لقضاء وقت مسل ومفيد في الحجر الصحي.. ألعاب فكرية وجماعية في السهرات الرمضانية

يعد رمضان شهر تجمع العائلة بامتياز. ومع انتشار فيروس كوفيد-19 بات التزام البيت وتخفيف التجمعات هو الواقع المُعاش. وقد يكون وقتا مناسبا جدا لإعادة اللحمة والتسلية بين أفراد الأسرة في سهرة طويلة تمتد من الإفطار إلى السحور.

ومن هنا استطلعت الجزيرة نت كيف يمضي الناس أوقاتهم في المنزل بعد تأدية عباداتهم الرمضانية، وبعيدا عن الشاشات. اقترح بعض من التقتهم الجزيرة نت ألعابا جميلة يحاولون ممارستها ويستذكرون ألعابا من الماضي، ويخبرون عن ألعاب جديدة.

ورق اللعب مع الأصدقاء والعائلة

"قبل جنون المسلسلات وتباريها في رمضان، كان زوجي يحضر كل ليلة لتسلية مفيدة مع الأولاد والأقارب والأصحاب. قبلها كان بيت جدي أول من أحضر التلفزيون إلى القرية، وكان الجيران يجتمعون لمشاهدة محطة واحدة هي تلفزيون لبنان". تستذكر نوال سعد الدين السبعينية تلك الأيام.

وتبين للجزيرة نت أن رمضان لم يرتبط يوما في طفولتها وصباها بالدراما والمسلسلات، حتى أن الفوازير كانت صادمة في ثمانينات القرن الماضي لجيلها.

وتعتبر نوال أن رمضان شهر للعبادة وفرصة للتقرب من الله، ولا بأس بالترفيه المناسب. من هنا كان زوجها يخصص لكل يوم في سهرة رمضان وقتا مناسبا للتسلية، فيلعب الورق "ورق الشدة" مع أصدقائه "الطرنيب" و"الليخة" أو يلعب مع الأولاد بالورق لعبة الـ 14 أو "الكذاب" أو "الثمانية المجنونة" ومؤخرا "ورق الأونو UNO" مع الأحفاد وكلها ألعاب مسلية.

وأحيانا تلعب وزوجها مع الأولاد المونوبولي التي دخلت في الستينات من القرن الماضي إلى لبنان، وكانت تلعبها مع إخوتها قبل الزواج. وتقول إن أحفادها لا يهتمون أبدا بهذه الألعاب، ويحزنها أن "رأسهم في شاشة التلفون أو التابليت (الجهاز اللوحي) طوال الوقت".

الألعاب الذهنية وأهدافها

من جهته يتذكر وسيم عواد أن والده كان يلعب معهم المونوبولي، وهي عبارة عن لعبة شراء الأراضي والبناء بها، ويقول إنها تحفز فهم أهمية الاستثمار وتنبه لعناصر المخاطرة، وكون اللعبة تعتمد على النرد فهي بمثابة إشارة إلى أن الظروف قد تعاكس الشخص، وأنه يوجد ربح وخسارة مما يجعله يفكر بدرس قرارته.

وكذلك لعبة "الريسك" (المخاطرة) وهي خطط لاحتلال قارات عبر جيوش بلاستيكية، ويقول وسيم إن هذه اللعبة جعلته يحفظ خريطة العالم ودولها، وكانت الجلسة تستمر 4 ساعات وأكثر في جو من التخطيط والحماس.

ويتذكر وسيم لعبة لا تحتاج إلا إلى التواصل واسمها "ضمرت" وكان والده يلعبها معهم في كل الأوقات في السيارة وفي السهرات ولتشتيت ذهنهم عن حزن ما كما حصل عندما توفي جده.

واللعبة هي أن يضمر الشخص على إنسان أو شيء معين. وتبدأ عندما يقول أحدهم "ضمرت" فيسأل اللاعبون سؤالا يكون جوابه نعم أو لا، حتى يصل إلى الإجابة التي أضمرها الشخص، ومن يخطئ بالجواب لا يحق له السؤال ثانية، ومن يربح يضمر هو ويصبح رأس اللعبة.

ويقول وسيم إن هذه اللعبة تجعل الشخص يفكر بالسؤال، وقد يحصل على معلومات جميلة وفيها متعة كبيرة.

ويمارس هذه اللعبة مع أولاده، ويجدها مناسبة للاسترخاء والتفكير العميق، ويعتبر أنها من الألعاب التي تجعل الأهل والأولاد يفهمون طريقة تفكير بعضهم البعض، وهي مناسبة جدا للسهرات العائلية.

طاولة النرد والتحدي

تذكر فاطمة ياسين أنها كانت تذهب إلى المقاهي والخيم الرمضانية مع صديقاتها في السهرات للإفطار والتي يرافقها تحدي لعب الطاولة المعروفة بطاولة الزهر أو النرد. "نلعب المحبوسة التي علمني جدي أسلوبها، كما تعلمت لعب الفرنجية وهي مختلفة قليلا، وحظي في الزهر دائما جيد". وتتحدى فاطمة الرجال في لعب الطاولة -كونهم أكثر مهارة فيها- وتفوز في غالب الأحيان كما تقول.

انتقلت لعبة الطاولة إلى البيت حيث تلعب مع أبيها وأخوتها، وتقول إن الحجر الصحي جعلها تلعبها مئات المرات، فتوقفت منذ أواخر الصيف الماضي، وتجد أنه من الممتع العودة الآن خاصة بعد أن انتقل أخوها وعائلته إلى القرية لقضاء شهر رمضان مع العائلة في بيت الأهل.

وتشير إلى أنها قد تستغل الفرصة لتعليم ابنة أخيها (9 سنوات) هذه اللعبة وغيرها من الألعاب مثل "إنسان، حيوان، شيء، مدن"، وهي أن تبدأ جميعها بحرف واحد لتركز الفتاة أكثر على اللغة العربية والتفكير بالخطط بدل قضاء الوقت باختيار الثياب للدمى وإطعامها على تطبيقات ألعاب للأطفال على التابليت (الجهاز اللوحي) كما تشير.

الشطرنج عبر الإنترنت

يقترح حسام كريم من ناحيته تقسيم الألعاب بين الإلكترونية التي يلعبها ابنه مع ابن عمته عبر القارات، والألعاب الذهنية والواقعية مثل الشطرنج والداما والمونوبولي وحرب الغواصات وسواها.

ويشير إلى لعبة رآها في تركيا تدعى "ماستر أوكي" وهي تشبه لعبة الورق المعروفة بالـ 14 والتي يعرفها كثيرون ولكن بتقنيات مختلفة. وهي تشغل الذهن في الحساب والتحليل للتخلص من الشرائح البلاستيكية قبل باقي اللاعبين. وكان قد أحضرها معه حينها، وبعدها اشترى معظم أصدقائه مثلها، وكذلك المقاهي في حيه، وبات لها شعبية كبيرة في أوساطه.

كما يلعب مع أخيه الذي يسكن في دبي الشطرنج أونلاين (عبر الانترنت) مرة في الأسبوع على الأقل، وباقي الأوقات يتبارى مع الغرباء.

لعبة (الفوازير) والمعلومات

ويجد حسام أنه لقضاء سهرة ممتعة ومفيدة من الجيد أيضا إدخال بعض المعلومات العامة والدينية في ألعاب مع العائلة، مثل الحزازير (الفوازير) الحسابية التي يملك الكثير منها، وبعض الخدع وأسئلة المعلومات العامة.

ويقول إنه يجد أن الوقت المرح مع العائلة يمتصه الأولاد ويساعدهم على تخطي الحواجز مع الأهل، لذا كثيرا ما يشاهد وعائلته مقاطع مضحكة على يوتيوب (الانترنت) معتبرا أن الضحك يشد أواصر العائلة ويجعلها أكثر تقاربا وفرحا.