هيرمس
شايل جيل
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

WE

علماء مسلمون غيروا وجه العالم 28-30

الحسن بن الهيثم .. مؤسس علم البصريات أطلقوا اسمه على كويكب فضائي
يذخر تاريخ الحضارة الإسلامية بأسماء المئات بل الألاف من العلماء الذين نجحوا في تغيير وجه الحياة بما قدموه للبشرية من اختراعات وابتكارات استفادت منها جميع العلوم والمعارف وبعضها لازال يستخدم حتى الآن. الجمهورية اونلاين ستستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الاختراعات والابتكارات التي قدمها علماء المسلمين فغيروا بها وجه الحياة على مر العصور.

صنع "قمرة" لدراسة انعكاسات الصورة فعرف العالم منها "الكاميرا" بعد عدة قرون

أول من قام بتشريح العين وأقسامها ولازالت مصطلحاته مستخدمة حتى الان في العالم


الحسن بن الهيثم عالم عربي مسلم .. يعتبر مؤسس علم البصريات حيث صحح المفاهيم السائدة في نظريات أرسطو وبطليموس وإقليدس، فأثبت حقيقة أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين، وليس العكس، وإليه تُنسب نظرية اختراع الكاميرا، كما كان أول من شرّح العين تشريحاً كاملاً ووضح وظائف أعضائها، فأطلق عليه الغربيون لقب أمير النور وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار. كما أورد كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ما زالت تعرف باسم "مسألة ابن الهيثم".

برع الحسن بن الهيثم في الكثير من العلوم منها الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة العلمية والإدراك البصري والعلوم، وهو من أوائل الفيزيائيين التجريبيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب فقط في محاولة تفسيرها رياضياً دون اللجوء لتجارب أخرى. وكان قد حاول بناء سد في اسوان لكنه لم ينجح وبعد مرور عدة قرون تبني مصر سدها العالي زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في نفس المكان.

احتفلت المنظمة الدولية للعلوم والثقافة (اليونيسكو) به وقامت بتكريمه خلال افتتاح "السنة الدولية للضوء وتكنولوجيا البصريات" التي تم افتتاحها في باريس في 2015، كم احتفل محرك البحث العالمي الشهير بمرور 1048 عام على ولادة ابن الهيثم، من خلال اصدار شعارا خاصًا (Doodle)، واستخدم في الصفحة الرئيسية للموقع يوم الأول من يوليو 2013 .وتم إطلاق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر، وكويكب في الفضاء اكتشفه عالم الفلك السويسري ستيفانو سبوزيتي قبل 16 سنة. ترجمت أعماله الى اللاتينية وغيرها وكان يُعرف عند الغرب بـ ALHAZENI- ولقبه علماء عصر النهضة بـ "بطليموس الثاني" و"الفيزيائي".

نقترب أكثر من العالم الفذ لنتعرف عليه

البطاقة الشخصية:

الاسم: أبو علي محمَّد بن الحسن بن الحسين البَصري

تاريخ الميلاد: سنة 354 هجرية / 965 ميلادية

محل الميلاد: مدينة البَصرة جنوبِ العراق

المهنة: عالم بصريات وطبيب عيون ومهندس وفلكي

الألقاب: شيخ البصرة - مؤسس علوم البصريات والضوء، وقد لُقب بأبو علم الطبيعة - أمير النور – عرفه علماء أوروبا باسم Al Hazen

 

محطات مهمة في حياته:

تميز ابن الهيثم بشدة الذكاء والنبوغ والتفكير الدائم فيما يحيط به من أشياء، فتأمل الطبيعة من حوله وقام بتحليل كل الظروف المحيطة، كما لم يكن يحب اللعب كأقرانه من الأطفال بل كان جادا يفضل الاطلاع والقراءة وكان يتميز بروعة خطه، لذلك اتخذ عمل نسخ الكتب مهنة له في مرحلة من حياته، فتعلم العلوم الدينية الا انه تطلع للمزيد من العلوم، خاصة وانه عاصر الكثير من العلماء الكبار الأصفهاني، والخوارزمي، وابن سينا، والفارابي، ابن عبد ربه، وابن النديم، وكان يتمنى أن يتعلم منهم العلم المفيد.

وأخذ الحسن بن الهيثم يقرأ جميع ما تقع يديه عليه من مختلف البلاد، مثل الهند، ومصر القديمة، والفُرس، ومن هنا جاءت معرفته الثرية عن العلوم الطبية والهندسية والفلكية. فقرأ معظم مؤلفات اليوناني جالينوس فاحتل مكانة كبيرة عند أمراء البصرة الذين كانوا يثقون به ثقة عمياء ويغدقون عليه بالمال، وقد أنفق كل هذه الأموال على الرحلات التي قام بها من أجل العلم، فسافر إلى الشام وبلاد فارس وبغداد وغيرها. وفضل أن يتخصص بـ (الكحالة) طب العيون. كما ذاع صيته أيضاً في الفلسفة والمنطق ومختلف العلوم الطبيعية، كما كان مهندسا متفوقا في أعمال الهندسة، وألف الكتب حول البنايات والمنشآت.

وذكر المؤرخ والطبيب العربي جمال الدين القفطي في كتابه "إخبار العلماء بأخبار الحكماء" أن الحسن بن الهيثم قال في بعض مجالسه: «لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملا يحصل النفع به في كل حالة من حالاته من زيادة أو نقصان»، فلما سمع الحاكم بأمر الله هذه الجملة أمر باستدعائه فورا من البصرة لتنفيذ مشروعه الطموح، واستجاب وتوجه الى مصر وخرج الحاكم لاستقباله في احدى ضواحي القاهرة والتي تُدعى الخندق تَقديراً له، وصحبه إلى منـزل خصصه لسكنه من أملاكه، وزوده بكل ما يلزمه من رعاية وحراسة ومعاش.

فذهب ابن الهيثم إلى أسوان ومعه جماعة من الصناع المحترفين في أعمال البناء ليستعين بهم على تنفيذ مشروعه الطموح، الا انه اكتشف بعد معاينة الموقع انه لا يصلح مع ما فكر فيه، وأن تنفيذه يكاد يكون مستحيلا، فبناء جسم على النيل في ذلك الوقت تفوق إمكانات عصره وفوق طاقة رجاله، فعاد ابن الهيثم مع فريقه الهندسي واعتذر الحاكم، فتظاهر بقبول عذره، عينه على بعض الدواوين، قبل ابن الهيثم.

وكان ابن الهيثم يدرك أن الحاكم رجلاً خطرًا لا يمكن الوثوق به. لذا ادعى ابن الهيثم الجنون خشية الحاكم، فأُجبر على الإقامة بمنزله حتى وفاة الحاكم بأمر الله 411 هجرية /1021 ميلادية ووفقًا لما ذكره "القفطي" عاد ابن الهيثم لحياته الطبيعية واثبت انه لم يكن مجنونا انه ادعى ذلك خوفا على حياته وعاش لبقية حياته بالقرب من مسجد الأزهر في القاهرة وكرس حياته للعلم ولكتابة مؤلفاتٍ شتى في الرياضيات، وكيفية التدريس، وكسب المال عن طريق نسخ النصوص والمؤلفات.

 

ابن الهيثم والكاميرا

ينسب معرفة العالم للكاميرا إلى ابن الهيثم هذا العالم الفذ أول من أجرى تجارب بواسطة آلة الثقب أو البيت المظلم أو الخزانة المظلمة وأطلق عليها اسم (قمرة) واكتشف منها أن صورة الشيء تظهر مقلوبة داخل هذه الخزانة فمهد بهذا الطريق إلى ابتكار آلة التصوير التي اخذت اسمها من صندوق ابن الهيثم وهم (كاميرا)وبهذه الفكرة وتلك التجارب سيق ابن الهيثم العالمين الإيطاليين " ليوناردو دوفنشى " " ودلا بورتا " بخمسة قرون.

 

مؤلفاته

كان ابن الهيثم غزير التأليف في شتي أنواع المعرفة، فكتب في البصريات، الرياضيات، والطب، والفلك، والفلسفة والمنطق واستحدث انماطا جديدة من الفكر العلمي الأصيل، وبلغت مؤلَّفاتُ ابن الهيثم وآثاره ما يزيد على 160 كتاباً ومقالة ورسالة في مختلف العلوم كما أوردها ابنُ أبِي أصيبعة في كتابه (عيون الأنباء في طبقات الأطبَّاء)، في المناظر (البصريات)ـ والرياضيَّات، والفلك، والعلوم الطبيعيَّة، والإلهيَّة، والطبِّ، والفلسفة والمنطق والسياسة وغيرها.

وكتب ابن الهيثم في البصريات 24 موضوعًا ما بين كتاب ورسالة ومقالة، غير أن أكثر هذه الكتب قد فُقدت فيما فقد من تراثنا العلمي، وما بقي منها فقد ضمته مكتبات إستانبول ولندن وغيرهما، وقد سلم من الضياع كتابه العظيم "المناظر" الذي احتوى على نظريات مبتكرة في علم الضوء، وظل المرجع الرئيسي لهذا العلم حتى القرن السابع عشر الميلادي بعد ترجمته إلى اللاتينية.

ويعد كتاب (المناظر) من أروع وأهم وأشمل ما كتب ابن الهيثم وقد رتَّبه في سبع مقالات؛ ونُقل هذ الكتابُ إلى اللغة الإيطالية في القرن الرابع عشر الميلادي، ثم نَقله جيرارد الكريمونِي Gerardus Cremonensis  إلى اللغة اللاتينية من العربيَّة مباشرةً؛ كما نقله إلى اللاتينيَّة أيضاً البولونِي فيتليو  Vitelo  واستفاد منه كبار علماء أوربا في عصر النهضة.

وكتب في الهندسة، 58 مؤلفًا، تضم آراءه وبراهينه المبتكرة لمسائل تواترت عن إقليدس وأرخميدس بدون برهان أو في حاجة إلى شرح وإثبات. ويوجد في مكتبات العالم في القاهرة ولندن وباريس وإستانبول أكثر من واحد وعشرين مخطوطا لابن الهيثم في هذا التخصص.

وفي الحساب والجبر والمقابلة قدم ما لا يقل عن 10 كتب، لا يوجد منها سوى مخطوطات قليلة في مكتبة عاطف بتركيا منها: حساب المعاملات، واستخراج مسألة عددية.

وفي الفلك أبدع ابن الهيثم وأسهم فيه بفاعلية حتى أُطلق عليه "بطليموس الثاني"، ولم يصلنا من تراث ابن الهيثم في الفلكيات إلا نحو 17 مقالة من 24 مؤلف، تحدث فيها عن أبعاد الأجرام السماوية وأحجامها وكيفية رؤيتها وغير ذلك.

في الطب قدم كتابان أحدهما في "تقويم الصناعة الطبية" ضمّنه خلاصة ثلاثين كتابا قرأها لجالينوس، والآخر "مقالة في الرد على أبي الفرج عبد الله بن الطيب" لإبطال رأيه الذي يخالف فيه رأي جالينوس، وله أيضًا رسالة في تشريح العين وكيفية الإبصار.

 

إنجازاته

مؤسس علم المناظر (البصريات)

نبغ في علم البصريات وطوَّره تطويراً جذرياً، ويعدُّ كتابُه المناظِر ثورةً في عالم البصريَّات

توصَّلَ إلى نظريَّاتٍ جَديدة أصبحت نواةَ علم البصريَّات الحديث

رائد فكرة تصنيع أوَّل نظَّارة في العالم من خلال البحث في قوَّة التكبير في العدسات ليساعد ذلك في إصلاح عيوب الإبصار في العين وتعديلها.

أول من درس عدسةَ العين وأقسامها وتشريحها، ورَسَمَها

أطلقَ على اقسام العين أسماء أخذها الغرب، أو ترجمها مثل: القرنيةُ (Cornea) ..  الخلطُ الزُّجاجي (Vitreous Humour) .. الشَّبكية (Retina) .. الخلطُ المائي (Aqueous Humour)

أول من تحدث عن ما يسمى بالـ ” الشحمة البيضاء ” والمقصود بها هو البياض المحيط بالعين، وكذلك الشبكية والحدقة وبؤبؤ العين

اختراع ما يسمى بالإستريسكوب، وكان مبنياً على أساس الدراسة العميقة والدقيقة التي قام بها الحسن بن الهيثم لتشريح العين ورسمها بكل أجزائها.

أول من وضع مبدأَ آلـة التَّصوير أو الكاميرا.

وضعَ قوانين الانعكاس والانعطاف وغيرها، وأوجد تَعليلاً لانكسار الضَّوء الذي يحدث عن طريق الأوساط، كالهواء والماء والزُّجاج.

سبق إسحاق نيوتن Isaac Newton في تعليل انعكاس الضَّوء من وجهة نظر ميكانيكيَّة

وضع قانونَ الارتداد الذي كان له كبير الأثر في تقدُّم هذا العلم في أوروبَّا

أثبت حقيقة أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين لا العكس، كما شاع الاعتقاد آنذاك.

أول من درس تأثيرات العوامل النفسية على الإبصار.

معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ما زالت تعرف باسم “مسألة ابن الهيثم”.

توصَّل إلى ظاهرة التظليل وأوضح ان القمرَ يستمد نوره من ضوء الشمس، ولا يضيء بذاته

تحدَّثَ بشكلٍ علمي، لم يسبقه إليه أحد، عن ظاهرتَي خسوف القمر وكسوف الشَّمس

وضع أسسَ البحث العلمي وقواعده، وطبَّقها وسارَ على خُطاها في كلِّ أبحاثه وتجاربه ونظريَّاته،

سبق فرانسوا بيكون Francis Bacon بقُرون في وضع قَواعِد البحث العلمي

 

قالوا عنه

1-- الموسوعة البريطانيَّة ذكرت:

(أنَّ ابنَ الهيثم كتبَ في تشريح العين وفي وظيفة كلِّ قسم، كما بيَّن كيف ننظر إلى الأشياء بالعينين في آنٍ واحد، وأنَّ الأشعَّةَ من النور تسير من الجسم المرئي إلى العينين، ومن ذلك تقع صورتان على الشَّبكية في مَحلَّين متماثلين).

 

2-- العالم الفرنسي الشهير فياردو:

(ثبت أن (كبلر) أخذ معلوماته في الضوء، ولا سيما فيما يتعلق بانكساره في الجو من كتب ابن الهيثم).

 

3-- جورج سارتون .. مؤرخ العلم قال:

(هو أعظم عالم فيزيائي مسلم، وأحد كبار العلماء الذين بحثوا في البصريات في جميع العصور"، وقد تُرجمت بحوثه في البصريات إلى اللاتينية والإيطالية، وقد بقيت كتبه منهلاً ينهل منه فحول علماء أوروبا كروجر باكن، وكبلر، وفنزي ، ووايتلو).

 

4-- ماكس مايرهوف قال:

(إن عظمة الابتكار الإسلامي تتجلى لنا في البصريات).

 

5-- ابن أبِي أُصَيبِعة في كتابه عيون الأنباء في طبقات الأطبَّاء وصفه بقَوله:

(كان ابنُ الهيثم فاضلَ النَّفس، قويَّ الذَّكاء، مُتفنِّناً في العلوم، لم يُماثِله أحدٌ من أهل زمانه في العلم الرياضي، ولا يقرب منه؛ وكان دائمَ الاشتِغال، كثيرَ التَّصنيف، وافرَ التزهُّد).

 

6-- الدكتور مصطفى نظيف:

(ابن الهيثم قلب الأوضاع القديمة، وأنشأ علمًا جديدًا، أبطل فيه علم المناظر، وأنشأ علم الضوء الحديث، وأن أثره في الضوء لا يقل عن أثر نيوتن في الميكانيكا)  .. (لا أظن أني بحاجة إلى القول إن البصريات من عوامل تقدم الاختراع والاكتشاف، وأن كثيرًا من آلات البصر والكهرباء مرتكزة في صنعها على قوانين ومبادئ تتعلق بعلم الضوء، وقد وصل هذا العلم إلى أعلى درجة بفضل ابن الهيثم).

 

7-- الفلكي محمد رضا درس بعض رسائل ابن الهيثم في الفلك فخرج بالقول:

(وإذا أردنا أن نقارن ابن الهيثم بعلماء عصرنا الحاضر فلن أكون مغاليًا إذا اعتبرت الحسن بن الهيثم في مرتبة تضاهي العلامة أينشتين في عصرنا هذا).

 

وفاته:

توفى ابن الهيثم في القاهرة عام 430 هجرية الموافق 1040 ميلادية عن عمر يناهز 77 عاما، وهو يمسك بكتاب وقلم. وكان يؤمن أن حياة الإنسان أمانة من الله سبحانه وتعالى لابد أن يردها إلى الله جل وعلى وبها شيئاً مميزاً، لأن الله سوف يسأل العبد عما قام به خلال رحلة حياته.


No



يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق