محاريب الإمارات.. من الصرحية إلى القياس الإنساني

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت محاريب في مساجد الإمارات الأثرية والتاريخية أقرب إلى إيماءة تتوسط حائط القبلة منها إلى التجسيد أو التركيز، وكان هذا طبيعياً ومنطقياً في ضوء تغليب الطباع الوظيفي لتلك المساجد والافتقار إلى المواد والمهارات التي يمكن أن تكرس لمحاريب تستهدف التركيز على الطابع الجمالي.

غير أن هذا الجانب قد تغير بالطبع في مساجد الإمارات التي شيدت مع الطفرة النفطية، حيث يحرص مشيدو المساجد ورعاتها والقائمون على أمرها على أن تتكامل لها العناصر الإنشائية والمشاريع الزخرفية التي تعد تجلياً للصورة الإسلامية للمسجد.

وإذا كان الانتقال من الأبعاد الصرحية لقاعات الصلاة لعدد كبير من المساجد وصولاً إلى القياس الإنساني على امتداد العالم الإسلامي يعد من أبرز المشكلات التي يتعين على المعماريين معالجتها، فإننا نجد حلاً عبقرياً لهذه المشكلة في جدار القبلة بمسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الجامع الكبير في أبوظبي.

جوهر هذا الحل العبقري هو تألق أسماء الله الحسنى التسعة والتسعون على الجزء المركزي من جدار القبلة، فيما يشكل تحفة فنية فريدة بكل ما للكلمة من معنى.

ولما كان ارتفاع هذا الحيز 23 متراً وعرضه 50 متراً فقد حل بصورة تلقائية بمشكلة المحراب الذي بادر المعمار على جعله بالقياس الإنساني مباشرة تحت اسمي "الرحمن" و"الرحيم". وآية كريمة تشير إلى أسماء الله الحسنى، ويأخذ المحراب عمقاً يعلو القوس الذي يأخذ شكل حدوة حصان ويتموج النحت البديع لجسم المحراب نازلاً من أعلى إلى أسفل تزينه زخرفة تردد أصداء المقرنصات لينسدل الحفر الموجي إلى أسفل المحراب في تجسيد للبساطة بعينها والرهافة بذاتها.

 نجد في دبي أعداداً لا حصر لها من المحاريب البديعة تصميماً وإنشاءً وزخرفة، لكننا نتوقف عند جدار الصلاة في مسجد بن مدية في ديرة، حيث نجد أن جدار القبلة الذي يسبح بمزيج فريد من الإضاءة الطبيعية والاصطناعية قد تألق بعدد من آيات الذكر الحكيم فتحول بكامله إلى محراب فريد من نوعه. تتوقف العين طويلاً عند محراب مسجد الفاروق عمر بن الخطاب في منطقة الصفا ببر دبي، حيث تكسوه النقوش الجبسية ويمتاز بقطع الفسيفساء التي تعطي لوحة بديعة تنتمي إلى الطابع الأندلسي وترتفع شمسة المحراب 6 أمتار عن أرضية المسجد وقد حظيت بأشكال متعددة من النقوش الجبسية المقواة.

وعلى امتداد الإمارات الشمالية تتعدد المحاريب التي تتميز بالفرادة والإبداع، ففي محراب مسجد النور في الشارقة، نجد انتقالاً إنشائياً وزخرفياً عبقريات من البعد السطحي إلى القياس الإنساني. وفي مسجد الملك فيصل بن عبدالعزيز في الشارقة، نجد توظيفاً بديعاً لمادة الخشب في المحراب الذي يتحول إلى حلية متألقة تسبح في النور.

وعلى الرغم من أن العمل لم ينته بعد في المشروع الزخرفي لمسجد الشيخ زايد بن سلطن آل نهيان الجديد في الفجيرة إلا أننا نتوقع إلا أن يكون محرابه بعد الانتهاء منه تحفة عبقرية تستلهم محراب مسجد السلطان أحمد في إسطنبول.

Email