Skip to main content

تاريخ كرة القدم في فلسطين.. كيف اغتال الاحتلال الإسرائيلي الحلم؟

الأربعاء 8 نوفمبر 2023
يعود تاريخ كرة القدم في فلسطين إلى ما قبل الانتداب البريطاني، إذ أسسوا أندية رسمية منذ مطلع القرن الماضي، إلا أن الحفاظ عليها كان صعبًا مع توسع هجرة اليهود ومحاولاتهم المتكررة للاستيلاء على لعبة كرة القدم

يكاد القصف والعدوان يختزل الصورة الذهنية عن فلسطين في نظر كثيرين، ممّن لم يعرفوا عن الشعب الفلسطيني سوى الصراع والشهداء والمظاهرات والشعارات والانتفاضات، أو بكلمة واحدة، القضية.

هي باختصار متاهة من الأحداث جعلت الكثيرين يعتادون على الوضع الاستثنائي للشعب الفلسطيني، وينسون أنّ الشباب الفلسطيني كان في يوم من الأيام، مثله مثل غيره من الشباب العربي، يحلم بالكثير من الأمور التي حرمه الاحتلال منها.

في فلسطين، كان هناك من يكتب الأدب والشعر، ويؤلف الأغاني والموسيقى، وكان هناك أيضًا من يحب الرياضة والكرة، بل ما قد لا يعرفه كثيرون هو أنّ فلسطين كانت من الدول الأولى في العالم العربي التي تعرّفت على كرة القدم.

فكيف بدأت كرة القدم في فلسطين، وما الذي نعرفه عن خطواتها التي كانت سريعة في يوم من الأيام؟ وما الذي بقي من هذه اللعبة، أو بالأحرى، كيف تمّ اغتيال حلم اللعبة بعد الاحتلال الإسرائيلي مثل الكثير من مقوّمات الحياة التي حُرم منها الشعب الفلسطيني؟

عن هذه الأسئلة يحاول اليوتيوبر محمد أبو زيد (الكوير)، أن يجيب بأسلوبه الخاص، في حلقة أخرى ضمن سلسلة الحلقات الخاصة من برنامج "مع الكوير"، في سياق مواكبة التغطية المستمرة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

بداية كرة القدم في فلسطين

قبل أكثر من 120 عامًا، في بدايات القرن العشرين، عرف أهل فلسطين كرة القدم للمرة الأولى، حين أضحت هذه الرياضة لعبتهم الشعبية الأولى.

آنذاك، كان من الممكن أن تصادف الأطفال والشباب يلعبون كرة القدم في كل حارة، وفي كل شارع، وفي كلّ مدرسة.

أما سرّ انتشار اللعبة بهذا الشكل، فكانت مدارس البعثة البريطانية في مدن رئيسية على غرار القدس ورام الله، والتي كانت متأثرة بثقافة دولة إنكلترا التي تعتبر مهد كرة القدم.

عرف أهل فلسطين كرة القدم للمرة الأولى قبل أكثر من 120 عامًا

وبالفعل، تأسّس أول فريقين لكرة القدم في فلسطين عام 1908، وهما فريق روضة المعارف وفريق مدرسة سان جورج الذي كان يتبع لمدرسة بعثة بريطانية كانت تحمل الاسم نفسه.

ومع مرور السنوات، بدأت شعبية كرة القدم تنتقل إلى مدن أخرى كيافا وحيفا، وأصبحت شوارع فلسطين تخرّج العديد من المواهب الكرويّة، الذين وجدوا طريقهم للفرق الرسميّة.

ومع دخول أهل فلسطين نظام الحماية الذي فرضته بريطانيا في العام 1920، قبل أن يبدأ مسلسل الصراع الدامي مع الكيان المحتل، لم تنتهِ قصة شعب فلسطين مع حلم كرة القدم.

مع مرور السنوات، بدأت شعبية كرة القدم تنتقل إلى مدن أخرى كيافا وحيفا

في هذه الفترة، تأسّست أندية وفرق جديدة، حتى إنّه بات لكل مذهب في فلسطين فريق كرة القدم الخاص به، لتصبح اللعبة أحد مظاهر الثقافة والهوية في البلد.

من الأندية التي ذاع صيتها في تلك الفترة مثلاً، نادي الدجاني الرياضي أو النادي الأرثوذكسي في يافا، حيث كان هذان الناديان يمثّلان الهوية المسيحية في فلسطين. وفي المقابل، كان هناك النادي الإسلامي الرياضي الذي تأسّس عام 1926 في يافا أيضًا.

لكن، على الرغم من الأساس المختلف للأعراق والأديان الذي أسّس أهالي فلسطين نواديهم من خلاله، لم تسجَّل أي حالة عنصرية أو مشاكل، بل على العكس، كان هناك لاعبون مسيحيون ينضمون إلى أندية بخلفية إسلامية، والعكس صحيح.

على الرغم من الأساس المختلف للأعراق والأديان الذي أسّس أهالي فلسطين نواديهم من خلاله، لم تسجَّل أي حالة عنصرية

"كرة القدم للجميع بلا تفرقة"

في تلك الفترة، كان الشعار: كرة القدم للجميع بلا تفرقة أو عنصرية. إلا أنّ هذه الحكاية الوردية، كغيرها من القصص في فلسطين، لم يقدّر لها الاستمرار طويلاً.

فوسط التقدم الرياضي والثقافي الذي كان الفلسطينيون في طور بنائه، كانت بداية النزوح اليهودي في عشرينات القرن الماضي إلى أرض فلسطين، في تمهيد للاستيطان، ونيّة إنشاء ما سُمّيت لاحقًا بـ"دولة إسرائيل".

فعندما رأى المستوطنون الأوائل مكانة كرة القدم داخل المجتمع الفلسطيني وقدرتها على التأثير على الشعب، لم يتأخّروا في تسييسها وتخريبهم، فقرّروا تأسيس أنديتهم الخاصة، وتوسيع نفوذهم في البلد من خلال كرة القدم، بل إنّهم أعطوهم ألقابًا ذات دلالات يهودية.

وسط التقدم الرياضي والثقافي الذي كان الفلسطينيون في طور بنائه، كانت بداية النزوح اليهودي في عشرينات القرن الماضي إلى أرض فلسطين

ومع الوقت، بدأت المشاكل والاستفزازات تتصاعد، ومنها ما حصل عام 1925، حين رفعت المؤسسة الإسلامية المسيحية شكوى للمندوب البريطاني في فلسطين بسبب رفع العلم الصهيوني في إحدى المباريات التي أقيمت في القدس، وهو ما كان يتنافى تمامًا مع القوانين التي منعت إظهار أي شعارات سياسية في الملاعب.

وفي حين وافق الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" على انضمام الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم عام 1926، كانت المفارقة أنّ هذا الاتحاد لم يكن يحمل من فلسطين سوى الاسم، حيث تخلّص اللوبي الصهيوني داخل الاتحاد من كل الفلسطينيين الحقيقيين، حتى إن المنتخب الذي كان يحمل اسم "منتخب فلسطين المنتدب" أصبح كل لاعبيه من الصهاينة.

مع مرور السنوات، قرّر الفلسطينيون أصحاب الأرض عدم السكوت على الاحتكار الصهيوني للعبة

معاناة الأندية الفلسطينية والحصار الكروي

مع مرور السنوات، قرّر الفلسطينيون أصحاب الأرض عدم السكوت على الاحتكار الصهيوني للعبة، فكانت مبادرات عديدة بالتواصل مع المنتخبات العربية، لرفض اللعب مع المنتخب الهجين.

وفي سياق هذه المبادرات، تمّ تأسيس اتحاد خاص بالفلسطينيين الأصليين بالمكون المسلم والمسيحي والأرمني، حمل اسم "الاتحاد الرياضي العربي الفلسطيني". لكنّ عضويتهم في الاتحاد الدولي رُفِضت، باعتبار أنّ الاتحاد الفلسطيني كان سبّاقًا في الحصول على عضوية الفيفا.

هكذا، وجد أصحاب الأرض أنفسهم محرومين من لعبتهم، من دون أن يكون لهم هيكل رسمي معترف به، في وقت كان الاحتكار الصهيوني مستمرًا، حيث عمل المستوطنون على إطلاق الدوري الخاص بهم مع بداية الثلاثينيات، بل اعتماد اللغة العبرية كلغة رسمية في الاتحاد، وتغيير شعار الاتحاد لإضافة رمز النجمة السداسية الذي يعتمده الكيان.

فكيف قاوم الفلسطينيون هذا الوضع؟ ماذا نعرف عن محاولاتهم لرفع الحصار الكروي؟ هل استطاعت الأندية الفلسطينية البقاء في المشهد؟ وكيف أثّرت نكبة 1948 على واقع الرياضة بصورة عامة، واللعبة الأكثر شعبية تحديدًا؟ الإجابات في الحلقة المرفقة من "مع الكوير".
المصادر:
العربي
شارك القصة