No Script

«ما قلته من محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية مصر عليه»

القرضاوي ردا على فضل الله: أهل السنة يوقنون بأنهم وحدهم الفرقة الناجية

u064au0648u0633u0641 u0627u0644u0642u0631u0636u0627u0648u064a u0648u0645u062du0645u062f u062du0633u064au0646 u0641u0636u0644 u0627u0644u0644u0647
يوسف القرضاوي ومحمد حسين فضل الله
تصغير
تكبير
رد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، على لقاء المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله، مع «الراي»، وما تضمنه من انتقاد لتصريحاته عن المذهب الشيعي، معتبرا ان فضل الله «قال كلاما غريبا دهشتُ له، واستغربتُ أن يصدر من مثله»، مشددا على أن «ما قلته من محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية، فأنا مصر عليه، ولا بد من التصدي له، والا خنَّا الأمانة، وفرطنا في حق الأمة علينا».
وكان القرضاوي انتقد مرات عدة «الغزو الشيعي للمجتمعات السنية». وجدد هذه الانتقادات في لقاء صحافي نشرته صحيفة «المصري اليوم» المصرية في التاسع من سبتمبر  الماضي. ورد عليه فضل الله في لقاء مع «الراي» نشر في 14 سبتمبر، مؤكدا انه «اذا صح ما نسب الى الشيخ القرضاوي، فهو حديث فتنة».
واوضح القرضاوي: «أودُّ أن أقول وبكلّ. وضوح للذين ادَّعوا أني بكلامي أدعو الى فتنة، انني عدو الفتنة دائما، لكني بتحذيراتي وتنبيهاتي هذه أحاول أن أحمي أمتنا كلَّها من فتنة كبرى، يُخشى اذا لم تتداركها قبل فوات الأوان أن تأكل الأخضر واليابس، وتعود بالضرر الأكبر على الأمة كلّ.ها سنتها وشيعتها».
وفي الرد الذي تلقته «الراي» من القرضاوي، قال عن موقفه من الشيعة ومذهبهم» (...) نحن أهل السنة نوقن بأننا وحدنا الفرقة الناجية، وكلُّ الفرق الأخرى وقعت في البدع والضلالات، وعلى هذا الأساس قلتُ عن الشيعة: «انهم مبتدعون لا كفار، وهذا مُجمَع عليه بين أهل السنة (...)». وأضاف: «(...) وما بيننا وبين الشيعة من الخلاف هنا ليس أكبر مما بين المذاهب السنية بعضها بعض (...)».
وأوضح: «(...) ورغم تحفُّظي على موقف الشيعة من اختراق المجتمعات السنية، وقفتُ مع ايران بقوَّة في حقّ.ها في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وأنكرتُ في شدَّة التهديدات الأميركية لها، وقلتُ: اننا سنقف ضد أميركا اذا اعتدت على ايران، وان ايران جزء من دار الاسلام، لا يجوز التفريط فيها، وشريعتنا توجب علينا أن ندافع عنها اذا دخلها أو هدَّدها أجنبي. ونوَّهَتْ بموقفي كلُّ أجهزة الاعلام الايرانية، واتصل بي عدد من المسؤولين شاكرين ومقدّ.رين (...)».
وتابع: «(...) لكني أخالف الشيعة في أصل مذهبهم وأرى أنه غير صحيح، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي بالخلافة من بعده، وأن الصحابة كتموا هذا، وخانوا رسولهم، وجحدوا عليا حقَّه، وتآمروا جميعا على ذلك. والعجب أن عليًّا لم يعلن ذلك على الملأ ويقاتل عن حقّ.ه. بل بايع أبا بكر وعمر وعثمان، وكان لهم معينا ومشيرا. فكيف لم يواجههم بالحقيقة؟ وكيف لم يجاهر بحقه»؟
وعما قاله فضل الله في «الراي» أخيرا، ردّ القرضاوي: «عقَّب آية الله الشيخ محمد حسين فضل الله على حديثي في صحيفة (المصري اليوم) تعقيبا استغربتُ أن يصدر من مثله، وأنا اعتبره من العلماء المعتدلين في الشيعة (...) وكان أول ما قاله: انني لم أسمع عن الشيخ القرضاوي أيَّ موقف ضدَّ التبشير (المسيحي) الذي يراد منه اخراج المسلمين عن دينهم... وهذا عجيب حقًّا، فموقفي ضد (التنصير) الذي يسمُّونه التبشير واضح للخاص والعام، في كتبي وخطبي ومحاضراتي ومواقفي، وطفتُ كثيرا من البلاد الاسلامية بعد مؤتمر كولورادو 1978، الذي اجتمع لتنصير العالم الاسلامي، ورصد لذلك ألف مليون دولار، وانتهيتُ الى السعي لانشاء الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية في الكويت، والذي كان الهدف الأول منها، المقاومة العملية للموجة التنصيرية المسعورة الطامعة في تنصير الأمة الاسلامية».
وتابع: «أنكر الشيخ فضل الله اعتباري الشيعة (مبتدعة). ونسي أني قلت هذا في مواجهة مَن يقول: انهم كفَّار. ونحن أهل السنة نقول عن سائر الفرق الاسلامية: انهم مبتدعون، لكن بدعة غير مكفّ.رة. وهذا مقتضى أن الفرقة الناجية فرقة واحدة، وسائر الفرق وقعت في البدع والضلالات بن.سَب متفاوتة.
وأضاف: وما ذكره عن تحريف الشيعة للقرآن، فأنا ممَّن يؤمنون بأن الأكثرية الساحقة من الشيعة لا يعرفون قرآنا غير قرآننا، وأن هذا المصحف الذي يطبع في ايران هو نفسه الذي يطبع في المدينة، وفي القاهرة، وأنه هو الذي يفسّ.ره علماؤهم، ويحتجُّ به فقهاؤهم، ويستدلُّ به متكلموهم، ويحفظه صبيانهم».
وأضاف: «وردا على سؤال فضل الله عن رأي في ما يصدره بعض السنة الان من كتب تكفّر الشيعة وتعتبرهم مشركين ومرتدين، فأنا أجيبه: اني أرفض ذلك، ولا أرضى أن أكفّ.ر أحدا من أهل القبلة الا بأمر قطعي يخرجه من دائرة الاسلام (...) وذكر (فضل الله) أنه أرسل اليَّ مع بعض الأصدقاء أن أعطيه احصائية عما يحدث في البلاد التي تتعرَّض للاختراق الشيعي كمصر والجزائر وسورية، وغير ذلك. وأنا أقول: ان أحدا لم يبلغني بذلك».
وتابع: «أما ما قلته من محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية، فأنا مصر عليه، ولا بد من التصدي له، والا خنَّا الأمانة، وفرطنا في حق الأمة علينا (...)».
كما رد القرضاوي في بيانه على رئيس مجمع التقريب بين المذاهب في طهران آية الله محمد علي تسخيري، الذي «قال كلاما أعجب من كلام فضل الله، واعتبر تصريحاتي مثيرة للفتنة»، موضحا: «أودُّ أن أقول وبكلّ. وضوح للذين ادَّعوا أني بكلامي أدعو الى فتنة، انني عدو الفتنة دائما، لكني بتحذيراتي وتنبيهاتي هذه أحاول أن أحمي أمتنا كلَّها من فتنة كبرى، يُخشى اذا لم تتداركها قبل فوات الأوان أن تأكل الأخضر واليابس، وتعود بالضرر الأكبر على الأمة كلّ.ها سنتها وشيعتها. وأتمثَّل هنا بقول الشاعر:
أرى خلل الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون لها ضرامُ
فان لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام».
ورد القرضاوي كذلك على «وكالة مهر للأنباء»، ووصفها بأنها «كاذبة ومزيفة»، وقال: (...) زعمت الوكالة أني لم أتحدَّث عن بطولات أبناء الشيعة في جنوب لبنان (2006). وهو زعم كاذب أو جاهل(...) فقد ناصرت حزب الله، ودافعت عنه، ورددت على فتوى العالم السعودي الكبير الشيخ بن جبرين(...)». 


 


مقابلة / ردّ على كلام فضل الله «الغريب» وعلى كلام تسخيري «الأعجب»... ووصف «مهر» بـ «الكاذبة والمزيّفة»
القرضاوي: نحن أهل السنة وحدنا الفرقة الناجية وكلُّ الفرق الأخرى وقعت في البدع والضلالات

  رد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الداعية الشيخ يوسف القرضاوي، باسهاب على رد المرجع الشيعي اللبناني السيد محمد حسين فضل الله، على ما نشرته صحيفة «المصري اليوم» من حوار مع الداعية السني تطرَّق فيه الى الشيعة ومذهبهم، معتبرا ان فضل الله وفي مقابلة مع «الراي»، اخيرا، «قال كلاما غريبا دهشتُ له، واستغربتُ أن يصدر من مثله»،
كما رد على رئيس مجمع التقريب بين المذاهب في طهران آية الله محمد علي تسخيري، الذي «قال كلاما أعجب من كلام فضل الله»، موضحا الاسباب التي تدعو الى وصف الشيعة بـ «الابتداع، ولا نحكم عليهم بالكفر البواح، أو الكفر الأكبر، المُخر.ج من الملَّة»، ومؤكدا ان «هناك فرقة واحدة من الفرق الثلاث والسبعين التي جاء بها الحديث هي وحدها (الناجية)، وكلُّ الفرق هالكة أو ضالة، وكلُّ فرقة تعتقد في نفسها أنها هي الناجية، والباقي على ضلال. ونحن أهل السنة نوقن بأننا وحدنا الفرقة الناجية، وكلُّ الفرق الأخرى وقعت في البدع والضلالات، وعلى هذا الأساس قلتُ عن الشيعة: انهم مبتدعون لا كفار، وهذا مُجمَع عليه بين أهل السنة، ولو لم أقل هذا لكنتُ متناقضا، لأن الحقَّ لا يتعدَّد، والحمد لله، فحوالي تسعة أعشار الأمة الاسلامية من أهل السنة، ومن حقهم أن يقولوا عنا ما يعتقدون فينا».
وذكر القرضاوي ان تسخيري علق «على قولي للصحيفة المصرية ان الشيعة مسلمون، لكنهم مبتدعون. فقال: ان القرضاوي اتهم مرة أخرى الشيعة بتحريف القرآن، في حين أن هذا خطأ فاحش... وهو يعلم أن علماء الشيعة في مختلف العصور أكَّدوا على عدم تحريف القرآن». واوضح الداعية: «وأنا أعترف أن صحيفة (المصري اليوم) لم تنقل كلامي هنا حرفيًّا، بل تصرَّفت فيه، فلم يكن قولها دقيقا ومستوعبا، كما جاء في جوابي الأصلي. ومع هذا، فان الصحيفة لم تنقل عني: أن الشيعة جميعا يؤمنون بتحريف القرآن، لكنها قالت: كثير منهم يقول: ان القرآن الموجود كلام الله، ولكن ينقصه بعض الأشياء، مثل سورة الولاية اهـ».
وهاجم قرضاوي في الوقت نفسه «وكالة مهر للانباء» الايرانية، «التي زعمت أن المذهب الشيعي يلقى تجاوبا لدى الشباب العربي الذي بهره انتصار حزب الله على اليهود في لبنان، وكذلك الشعوب المسلمة الواقعة تحت الظلم والاضطهاد، واعتبرت الوكالة ذلك معجزة من معجزات آل البيت لأن الشعوب وجدت ضالَّتها في هذا المذهب، حيث قدَّم الشيعة نموذجا رائعا للحكم الاسلامي، لم يكن متوافرا بعد حكم النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم الامام علي رضي الله عنه»، وقال: «وهذا الكلام مردود عليه، فالفرد الايراني كغيره في بلادنا الاسلامية، لم يطعم من جوع، ولم يأمن من خوف. ولا سيما أهل السنة الذين لا يزالوان يعانون التضييق عليهم. وكلام الوكالة فيه طعن في عهد أبي بكر وعمر، وقد قدَّما نموذجا رائعا للحكم العادل والشورى، بخلاف حكم علي الذي شُغل بالحروب الداخلية، ولم يتمكَّن من تحقيق منهجه في العدالة والتنمية، كما كان يحب».
وقال القرضاوي في بيان مطول حصلت «الراي» على نسخة منه، «كلمة ختامية أودُّ أن أقولها للذين ادَّعوا أني بكلامي أدعو الى فتنة، وأقول بكلّ. وضوح: انني عدو الفتنة دائما، لكني بتحذيراتي وتنبيهاتي هذه أحاول أن أحمي أمتنا كلَّها من فتنة كبرى، يُخشى اذا لم تتداركها قبل فوات الأوان أن تأكل الأخضر واليابس، وتعود بالضرر الأكبر على الأمة كلّ.ها سنتها وشيعتها».
وقد بدأ القرضاوي رده بالقول:
«بسم الله الرحمن الرحيم،
بيان للناس حول موقفي من الشيعة، وما قالته وكالة أنباء مهر الايرانية والرد على الشيخين فضل الله والتسخيري.
شنَّت وكالة أنباء مهر الايرانية شبه الرسمية في 13 من رمضان 1429هـ الموافق 13 سبتمبر 2008، هجوما عنيفا على شخصي، تجاوزت فيه كلَّ حدٍّ، وأسفَّت اسفافا بالغا لا يليق بها، بسبب ما نشرته صحيفة المصري اليوم من حوار معي تطرَّق الى الشيعة ومذهبهم، قلتُ فيه: أنا لا أكفرهم، كما فعل بعض الغلاة، وأرى أنهم مسلمون، لكنهم مبتدعون. كما حذَّرت من أمرين خطيرين يقع فيهما كثير من الشيعة، أولهما سبُّ الصحابة، والآخر غزو المجتمع السني بنشر المذهب الشيعي فيه، لا سيما أن لديهم ثروة ضخمة يرصدون منها الملايين بل البلايين، وكوادر مدرَّبة على نشر المذهب، وليس لدى السنة أيَّ حصانة ثقافية ضدَّ هذا الغزو. فنحن علماء السنة لم نسلّ.حهم بأيّ. ثقافة واقية، لأننا نهرب عادة من الكلام في هذه القضايا، مع وعينا بها، خوفا من اثارة الفتنة، وسعيا الى وحدة الأمة.
هذا الكلام أثار الوكالة، فجنَّ جنونها، وخرجت عن رشدها، وطفقت تقذفني بحجارتها عن يمين وشمال».
وتابع القرضاوي: «وعلَّق على موقفي العلامة آية الله محمد حسين فضل الله، فقال كلاما غريبا دهشتُ له، واستغربتُ أن يصدر من مثله. كما علَّق آية الله محمد علي تسخيري، نائبي في رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقال كلاما أعجب من كلام فضل الله».
وأضاف: «وأودُّ هنا قبل أن أردَّ على ما قاله هؤلاء جميعا، أن أبيّ.ن موقفي من قضية الشيعة الامامية ومذهبهم ومواقفهم، متحرّ.يا الحق، ومبتغيا وجه الله، مؤمنا بأن الله أخذ الميثاق على العلماء ليبيّ.نن للناس الحقَّ ولا يكتمونه. وقد بينته من قبل في كتابي - مبادئ في الحوار والتقريب بين المذاهب والفرق الاسلامية - وأصله بحث قدمته لمؤتمر التقريب الذي عُقد في مملكة البحرين. وما أقوله اليوم تأكيد له.
- أولا: أنا أؤمن أولا بوحدة الأمة الاسلامية بكلّ. ف.رَقها وطوائفها ومذاهبها، فهي تؤمن بكتاب واحد، وبرسول واحد، وتتَّجه الى ق.بلة واحدة. وما بين ف.رَقها من خلاف لا يُخر.ج فرقة منها عن كونها جزءا من الأمة، والحديث الذي يُعتمد عليه في تقسيم الفرق يجعل الجميع من الأمة، «ستفترق أمتي...». الا مَن انشقَّ من هذه الفرق عن الاسلام تماما، وبصورة قطعية.
- ثانيا: هناك فرقة واحدة من الفرق الثلاث والسبعين التي جاء بها الحديث هي وحدها (الناجية)، وكلُّ الفرق هالكة أو ضالة، وكلُّ فرقة تعتقد في نفسها أنها هي الناجية، والباقي على ضلال. ونحن أهل السنة نوقن بأننا وحدنا الفرقة الناجية، وكلُّ الفرق الأخرى وقعت في البدع والضلالات، وعلى هذا الأساس قلتُ عن الشيعة: انهم مبتدعون لا كفار، وهذا مُجمَع عليه بين أهل السنة، ولو لم أقل هذا لكنتُ متناقضا، لأن الحقَّ لا يتعدَّد، والحمد لله، فحوالي تسعة أعشار الأمة الاسلامية من أهل السنة، ومن حقهم أن يقولوا عنا ما يعتقدون فينا.
- ثالثا: ان موقفي هذا هو موقف كلّ. عالم سنيٍّ معتدل بالنسبة الى الشيعة الامامية الاثنا عشرية، أما غير المعتدلين فهم يصرّ.حون بتكفيرهم لموقفهم من القرآن، ومن السنة، ومن الصحابة، ومن تقديس الأئمة، والقول بعصمتهم، وأنهم يعلمون من الغيب ما لا يعلمه الأنبياء. وقد رددت على الذين كفروهم، في كتابي - مبادئ في الحوار والتقريب.
لكني أخالفهم في أصل مذهبهم وأرى أنه غير صحيح، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي بالخلافة من بعده، وأن الصحابة كتموا هذا، وخانوا رسولهم، وجحدوا عليا حقَّه، وأنهم تآمروا جميعا على ذلك. والعجب أن عليًّا لم يعلن ذلك على الملأ ويقاتل عن حقّ.ه. بل بايع أبا بكر وعمر وعثمان، وكان لهم معينا ومشيرا. فكيف لم يواجههم بالحقيقة؟ وكيف لم يجاهر بحقه؟ وكيف تنازل ابنه الحسن عن خلافته المنصوص عليها لمعاوية؟ وكيف يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ذلك، وأن الله أصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين؟
وللشيعة بدع عملية مثل: تجديد مأساة الحسين كل عام بلطم الوجوه، وضرب الصدور الى حدّ. سفك الدم، وقد مضى على المصيبة أكثر من ثلاثة عشر قرنا؟ ولماذا لم يعمل ذلك في قتل والده، وهو أفضل منه؟
ومن ذلك الشركيات عند المزارات والمقابر التي دُفن فيها آل البيت، والاستعانة بهم ودعاؤهم من دون الله. وهو ما قد يوجد لدى بعض أهل السنة، لكن علماءهم ينكرون عليهم ويشددون النكير.
من أجل ذلك نصفهم بالابتداع، ولا نحكم عليهم بالكفر البواح، أو الكفر الأكبر، المُخر.ج من الملَّة.
وأنا من الذين يقاومون موجة التكفير من قديم، وقد نشرتُ رسالتي (ظاهرة الغلو في التكفير)، مشدّ.دا النكير على هذا الغلو، ونؤكّ.د أن كلَّ مَن نطق بالشهادتين والتزم بمقتضاهما: دخل في الاسلام بيقين، ولا يخرج منه الا بيقين. أي بما يقطع بأنه كفر لا شك فيه.
- رابعا: أن الاختلاف في فروع الدين، ومسائل العمل، وأحكام العبادات والمعاملات، لا حرج فيه، وأصول الدين هنا تسع الجميع، وما بيننا وبين الشيعة من الخلاف هنا ليس أكبر مما بين المذاهب السنية بعضها وبعض. ولهذا نقلوا عن شيخنا شلتوت شيخ الأزهر رحمه الله، أنه أفتى بجواز التعبُّد بالمذهب الجعفري، لأن التعبُّد يتعلَّق بالفروع والأحكام العملية، وما يخالفوننا فيه في الصلاة والصيام وغيرهما يمكن تحمُّله والتسامح فيه.
- خامسا: أن ما قلتُه لصحيفة (المصري اليوم) هو ما قلتُه بكلّ. صراحة وأكَّدتُه بكلّ. قوَّة، في كلّ. مؤتمرات التقريب التي حضرتُها في الرباط، والبحرين، ودمشق، والدوحة، وسمعه مني علماء الشيعة، وعلقوا عليه، وصارحتُ به آيات الله حينما زرتُ ايران منذ نحو 10 سنوات، أن هناك خطوطا حمراء يجب أن ترعى ولا تتجاوز، منها: سب الصحابة، ونشر المذهب في البلاد السنية الخالصة. وقد وافقني علماء الشيعة جميعا على ذلك.
- سادسا: انني رغم تحفُّظي على موقف الشيعة من اختراق المجتمعات السنية، وقفتُ مع ايران بقوَّة في حقّ.ها في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وأنكرتُ في شدَّة التهديدات الأميركية لها، وقلتُ: اننا سنقف ضد أميركا اذا اعتدت على ايران، وان ايران جزء من دار الاسلام، لا يجوز التفريط فيها، وشريعتنا توجب علينا أن ندافع عنها اذا دخلها أو هدَّدها أجنبي. ونوَّهَتْ بموقفي كلُّ أجهزة الاعلام الايرانية، واتصل بي عدد من المسؤولين شاكرين ومقدّ.رين. وأنا لم أقف هذا الموقف مجاملة، ولكني قلتُ ما يجب أن يقوله المسلم في نصرة أخيه المسلم».
رد على «مهر»
وردا على «وكالة مهر»، قال القرضاوي في كتابه، «زعمت وكالة الأنباء أني أردّ.د ما يقوله حاخامات اليهود، وأتحدَّث نيابة عنهم، وقالت ان كلامي يصبُّ في مصلحة الصهاينة والحاخامات! وجهلت الوكالة التائهة ما أعلنه اليهود أنفسهم أن أخطر الناس عليهم في قضية فلسطين هم علماء الدين، وأن أخطر علماء الدين هو القرضاوي. وطالما حرَّضوا عليَّ، وعلى اغتيالي، ولا يزال اللوبي الصهيوني في كلّ. مكان يقف ضدّ.ي، ويؤلّ.ب علي الحكومات المختلفة، لتمنعني من دخول أرضها، فلا غرو أن مُنعت من أميركا وبريطانيا وعدد من البلاد الأوروبية لأني عدو اسرائيل، ومفتي العمليات الاستشهادية».
وأضاف: «انني أحارب اليهود والصهاينة منذ الخامسة عشر من عمري، أي من نحو 70 سنة، قبل أن يُولد هؤلاء الذين يهاجمونني. وانتسبت منذ شبابي المبكّ.ر الى جماعة يعتبرها الصهاينة العدو الأول لهم، هي جماعة الاخوان المسلمين التي قدَّمت الشهداء، ولا تزال من أجل فلسطين.
أما الماسونية، فكتاباتي ضدَّها في غاية الوضوح، ولا سيما فتواي عن (الماسونية) في كتابي (فتاوى معاصرة)».
وتابع: «زعمت الوكالة: أن المذهب الشيعي يلقى تجاوبا لدى الشباب العربي الذي بهره انتصار حزب الله على اليهود في لبنان، وكذلك الشعوب المسلمة الواقعة تحت الظلم والاضطهاد، واعتبرت الوكالة ذلك معجزة من معجزات آل البيت لأن الشعوب وجدت ضالَّتها في هذا المذهب، حيث قدَّم الشيعة نموذجا رائعا للحكم الاسلامي، لم يكن متوافرا بعد حكم النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم الامام علي رضي الله عنه.
وهذا الكلام مردود عليه، فالفرد الايراني كغيره في بلادنا الاسلامية، لم يطعم من جوع، ولم يأمن من خوف. ولا سيما أهل السنة الذين لا يزالوان يعانون التضييق عليهم. وكلام الوكالة فيه طعن في عهد أبي بكر وعمر، وقد قدَّما نموذجا رائعا للحكم العادل والشورى، بخلاف حكم علي الذي شُغل بالحروب الداخلية، ولم يتمكَّن من تحقيق منهجه في العدالة والتنمية، كما كان يحب».
وتابع: «المهم أن الوكالة اعترفت بتنامي المد الشيعي الذي اعتبرته (معجزة) لآل البيت! وهو ردٌّ على الشيخ فضل الله والتسخيري وغيرهما الذين ينكرون ذلك. كما زعمت الوكالة أني لم أتحدَّث عن بطولات أبناء الشيعة في جنوب لبنان (2006). وهو زعم كاذب أو جاهل، فقد ناصرت حزب الله، ودافعت عنه، ورددت على فتوى العالم السعودي الكبير الشيخ بن جبرين، في حلقة كاملة من حلقات برنامجي - الشريعة والحياة - في قناة الجزيرة، ونُقلت الحلقة من القاهرة حيث كنتُ في الاجازة».
وقال قرضاوي: «تحدَّثت الوكالة بشماتة عن هزائم العرب، ولا سيما هزيمة 1967، وعن حكام العرب، وجنرالات العرب، وكأني مسؤول عنهم، وقد قاومتُ استبداد الحكام وطغيانهم، ودخلتُ من أجل ذلك السجون والمعتقلات، وحوكمتُ أمام المحاكم العسكرية، وحُرمتُ من الوظائف الحكومية، وأنا أول دفعتي».
واضاف: «ونسيت الوكالة، أن مصر دخلت أربع حروب من أجل فلسطين، وأنها في احداها حقَّقت نصرا معروفا على دولة الصهاينة، رغم ما كان يسندها من المدد الأميركي، وذلك في حرب العاشر من رمضان سنة 1393هـ (6 أكتوبر 1973)، وكذلك بطولات الاخوة في فلسطين في حماس والجهاد وكتائب الأقصى وغيرهم».
واعتبر ان «أسوأ ما انحدرت اليه الوكالة، زعمها أني أتحدَّث بلغة تتَّسم بالنفاق والدجل، وهو اسفاف يليق بمَن صدر عنه، وقد قال شاعرنا العربي: وحسبكمو هذا التفاوت بيننا، وكل اناء بالذي فيه ينضح.
والذين عرفوني بالمعاشرة أو بقراءة تاريخي، عرفوني منذ مقتبل شبابي شاهرا سيف الحقّ. في وجه كلّ. باطل، وأني لم أنافق ملكا ولا رئيسا ولا أميرا، وأني أقول الحقَّ ولا أخاف في الله لومة لائم. ولو كنتُ أبيع في سوق النفاق، لنافقتُ ايران التي تقدر أن تُعطي الملايين، والتي تشتري ولاء الكثيرين بمالها، ولكني لا أُشترى بكنوز الأرض، فقد اشتراني الله سبحانه وبعتُ له. وقد اقترحوا علي منذ سنوات أن يعطوني جائزة لبعض علماء السنة، فاعتذرت اليهم».
وتابع الداعية: «وقالت الوكالة الكاذبة المزيّ.فة، كان الأحرى بالشيخ القرضاوي أن يتحدَّث عن خطر المدّ. الصهيوني، الذي أوشك أن يقترب من بيت القرضاوي نفسه، حيث ان أبناءه الذين يقطنون في أحياء لندن، انصهروا تماما بالثقافة الأنغلوسكسونية، وابتعدوا عن الثقافة الاسلامية.
ولا أدري كيف يجترئ هؤلاء الناس على الكذب الصُراح، فليس أحد من أولادي يسكن في لندن، بل يعملون بالتدريس في جامعة قطر، أو في سفارة قطر في القاهرة، ومن بناتي ثلاث حصلن على الدكتوراه من انكلترا، وكلهن في قطر منذ سنين. وهن متمسكات بثقافتهن الاسلامية، وهُويَّتهن الاسلامية، الا اذا كانت الوكالة تعتبر تخصُّصاتهن العلمية خروجا عن الدين، وعن الثقافة الاسلامية.
أما خطر المد الصهيوني فلستُ في حاجة الى أن أتعلَّمه من السيد حسن زاده - خبير الشؤون الدولية في الوكالة - فمنذ الخامسة عشرة من عمري، وأنا أقاوم هذا الخطر بشعري ونثري، وخطبي وكتبي، ولي كتابان في ذلك هما: درس النكبة الثانية، والقدس قضية كل مسلم. غير فتاوى ومحاضرات وخطب شتَّى.
ولو فتح الراديو يوم الجمعة في الأيام التي أخطب فيها، واستمع الى فضائية قطر، لعرف حقيقة موقفي من المدّ. الصهيوني. فلستُ ممن يزايد عليه في هذا المجال».
...وعلى فضل الله
أما عن رأيه في ما قاله السيد فضل الله في حواره أخيراً مع «الراي»، قال القرضاوي: «عقَّب آية الله الشيخ محمد حسين فضل الله على حديثي في صحيفة (المصري اليوم) تعقيبا استغربتُ أن يصدر من مثله، وأنا اعتبره من العلماء المعتدلين في الشيعة، وليس بيني وبينه الا المودة، فقد كان أول ما قاله: انني لم أسمع عن الشيخ القرضاوي أيَّ موقف ضدَّ التبشير (المسيحي) الذي يراد منه اخراج المسلمين عن دينهم... وهذا عجيب حقًّا، فموقفي ضد (التنصير) الذي يسمُّونه التبشير واضح للخاص والعام، في كتبي وخطبي ومحاضراتي ومواقفي، وطفتُ كثيرا من البلاد الاسلامية بعد مؤتمر كولورادو 1978، الذي اجتمع لتنصير العالم الاسلامي، ورصد لذلك ألف مليون دولار، وانتهيتُ الى السعي لانشاء الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية في الكويت. الذي كان الهدف الأول منها: المقاومة العملية للموجة التنصيرية المسعورة الطامعة في تنصير الأمة الاسلامية».
وتابع: «وكلُّ الناس يعرفون أني واقف بالمرصاد لكلّ. مَن يتطاول على مقدسات الاسلام: الرسول والقرآن والسنة الشريفة. وقد كان موقفي في أزمة الرسوم المسيئة معروفا على مستوى العالم، وموقفي في الردّ. على البابا، بأكثر من وجه، ومنه كتابي (البابا والاسلام)».
واضاف: «ويقول الشيخ فضل الله أيضا: لم نسمع من القرضاوي أيَّ حديث عن اختراق العلمانيين أو الملحدين للواقع الاسلامي.وأنا أقول: يا عجبا! لقد وقفتُ للعلمانيين والملحدين في كتبي ومحاضراتي وخطبي وهي منشورة ومشهورة، مثل: (الاسلام والعلمانية وجها لوجه)،(التطرف العلماني في مواجهة الاسلام)،(بيّ.نات الحل الاسلامي وشبهات العلمانيين والمتغربين)، (الدين والسياسة)، و(من فقه الدولة في الاسلام) وغيرها من الكتب التي شرَّقت وغرَّبت، وتُرجمت الى عدد من اللغات.
وشاركتُ في مناظرات مع العلمانيين، أظهر الله فيها حجَّة الاسلاميين، وتهافت خصومهم. وظهرت في أشرطة سمعها الكثيرون في أنحاء العالم».
وقال القرضاوي: «أنكر الشيخ فضل الله اعتباري الشيعة (مبتدعة). ونسي الشيخ أني قلت هذا في مواجهة مَن يقول: انهم كفَّار. ونحن أهل السنة نقول عن سائر الفرق الاسلامية: انهم مبتدعون، لكن بدعة غير مكفّ.رة. وهذا مقتضى أن الفرقة الناجية فرقة واحدة، وسائر الفرق وقعت في البدع والضلالات بن.سَب متفاوتة.
والشيعة عندهم بدع نظرية وبدع عملية. من البدع النظرية: القول بالوصية لعلي، وعصمة الأئمة والمبالغة في تعظيمهم، واضفاء القداسة عليهم، وأن السنة عندهم ليست سنة محمد، بل سنَّته وسنة المعصومين من بعده.
ومن البدع العملية: تجديد مأساة الحسين كلَّ عام، وما يحدث عند مزارات آل البيت من شركيات، وزيادة الشهادة الثالثة في الاذان وغيرها.
وما ذكره عن تحريف الشيعة للقرآن، فأنا ممَّن يؤمنون بأن الأكثرية الساحقة من الشيعة لا يعرفون قرآنا غير قرآننا، وأن هذا المصحف الذي يطبع في ايران هو نفسه الذي يطبع في المدينة، وفي القاهرة، وأنه هو الذي يفسّ.ره علماؤهم، ويحتجُّ به فقهاؤهم، ويستدلُّ به متكلموهم، ويحفظه صبيانهم.
وهذا ما ذكرتُه في أكثر من كتاب من كتبي. وكل ما قلتُه: ان بعضا من الشيعة ترى أن هذا القرآن ناقص، وأن المهدي حين يخرج سيأتي بالقرآن الكامل، وأن هناك مَن ألَّف كتابا في ذلك مثل كتاب (فصل الخطاب) وأن أكثرية الشيعة تنكر ذلك، لكنها لا تكفره كما نفعل نحن أهل السنة، وهذا هو الفرق بيننا وبينهم.
وسأل الشيخ فضل الله في حواره: ما رأيي في ما يصدره بعض السنة الآن من كتب تكفّ.ر الشيعة، وتعتبرهم مشركين ومرتدين؟ وأنا أجيبه: اني أرفض ذلك، ولا أرضى أن أكفّ.ر أحدا من أهل القبلة الا بأمر قطعي يخرجه من دائرة الاسلام. أما كلُّ ما يحتمل التأويل، فالأصل ابقاء المسلم على اسلامه، واحسان الظنّ. به، وتفسير أيّ. شك لصالحه.
وأنكر الشيخ فضل الله ما ذكرتُه من الغزو الشيعي للمجتمعات السنية، وذكر أنه أرسل اليَّ مع بعض الأصدقاء أن أعطيه احصائية عما يحدث في البلاد التي تتعرَّض للاختراق الشيعي كمصر والجزائر وسورية، وغير ذلك. وأنا أقول: ان أحدا لم يبلغني بذلك.
على أن هذا الطلب ليس جديًّا، فهذه الأمور تتمُّ في الخفاء، ولا يُعلن عنها، لاسيما في المجتمعات السنية الخالصة، مثل مصر والسودان وتونس والجزائر وغيرها. وما الضرورة الى هذه الاحصاءات، وأمامنا من الشواهد ما يكفي.
وأعتقد أنه كفاني الرد على الشيخ ما أعلنته وكالة أنباء مهر الايرانية من انتشار المذهب الشيعي في البلاد العربية والاسلامية، واعتبارها ذلك من معجزات آل البيت».
... وعلى تسخيري
وفي رده على الشيخ تسخيري، قال القرضاوي: «أما صديقنا الشيخ تسخيري، فقد كان تعليقه أعجب! وهو يعرفني جيدا، منذ نحو ربع قرن أو يزيد. واخترتُه نائبا لي في الاتحاد العالمي، ونلتقي باستمرار في مجلس الأمناء، والمكتب التنفيذي، غير اللقاءات في المؤتمرات والمجمع الفقهي.
فقد اعتبر الشيخ (تسخيري) تصريحاتي مثيرة للفتنة، وأنها ناجمة عن ضغوط الجماعات التكفيرية والمتطرّ.فة التي تقدّ.م معلومات مفتراه، فأقع تحت تأثيرها! ونسي الشيخ تسخيري: أني لم أكن في يوم ما مثيرا للفتنة، بل داعيا للوحدة والألفة، كما أني وقفتُ ضد هذه الجماعات المتطرفة، وحذَّرت من خطرها، وألَّفتُ الكتب، وألقيتُ الخطب والمحاضرات، وكتبتُ المقالات في الدعوة الى الوسطية والاعتدال. بل أصبحت بين الدعاة والمفكرين والفقهاء رمزا للوسطية.
وكتبي في ترشيد الصحوة الاسلامية معروفة ومنشورة ومترجمة الى اللغات الاسلامية والعالمية.
ويقول التسخيري: ان القرضاوي يشبّ.ه التبليغ الشيعي بالتبشير، في حين أن الكلمة تستخدم فقط في التبليغ المسيحي.
وأنا أقول: انني استخدمت التعبير نفسه الذي استخدمه الامام محمد مهدي شمس الدين رحمه الله، وقد كنتُ استخدم عبارة (نشر المذهب).
أما التبشير المسيحي فأنا أسمّ.يه باسمه الحقيقي، وهو التنصير. على أنه لا مشاحَّة في الاصطلاح.
وكأن الشيخ يؤيّ.د التبليغ الشيعي في البلاد السنية، لكن لا يسمّ.يه تبشيرا. وأنا أرفضه بأيّ. اسم كان لأن العبرة بالمسميات والمضامين، لا بالأسماء والعناوين.
وأكد تسخيري أن القرضاوي من خلال هذه الممارسات لا يعمل من أجل انسجام الأمة الاسلامية ومصالحها، وأن هذا يتنافى مع أهداف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي بذل فيه جهودا واسعة لتأسيسه، للقضاء على التعصُّب والتفرقة، والقيام بالدعوة الى الاعتدال، حسبما جاء في الميثاق الاسلامي للاتحاد.
والشيخ التسخيري لا يغيب عنه أني عشتُ حياتي كلَّها أدعو الى توحيد الأمة الاسلامية، فان لم يمكن توحيدها فعلى الأقل تأكيد التضامن فيما بينها، وأني أيَّدت دعوة التقريب، وشهدت مؤتمراتها، وقدَّمت اليها بحوثا مهمَّة.
لكن هذا لا يعني أن أرى الخطر أمام عيني وأغضُّ الطرف عنه، مجاملة لهذا وارضاء لذلك، فوالله ما أبيع ديني بملك المشرق والمغرب.
وأنا في كلّ. المؤتمرات التقريبية التي شاركتُ فيها حذَّرت بقوة ووضوح من محاولة تصدير المذهب في البلاد الخالصة للمذهب الآخر.
ويذكر التسخيري أني عندما زرتُ ايران، قلتُ لهم: ماذا ستكسبون من محاولة نشر المذهب في البلاد السنية؟ مئة أو مئتين، أو ألفا أو ألفين، أو أكثر أو أقل. لكنكم بعد ذلك حين يكتشف الشعب الأمر، سيعاديكم عن بكرة أبيه، ويقف ضدكم. وهذا ما لا نحب أن يحدث. وهنا قال الشيخ تسخيري: صدقتَ. وأيَّد كلامي بما حدث لمكتبهم في الخرطوم. قال: وقد كانت صلتنا بالقيادة السودانية بعد ثورة الانقاذ جيدة، وسمحت لنا بفتح مكاتب هناك.
ولكن مدير المكتب رأى أن يوزّ.ع كتابا عنوانه (ثم اهتديتُ) يهاجم المذهب السني، ويدعو الى المذهب الشيعي، فما كان من حكومة السودان الا أن أغلقت هذه المكاتب وردَّت موظفيها الى طهران.
وتابع القرضاوي: «وعلَّق التسخيري على قولي للصحيفة المصرية ان الشيعة مسلمون، لكنهم مبتدعون. فقال: ان القرضاوي اتهم مرة أخرى الشيعة بتحريف القرآن، في حين أن هذا خطأ فاحش... وهو يعلم أن علماء الشيعة في مختلف العصور أكَّدوا على عدم تحريف القرآن».
وأنا أعترف أن صحيفة (المصري اليوم) لم تنقل كلامي هنا حرفيًّا، بل تصرَّفت فيه، فلم يكن قولها دقيقا ومستوعبا، كما جاء في جوابي الأصلي. ومع هذا، فان الصحيفة لم تنقل عني: أن الشيعة جميعا يؤمنون بتحريف القرآن، لكنها قالت: كثير منهم يقول: ان القرآن الموجود كلام الله، ولكن ينقصه بعض الأشياء، مثل سورة الولاية اهـ.
ومن هؤلاء العالم الشيعي المعروف، أحد كبار علماء النجف، وهو الحاج ميرزا حسين محمد تقي النوري الطبرسي، الذي ألَّف - وهو في النجف - كتابه المعروف (فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الأرباب). وقيمة الكتاب في جمعه لمئات النصوص من مصادر الشيعية وكتبهم المعتمدة، ومن أقوال علمائهم ومجتهديهم في مختلف الأزمنة، وهي تقرّ.ر أن القرآن قد ز.يد فيه ونقص منه.
وأحدث كتابه ضجَّة عند ظهوره في ايران، وردَّ عليه الكثيرون، وردَّ عليهم هو بكتاب آخر، يدفع فيه الشبهات التي أُثيرت حول كتابه.
وسجَّلت رأيي كتابة عن موقف الشيعة من القرآن في بحثي الذي قدَّمته لمؤتمر التقريب في مملكة البحرين، ونشرتُه في رسالة سمَّيتها (مبادئ في الحوار والتقريب بين المذاهب والفرق الاسلامية)، جعلتُها من رسائل ترشيد الصحوة، التي تنشرها (مكتبة وهبة) في مصر، ومؤسسة الرسالة في لبنان. وفيها رددتُ على الذين يتَّهمون الشيعة بالقول بتحريف القرآن، وبهذا يحقُّ أن نحكم بكفرهم. فكتبتُ في الردّ. على هؤلاء: (...) فقد بيَّنا أن الشيعة جميعا يؤمنون بأن ما بين دفتي المصحف كلام الله المحفوظ المعجز الملزم للأمة، ولهذا يحفظون هذا القرآن، ويتعبَّدون بتلاوته، ويحتجُّون به في مسائل العقيدة، وفروع الأحكام، وهذا مُجمع عليه عندهم. ولم نجد مصحفا يخالف مصحفنا، والمصحف الذي يطبع في ايران هو نفسه الذي يطبع في مصر والسعودية.
وأما دعوى أن هناك أجزاء ناقصة من القرآن، فليسوا متَّفقين عليها، بل يُنكرها محقّ.قوهم. على أن هذه الزيادات المزعومة، لا يترتَّب عليها أمر عملي.
ونقلتُ من أقوال الشيعة المعتدلين - التي نقلها عنهم بعض علماء السنة - ما يؤكّ.د حفظ القرآن من كل زيادة أو نقصان، ومن هذا ما نقله الشيخ رحمة الله الكيرانوي الهندي في كتابه الشهير (اظهار الحق):
- قال الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه، الذي هو من أعظم علماء الامامية الاثنا عشرية في رسالته الاعتقادية: اعتقادنا في القرآن، أن القرآن الذي أنزل الله على نبيه هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مئة وأربع عشرة سورة، وعندنا الضحى وألم نشرح سورة واحدة، ولايلاف وألم تر كيف سورة واحدة، ومن نسب الينا أنا نقول: انه أكثر من ذلك فهو كاذب. انتهى.
- وفي تفسير (مجمع البيان) الذي هو تفسير معتبر عند الشيعة: (ذكر السيد الأجل المرتضى، علم الهدى ذو المجد، أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي: أن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعا مؤلَّفا على ما هو الآن، واستدلَّ على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتى ان جماعة من الصحابة، كعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم عدة ختمات، وكلُّ ذلك بأدنى تأمُّل يدلُّ على أنه كان مجموعا مرتَّبا غير منشور ولا مبثوث، وذكر أن مَن خالف من الامامية والحشوية لا يعتدُّ بخلافهم، فان الخلاف مضاف الى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنُّوا صحَّتها، لا يُرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحَّته) انتهى.
-وقال السيد المرتضى أيضا: (ان العلم بصحَّة القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار، والوقائع العظام المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فان العناية اشتدَّت، والدواعي توفَّرت على نقله، وبلغت حدًّا لم تبلغ اليه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وعنايته الغاية، حتى عرفوا كلَّ شيء فيه، من اعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيَّرًا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟) انتهى.
- وقال القاضي نور الله الشوستري، الذي هو من علمائهم المشهورين، في كتابه المسمَّى بمصائب النواصب: (ما نُسب اليه الشيعة الامامية بوقوع التغير في القرآن ليس مما قال به جمهور الامامية، انما قال به شرذمة قليلة منهم لا اعتداد بهم فيما بينهم) انتهى.
- وقال الملا صادق في شرح الكليني: (يظهر القرآن بهذا الترتيب - المعروف الآن - عند ظهور الامام الثاني عشر ويشهر به) انتهى.
فظهر أن المذهب المحقَّق عند علماء الفرقة الامامية الاثنا عشرية: أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، وأنه كان مجموعا مؤلَّفا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظه ونقله ألوف من الصحابة. وجماعة من الصحابة، كعبد الله بن مسعود وأُبي ابن كعب وغيرهما، ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم عدة ختمات، ويظهر القرآن ويشهر بهذا الترتيب عند ظهور الامام الثاني عشر رضي الله عنه، والشرذمة القليلة التي قالت بوقوع التغير، فقولهم مردود، ولا اعتداد بهم فيما بينهم، وبعض الأخبار الضعيفة التي رُويت في مذهبهم لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحَّته، وهو حقٌّ، لأن خبر الواحد اذا اقتضى علما، ولم يوجد في الأدلَّة القاطعة ما يدلُّ عليه وجب ردُّه، وعلى ما صرح ابن المطهر الحلي في كتابه المسمى بـ(مبادئ الوصول الى علم الأصول)، وقد قال الله تعالى: {ا.نَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّ.كْرَ وَا.نَّا لَهُ لَحَاف.ظُونَ} (الحجر:9)، في (تفسير الصراط المستقيم) الذي هو تفسير معتبر عند علماء الشيعة: (أي: انا لحافظون له من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان) انتهى.
هذا ما ذكرته في كتابي (مبادئ في الحوار والتقريب) وهو يبين حقيقة موقفي من القرآن عند الشيعة، وهو معلوم عند علمائهم. فلا يجوز تصيد كلمة من هنا أو هناك، لاتخاذها ذريعة للهجوم علي.
أما ما قلته من محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية، فأنا مصر عليه، ولا بد من التصدي له، والا خنَّا الأمانة، وفرطنا في حق الأمة علينا».
وختم قرضاوي كتابه بالقول: «كلمة ختامية أودُّ أن أقولها للذين ادَّعوا أني بكلامي أدعو الى فتنة، وأقول بكلّ. وضوح: انني عدو الفتنة دائما، لكني بتحذيراتي وتنبيهاتي هذه أحاول أن أحمي أمتنا كلَّها من فتنة كبرى، يُخشى اذا لم تتداركها قبل فوات الأوان أن تأكل الأخضر واليابس، وتعود بالضرر الأكبر على الأمة كلّ.ها سنتها وشيعتها. وأتمثَّل هنا بقول الشاعر:
أرى خلل الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون لها ضـرامُ
فان لم يطفها عقلاء قــوم يكون وقودها جثث وهـــام
والله من وراء القصد، وهو الهادي الى سواء السبيل.
الفقير اليه تعالى يوسف القرضاوي»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي