مذيعو الأخبار بين النشرات: فاصل ونعود

لكل منهم طقوسه واهتماماته خلف الشاشة
12:59 مساء
قراءة 6 دقائق

يطلون على الشاشة لفترات محدودة ومن بعدها يختفون . يقدمون نشرات الأخبار السياسية أو الاقتصادية، ويستضيفون محللين في فقرات، لكن أين يذهبون بين النشرة والأخرى، وكيف يقضون أوقاتهم خلف الكواليس بين اطلالة قد لا تتجاوز الدقائق المحدودة أحياناً وأخرى تتجاوز النصف ساعة أو تمتد ساعات إذا دعت الأحداث لذلك .

إنهم مذيعو النشرات الإخبارية والاقتصادية الذين توجهنا إليهم في هذا التحقيق لمعرفة كواليس اختفاءاتهم عن الشاشة وكيف يقضون أوقاتهم، وهل هي فقرات استراحة أم عمل خلف الكاميرا؟

يشير طالب كنعان مذيع بقناة العربية إلى أنه في فترات غيابه عن الشاشة ما بين النشرة والأخرى يناقش مع المعد آخر المستجدات وما سيتناولونه في النشرة المقبلة، وأنه يستغل الوقت المتبقي في قراءة مقال أو زاوية ثقافية، وبما أن الفراغ أمر مرفوض بالنسبة إليه فهو يجعل فترة الغياب عن المشاهدين مملوءة بالنشاط .

ولحرصه الشديد على كسر القوالب الجاهزة وشخصية المذيع الجاف، وإضفاء رونق على النشرة، يؤكد كنعان مبادرته إلى توفير هذه العناصر في نشرة المساء، التي يقدمها مع إحدى زميلاته، فايدة من المنافسة غير الجيدة بينهما، ويجعل المشاهد قريباً منها .

ويقول كنعان: إن تخلل البرنامج فواصل إعلانية، نواصل أنا وزميلتي الحديث بنفس الوتيرة عن آخر موضوع تناولناه أو أي موضوع آخر حتى بنهاية الإعلانات، لأن الحوار بين المذيعين بمحبة يزيد من فرصة نجاحهم أكثر وبالتالي استبقال المشاهدين بعد الفاصل بابتسامة .

علي الشريف رئيس قسم المذيعين بإذاعة وتلفزيون الشارقة يوضح أنه كمذيع يحرص على متابعة الأخبار بين النشرة والأخرى تلافياً لأي خطأ على الهواء، نتيجة للتطور السريع لبعض الأحدث، وإذا كانت هناك برامج سياسية، فإنه يستعد لاستقبال الضيوف والجلوس معهم قبل الدخول للاستوديو، ويعتبرها فرصة للتعرف إليهم ومناقشتهم في المحاور الأساسية واستبعاد الأسئلة التي لا يوجد لدى الضيوف إجابة عنها .

وتأكيداً على أن الملفات الإخبارية بحاجة إلى المتابعة يقول الشريف، أتابع الأخبار بشكل مستمر أثناء وجودي في العمل وخارجه وحتى أثناء قيادتي السيارة، كي أضمن لنفسي في اليوم التالي الدخول للاستوديو ونقل الأخبار بشكل صحيح وبمعرفة كل ما يجري .

تصف فاطمة البلوشي مذيعة ومراسلة في قناة أبوظبي الأولى النشرة المحلية علوم الدار جو العمل التلفزيوني بأنه ممتع، وأنهم يعملون بروح الجماعة ويضفون على العمل نكهة التعامل الأسري، وأنه حتى الفواصل الإعلانية التي لا تستغرق دقائق قليلة يمكن استغلالاها بالحديث والمزاح والضحك بين فريق العمل .

وتقول: بعد تقديمي لنشرة علوم الدار في الساعة التساعة مساء، أقدم أحياناً نشرة أخرى على قناة أبوظبي الإمارات أيضاً، وخلال الفراغ بين النشرتين أحضر للنشرة التالية، وبعد الانتهاء من التحضير لا يوجد نشاط معين أقوم به، فقد أجلس مع بعض الزملاء وأبادلهم الأحاديث أو أن أشاركهم متابعة مباراة رياضية أو أي نشاط آخر يقومون به .

ويقول محمد أبو عبيد بقناة العربية استغل الاستراحات الطويلة والكثير في برنامج صباح العربية في قراءة المقالات التحليلية عبر المواقع الإلكترونية بينهما يختلف الوضع أثناء نشرات الأخبار، إذا أنني أراجع فيها وكالات الأنباء ونصوص الأخبار، أما فترة ما بين النشرات الإخبارية فأقضيها في التحضير والاستعداد للنشرة التالية، والاطلاع على المناطق التي ستتطرق إليها النشرة وجغرافيتها، كذلك بالنسبة إلى الشخصيات التي سأستضيفها .

ويضيف أبو عبيد: إذا كان هناك متسع من الوقت قبل بث النشرة أستغله في تصفح الفيس بوك وأفتح بريدي الإلكتروني وأقرأ الرسائل الواردة، وأكتب المقالات لأكثر من جهة صحفية، وأستغل فترة الظهيرة في جولة على الزملاء في المحطة وإلقاء السلام عليهم من دون الإكثار في الكلام حفاظاً على الوقت .

ولأنه من النوع الذي يجب القراءة بشراهة، ويستعد لإصدار كتاب أدبي، فإنه يقتنص أي فرصة للقراءة، وإذا وقعت عيناه على عبارات مهمة فإنه يدونها على ورقة أو يرسلها لنفسه عبر البريد الإلكتروني ليقوم بالتوسع فيها لاحقاً ويتفرع لقراءة الكتب .

يؤكد محمد سالم مذيع أخبار بقناة دبي، أنه من النوع الذي يقوم بتحضير نشرة الأخبار بشكل جيد ومتابعة وكالات الأنباء، والأحداث الجارية في القنوات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي ويتواصل مع الجمهور لمعرفة ردود أفعالهم حول ما يقدمه عبر الشاشة مشيراً إلى أن ثقافة المذيع وتقديم كلمات جديدة تتطلب منه مطالعة أكبر والاجتهاد أكثر في صياغة الأخبار .

ويقول سالم: أثناء الفواصل أراجع الأخبار وإذا كانت هناك أحداث جديدة طرأت عليها في تلك الأثناء أضيفها على النشرة وأجري التعديلات اللازمة على صياغة الخبر، وأرتب لدخولي وخروجي من باقة الأخبار التي سأقدمها أثناء الفاصل .

ويؤكد سالم أن الانطباع الذي يحمله بعض المشاهدين عن مقدمي الأخبار النابع من الجدية في طريقة تقديمهم للأخبار واعتبارها جزءاً من شخصيتهم ليست صحيحة ودقيقة، لأنهم يمارسون حياتهم وراء الكواليس مع طاقم العمل والناس في الشارع من دون تكلف .

وبحسب ألما عنتبلي محررة بقناة العربية ومذيعة النشرة الجوية، فإن تقديم نشرة الأخبار بالنسبة إلى مذيعي الرياضة والاقتصاد يختلف عن النشرات الأخرى، إذ يكون الاعتماد فيها عليهم بشكل رئيس منذ البداية، ويزداد هذا الدور بالنسبة إلى أخبار الطقس، إذ يمكن اعتبار مذيعها مخرجاً للنشرة ومعدها والباحث والمراسل .

وتقول عنتبلي: خلال اليوم الواحد نبث 11 نشرة لأخبار الطقس يقوم اثنان بتقديمها، وجميعها مباشرة باستثناء اثنتين أو ثلاث منها لصعوبات تقنية، إضافة لتقديمي البرنامج الصباحي في القناة وقبل الخروج على الشاشة لبث نشرة أخبار الطقس يسبقها متابعة المذيع للأخبار وإعداد الغرافيك المرافق للنشرة .

وبما أنها تعتبر مكان العمل بيتها الثاني مع مراعاة الأولوية للعمل تقول ألما: من الطبيعي أن تسود بين العاملين في القناة علاقة زمالة وتعارف واقتناص بعض أوقات الفراغ قبل نشرات الأخبار للجلوس في الكافتيريا وبالتعاون ننجز المهام في وقتها ونمنح أنفسنا الراحة .

فيصل بن حريز مذيع بقناة أبوظبي الأولى يقول: إنه خلال الفواصل السريعة يتأكد من أخبار الفقرة التالية والمعلومات المدرجة والنطق الصحيح للكلمات، ولا تخلو أحياناً مثل هذه اللحظات من المزاح مع فريق العمل، تخفيفاً لضغوط العمل، ويضيف المذيع الجيد يسخّر الفاصل القصير ويهيئ نفسه لبداية جديدة بثقة كما لو أنه بدأ بالتقديم من جديد .

أما عن فترة الاستراحة ما بين النشرات فيقول: أحدد الأخبار التي سأقدمها وأناقشها مع فريق العمل والاستعداد لاستقبال الضيف الذي سيمنح وجوده في الاستوديو بعداً وقيمة، إضافة لمتابعة التحديثات الجديدة التي تطرأ على الأخبار وآخر أبعادها، سواء بالصورة أو المعلومة، حيث هناك أخبار قد يسبب أي طارئ عليها تغييراً في أولويتها وصدارتها للنشرة .

ويؤكد بن حريز أنه يبقى مرتبطاً بالنشرة ويحضر لها حتى لحظة خروجه على الهواء، والمشاهد الذكي قادر على اكتشاف إذا ما كان المذيع يقرأ الأخبار بحس ويندمج معها، أم أنه ملقّن فقط .

ويتابع بن حريز أنه يمكن استغلال وقت الفراغ المتبقي في تغيير أو إضافة بعض الكلمات التي تعتمد على ثقافة المذيع نفسه، خاصة في الأخبار الطريفة، ليتم تقديمها بطريقة جذابة .

بعض المذيعين لديه أكثر من مهمة مثل مروان الحل معد ومقدم الأخبار الاقتصادية بقناة سما دبي الذي يحدثنا عن الاستراحات القصيرة أثناء بث نشرات الأخبار بقوله: إذا كنت مذيعاً ورئيساً لتحرير الأخبار، فإنني أكون مشغولاً قبل بث نشرة الأخبار بإعداد وتحرير الأخبار للخروج بباقة مميزة على شاشة التلفزيون، وأستغل فترات الاستراحة أثناء بث نشرة الأخبار في تصفح وكالات الأنباء عبر الإنترنت بحثاً عن حدث طارئ .

ويضيف الحل: أما إذا كنت مذيعاً للأخبار فقط، فإنني أشغل نفسي في الفواصل الإعلانية بالتكلم مع العاملين في الاستوديو وإثارة الأحاديث المضحكة قبل الخروج على الهواء، كي أضفي على وجهي الابتسامة والبهجة وبالتالي أحقق عنصر التشويق للجمهور .

يقسم حسن حبيب مقدم الأخبار الرياضية في قناة دبي الرياضية، فترة الاستراحات في نشرة الأخبار ما بين القصيرة والقصيرة جداً، إذ إن الفاصل الذي لا يتجاوز الثلاثين ثانية يمكن اعتباره فرصة لالتقاط الأنفاس بالنسبة إلى المذيع، أما التقارير التي قد تستغرق دقيقتين ونصف الدقيقة، فإنها تمنحه الفرصة لأن يعيش في أجواء وأحداث التقرير، خصوصاً إذا لم يطلع عليها مسبقاً لأسباب مختلفة .

وعن الفترة الممتدة بين النشرات الإخبارية يقول حبيب: أعتبرها فترة كافية للاطلاع على نتائج المباراة، التي تعرض في تلك الأثناء إضافة لمتابعة الأخبار عبر المواقع الإلكترونية والعمل مع معد الأخبار حول التغييرات التي تطرأ على الأخبار .

ويقول سعود محمد الدربي رئيس تحرير ومذيع نشرة أخبار الإمارات في مؤسسة دبي للإعلام: إضافة لعملي كمذيع أقوم بتوزيع المهام على المحررين والمراسلين وتحرير نشرة أخبار الإمارات التي تبث في أوقات مختلفة: الثامنة والنصف على قناة دبي والعاشرة على قناة نور دبي والحادية عشرة على سما دبي إضافة للإشراف العام وسير العمل والموظفين والتنسيق مع مدير الأخبار إلى جانب إعداد برنامج يستمر لأسبوعين نتناول فيه قضية معينة للوصول إلى حل جذري .

ويؤكد الدربي انغماسه التام في عمله أثناء دوامه، داخل وخارج أوقات بث نشرات الأخبار وحبه لعمله الذي يعتبره هواية يجعله لا يشعر بمرور الوقت، إضافة إلى أن التعاون الذي يسود بين فريق العمل يجعلهم يعملون بنبض قلب واحد، ويوضح الدربي، أنه قبل انتهاء الدوام يقوم بتوزيع المهام على المراسلين والمصورين، لينتهي معها جدول أعماله .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"