عندما يجتمع رمضان بـ"شم النسيم" يبقى انت أكيد في مصر

في محله الصغير بأقدم شوارع شبرا مصر ،يقف الحاج سيد الهلوتي الذي تجاوز الـ65 عامًا وخلفه صور أبيه وأجداده، ممن بدأوا أقدم مشروع للأسماك المملحة والفسيخ، توارثوه عبر الأجيال بالصنعة ذاتها.

بزهو ينظر الهلوتي لصور أبيه وأجداده، التي تزين أكبر حائط في واجهة محله الصغير ،المنقوشة بجدرانه عبارات “الحمد لله، هذا من فضل ربي و بسم الله الرحمن الرحيم”، وتتوسطه صورة السيدة العذراء مريم ،أهداها لهم صديق والده المسيحي.

وبسؤاله عن إقبال المصريين على الشراء ،خاصة أننا في رمضان ،قال أن الاحتفاء بشم النسيم لدى المصريين مُقدس، فعلى مدار اليوم يأتي الجميع مسيحيين ومسلمين، لشراء الرنجة والفسيخ والملوحة، لذلك يقف يقف محمد إبني معي في هذا اليوم ليساعدني ،رغم أنه خريج جامعي ويعمل موظف، وأحيانًا يأتي معه أحفادي.

وعلى الجانب الآخر من المحل يقف بائع البصل الأخضر والليمون الذي ينتظر بيع بضاعته التي أحضرها خصيصًا لمحتفلي شم النسم.

يذكر أن ظهور «السمك المملح»، أو الفسيخ، بدأ في الاحتفال بعيد شم النسيم، إذ أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ، واعتبروه رمزا للخير والرزق وتناوله في تلك المناسبة يعبر عن الخصوبة والبهجة المصاحبة لموسم الحصاد.

وقبل سنوات طويلة تجاوزت 5 آلاف عام، عرف المصريون القدماء الاحتفال بـ«شم النسيم»، واشتق الاسم من الكلمة الفرعونية «شمو»، وتعنى «عيد الخلق» أو «بعث الحياة»، إذ اعتقد القدماء المصريون أن يوم شم النسيم هو بداية الخلق والحياة ويرتبط ببداية فصل الربيع حيث تعود الحياه للأشجار والأزهار بعد سقوط أوراقها في الخريف.

وفي احتفال رسمي كبير، كان القدماء المصريون يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب، ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس يميل نحو الغروب مقتربا تدريجيا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وتخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.

وإلى يومنا هذا، يحافظ المصريون على طقوس الاحتفال بشم النسيم مع التجديد والإضافات للطرق المتوارثة عن الأجداد الفراعنة، إذ يخرج الناس في تجمعات إلى الحدائق والمتنزهات والحقول، للتنزه وتناول الأطعمة الأساسية التقليدية ومنها البيض الملون، والفسيخ، والرنجة، والخس، والبصل الأخضر.