية كانت، ام فنية، وأنا اعتبره المستشار الاول والنصوح لي في كل خطواتي العملية.

■ كذلك، يتساءل البعض: لماذا قررت غادة رجب انتاج الالبوم على حسابها الخاص، وليس من قبل شركة انتاج؟ فالكل يعلم ان اكثرمن شركة كانت مستعدة لتبني المشروع؟

– على اثر تعاقدي مع “روتانا” والتجربة السيئة التي مرّ بها ألبومي، ثم غيابي عن الساحة لزمن، قررت خوض تجربة الانتاج، مع اعترافي بأنها جديدة عليّ، ولذلك اوليتها ما تستحق من الاهتمام، والحمد لله انها حققت النجاح، وفي النسختين العربية والتركية.

■ ورغم ذلك، سبق لك ان اعلنت انك لن تخوضي تجربة الانتاج مجددا؟

– صحيح… قلت ذلك في حينه لأن عملية الانتاج كانت شاقة، ولأنني لم اكن بعد ملمّة بكل تفاصيلها. اضافة الى ان المرحلة التي نتحدث عنها، كانت تشهد تسريب ألبومات على مواقع الانترنت.

■ واليوم؟

– الوضع اختلف وقد اكتسبت الخبرة الكافية ما يسمح لي بالعودة للانتاج.

وتعلق فرحة: … “وما أحلى الرجوع اليه.

فأبتسم وأنا أذكرها بأن هذه الجملة مقطع من اغنية “ايظن” للمطربة “نجاة”، فترد: “نجاة” هي المطربة. أما الكلمات فهي ملك مؤلفها الشاعر الراحل نزار قباني. فهل ممنوع عليّ أن استشهد بشعره؟

■ بعد الغناء بالتركية، تم تكريمك من قبل السفارة التركية في القاهرة؟

– حقيقة… لم اتوقع حدوث هذا التكريم، الى ان حدث بالفعل وتسلمت الدرع الذي حفر عليه سعادة السفير: “انني اعتبرك جسرا يصل بين مصر وتركيا في رسالة حب تجمع بين البلدين”. وكم كانت سعادتي بالغة وهو يعلن امام كل الحاضرين، رسميين واعلاميين، عن سعادته بتجربتي.

■ غادة… هل يمكن ان تفاجئي جمهورك ذات يوم، بالغناء بلغة اضافية؟

– لا استطيع الرد اليوم على مثل هذا السؤال، وكل ما استطيع تأكيده هو انني دائمة البحث عن الفن الراقي، وإذا ما وجدت فناً مختلفاً وبالمواصفات المتميزة فسأخوض التجربة، بأي لغة كانت.

■ ارجو ان لا تفسري سؤالي التالي على غير معناه، وإنما أنا أنقل لك ما سمعت من بعض جمهورك: لماذا رفض بطل مسلسل “سنوات الضياع” التركي، الظهور معك في احدى كليباتك؟

– على العكس… أنا اشكرك على طرح هذا السؤال لأنه يتيح لي وضع حد لبعض “الشائعات الخبيثة” التي شاءت النيل من ألبومي. فالذي حدث هو “اعتذار” بطل المسلسل، وليس “رفضه” الظهور في احد كليباتي، بسبب ارتباطه بعقد احتكار مع شركة انتاج، يمنعه ويقاضيه في حال مخالفة بنوده.

■ هل من مشروع غنائي او تمثيلي جديد في تركيا؟

– أقوم حالياً بـ”استطلاع” تواجدي الفني لدى الجمهور التركي، بعد التجربة التي مضى عليها زهاء السنتين. وألتقي بعض الفنانين الاتراك لدراسة تقديم اغنيات جديدة تشبه التجربة التي سبق وقدمتها ولاقت النجاح في كل من مصر والمدن التركية، وأعني الغناء باللغتين العربية والتركية. اما في ما يتعلق بالعمل السينمائي، فأنا افاضل حاليا بين اكثر من سيناريو لاختيار الانسب، مقدمة لخوض تجربة التمثيل السينمائي الحقيقية، لا سيما وان مشاركتي في “السندريللا” جاء بالمصادفة.

■ ماذا تقصدين بكلمة “المصادفة”؟

– اقصد ان مكالمة هاتفية جاءتنا الى المنزل، وكنت انا خارجه. كان المتصل هو المخرج القدير سمير سيف، حيث ردت عليه والدتي، وحددت لي معه موعد لقاء من دون علمي المسبق، وعلى اثر هذه المقابلة، تمت مشاركتي في “السندريللا” التي اضافت لي بالتأكيد، بفضل رعاية وخبرة واهتمام المخرج الذي اتوجه اليه، بالمناسبة، بكل الشكر والتحية.

■ سؤال اخير غادة… هل صحيح ان ألبوم “صورتي” (النسخة التركية) تكلف زهاء الثلاثماية ألف جنيه مصري؟

– نعم… وقد حقق اكثر من تكلفته بكثير بفضل الله اولاً، والجمهور ثانياً، والدعم الاعلامي اخيراً.

Leave a comment