يُعدّ الخط العربي أحد أشهر الفنون الإسلامية المستخدمة بإبداع وتناغم وتناسق على نحو لا محدود بما يضفي الطابع الشرقي على الحيز أو المكان الذي يتواجد به، ويشار إلى أن الخط العربي يعتمد على العديد من القواعد القائمة على النسبة والتناسب بين الخط والدائرة والنقطة، إذ تُعدّ هذه الأشكال هي الأساس لرسم شكل الحرف في الخط العربي والذي يتميز في مختلف أنواعه بالجمال الهندسي والليونة والانسياب.

وتجدر الإشارة إلى أن الخط العربي هو الخط  الذي كتب به القرآن الكريم والذي يظهر في العديد من الزخرفة والعمارة الإسلامية إذ يستخدم في تزيين المساجد أو جدران القصور، ويستخدم الخط العربي أيضًا في المراسلات الديوانية والأوسمة والنياشين، ولا يزال يُستخدم إلى يومنا الحالي في العديد من المجالات أهمها طباعة الكتب.

مفهوم الخط العربي

يُعرف الخط لغة بأنه نقل اللفظ إلى حروف مكتوبة ويقال خَط على الورقة خُطوطًا أي رسمها وأنتج بها رسمًا، وهو الكتابة وكل ما يخط باليد أو كل ما يكتبه الإنسان ويحفره لنفسه، ويقال الخط فن تصوير الكلمة والذي تفنن به العرب في الخط العربي.

والخط العربي (بالإنجليزية: Arabic Calligraphy) والمعروف أيضَا بالخط الإسلامي (بالإنجليزية: Islamic Calligraphy) هو أحد أشكال الكتابة التقليدية والفنية في العالم الإسلامي، ويحتل مكانة بارزة في الثقافة الإسلامية مقارنة بالثقافة الغربية أو الأوروبية، إذ حل مكان الفن التصويري المنتشر في الثقافة الغربية والأوروبية خاصة وانتشر في شبه الجزيرة العربية في القرن الرابع ميلادي.

والجدير ذكره أن الخط العربي يكتب بأداة يطلق عليها اسم (قلم( والقلم قصبة تُبرى ويُكتب بها أو هو خشبة أسطوانية يتوسطها مادة رصاصية تستخدم للكتابة، ويُذكر أيضًا أن القلم أو القصبة استخدمت بصورة أساسية في أنحاء الشرق الأوسط في كتابة الخط العربي بينما في أنحاء أخرى استُخدمت أدوات أخرى مثل الفرشاة، والتي استُخدمت بشكل أساسي في المجتمع الإسلامي الصيني.

نشأة الخط العربي وأصله

كان للعرب آراء مختلفة في نشأة الخط العربي والتي يمكن إيجازها في رأيين مشهورين وهمها:

  • الرأي الأول

أن الخط ليس من صنع البشر وإنما مصدره إلهي، فالله سبحانه وتعالى علمه لسيدنا آدم عليه السلام ليكتب به الكتب كلها، ولما أصاب الأرض الغرق كان لكل قوم الكتابة التي يكتب بها وكان الخط العربي من نصيب سيدنا إسماعيل عليه السلام، وقيل في هذا الصدد إن أول من وضع الكتابة العربية وكتب بها هو إسماعيل عليه السلام.

  • الرأي الثاني

أن الخط هو اختراع بشري، وفي هذا الصدد توجد روايتان أولها أن العرب أخذت الخط عن الحيرة (المناذرة) والحيرة أخذته عن الأنبار والأنبار أخذته عن اليمن، بينما الرواية الثانية فتقول إن العرب أخذت الخط من العرب العاربة وتحديدًا ملوك مدين.

وفي أصل الخط العربي تعددت آراء الباحثين إلا أنها تمحورت في مجملها حول مصدرين أساسيين، إذ يرى الاتجاه الأول أن الخط العربي اشتق من خط المسند والذي تتفرع منه أربعة خطوط وهي الخط الصفوي نسبة إلى الصفا، والثمودي نسبة إلى ثمود سكان الحِجْر أو ما يطلق عليها مدائن صالح، واللحياني نسبة إلى لحيان، والخط السبئي أو الحميري، والذي وصل من اليمن إلى الحيرة من ثم الأنبار ومنها إلى أرض الحجاز في شبه الجزيرة العربية.

بينما يرى الاتجاه الثاني وهو الاتجاه المُتبنى من قبل المؤرخين الأوروبيين أن الخط العربي مشتق من الخط الآرامي لا المسند والذي يعود إلى الخط الفينيقي والذي نتج عنه الخط الهندي والفارسي والعبري والمربع والتدمري والسرياني والنبطي، ويرون أيضًا أن الخط العربي قسمان كوفي وهو المأخوذ من الخط السرياني والنسخي وهو المأخوذ من الخط النبطي.

أنواع الخط العربي

يقسم الخط العربي إلى قسمين أساسيين وهما الخط اللين والخط اليابس، والخط اليابس هو الخط الكوفي المشتق من الخطوط القديمة المستخدمة في العصر الجاهلي وحتى العصر الأموي، أما اللين فهو أنواع ومنها النسخ والثلث والفارسي والديواني والرقعة والغربي، وفيما يأتي نبذة مختصرة عن أنواع الخط العربي:

  • الخط الكوفي

ظهر الخط الكوفي ونشأ في الكوفة (العراق)، وقيل إنه اشتق من الخط الحيري أو الأنباري وانتشر في كافة الأرجاء الإسلامية مع القادة الفاتحين من الكوفة، ويُعدّ الخط الكوفي من أقدم الخطوط العربية المتميز بهندسته وزخرفته والذي يحتاج إلى الدقة والمعرفة والتعليم لإتقانه.

والجدير ذكره أن الخط الكوفي ينقسم إلى عدة أنواع وأهمها:

1) الكوفي المصحفي: يُستخدم في كتابة المصاحف.

2) الكوفي البسيط: المُستخدم في عمارة قبة الصخرة ومسجد أحمد بن طولون.

3) الكوفي المورق: يتميز بزخرفة تشبه أوراق الأشجار تنبعث من الأحرف المستقيمة والقائمة.

4) الكوفي النباتي: يتميز بالزخرفة النباتية ضمن فراغات الحروف.

5) الكوفي المربع: يوضع ضمن مساحة مربعة وغالبًا ما يُستخدم في العمارة الإسلامية الدينية.

6) الكوفي المضفور أو المعقد: يتميز بصعوبة تمييز الخط عن الزخرفة فيه.

7) الكوفي الزهر: تشكل الزخرفة الزهرية فيه أرضية للكتابة.

8) الكوفي الهندسي: الخط قائم الزاوية المعتمد على الأساس الهندسي البحت.

  • خط الثُلُث

يُعرف خط الثلث بأم الخطوط وأصلها، إذ لا يُعدّ الخطاط خطاطًا دون إتقانه خط الثُلُث، وهو من أصعب الخطوط العربية وأجملها حسب رأي المختصين والذي يظهر بأنواع عدة وهي: العادي والجلي والمحبوك والمتأثر بالرسم الهندسي والمتناظر.

  • خط النسخ

خط النسخ أو كما يطلق عليه الخط القرآني أحد الخطوط العربية المنسوب إلى عبد الله الحسن بن مقله، بينما يرى آخرون أن خط النسخ وجد قبل بن مقله بكثير إذ استعمل في دواوين الكتابة سنه 40 هـ ، ويشار إلى أنه مقتبس من أحد الخطوط القديمة في الجزيرة العربية.

  • الخط الفارسي

يعود الخط الفارسي إلى بلاد فارس، ويشار إلى أن الفرس استخدموا الخط البهلوي والفهلوي نسبة إلى (فهلا) قبل استخدام الخط العربي وبعد الفتوحات الإسلامية لبلاد فارس انتقل الخط العربي إليهم، إذ أصبحت الكتابة العربية هي المعتمدة فاعتمدوا على خط النسخ وأدخلو عليه إضافات ميزته عن أصله.

  • خط الرقعة

يستخدم خط الرقعة في الكتابات اليومية ويُعدّ من أسهل أنواع الخطوط، ويعود سبب تسمية هذا الخط بخط الرقعة بأنه كتب سابقًا على رقعة قماش أو على قطع صغيرة من الورق.

  • خط الإجازة

يطلق على خط الإجازة اسم خط التوقيع أو خط الريحاني والمستخدم في الخطابات الرسمية وتوقيع الشهادات المدرسية والتراخيص لسهولة قراءته وبساطته.

  • خط الديوان

يعود الخط الديواني إلى العثمانيين إذ وضع إبراهيم منيف قواعده وأصوله ويتميز بالنعومة والمرونة ويُعدّ من الخطوط ذات الزخرفة الشديدة.

  • الخط المغربي أو الأندلسي

اشتهر الخط المغربي في بلاد الأندلس والمغرب واستخدم بصورة كبيرة في كتابة القرآن والكتب، وهو قريب بدرجة كبيرة إلى خط الثلث والنسخ.

خصائص الخط العربي

يتميز الخط العربي عن غيره من الخطوط بالعديد من الخصائص والمميزات وفيما يأتي أهمها:

  • يتمتع الخط العربي بالطواعية والمرونة الكبيرة إذ يمكن أن يشكل منه تراكيب وأشكال مختلفة للكلمة الواحدة ضمن أبعاد مختلفة في الشكل والاستقامة والاستدارة.
  • يَظهر في الخط العربي السمة الزخرفية وهي السمة المفقودة في الخطوط الأخرى.
  • يعتمد الخط العربي على الأصل الهندسي والرياضي بصورة أساسية.
  • يمتلك الحرف العربي خاصية ثنائية الشكل، إذ يمكن أن يظهر بشكل متصل وآخر منفصل.

أدوات كتابة الخط العربي

استخدم في كتابة الخط العربي العديد من الأدوات وفيما يأتي ذكرها والتعريف بها:

  • قلم خميش

يعرف قلم خميش أيضًا باسم قلم القصب والمستخدم بصورة أساسية من قبل الخطاطين العرب والأتراك والإيرانيين، وهو مصنوع من القصب الذي ينمو على طرف الأنهار ويتطلب عملية معالجة طويلة.

  • قلم الخيزران

يُعدّ قلم الخيزران من أقدم أدوات الخط في العالم وهو من أكثر الأدوات المثالية المستخدمة في عملية الكتابة والتخطيط، إذ يتميز بحافة صلبة تساعد الخطاط على التحكم في عملية الكتابة والأبعاد الهندسية لحجم الحرف وشكله.

  • قلم جافا

يعرف قلم جافا بأنه قلم مصنوع من الأعشاب الشائكة الصلبة ويُستخدم في إنتاج الحروف ذات الحواف الحادة، بالإضافة إلى كتابة النصوص الصغيرة.

  • قلم هاندام

يُعدّ قلم هاندام من أكثر أنواع الأقلام تنوعًا في الخط العربي إذ يتوفر بأحجام مختلفة بما يجعله مناسب لجميع النصوص العربية المختلفة.

  • ورق أهار

يُصنع هذا النوع من الورق في الهند وهي أوراق مغطاة بمزيج من النشا بما يمنع الطلاء من اختراق الورق ويوفر المرونة للخطاط بإجراء المسح والتصحيحات المرادة.

  • الحبر

يتميز الحبر المستخدم في الخط العربي بأنه ذا قوام سائل وألوان متعددة إلا أن اللون الأسود هو اللون الأكثر شيوعًا في الاستخدام.

لمعرفة المزيد عن أدوات الكتابة وتطورها عبر العصور، اطلع على هذا المقال.