رحلة في تاريخ القهوة التركية وأنواعها

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 19.10.2022 16:49
رويترز (رويترز)

بعد عصور من ابتكار الإمبراطورية العثمانية لفن طحن حبوب البن وتقديم المشروب المحبب إلى العالم الغربي، لا تزال القهوة التركية إحدى أكثر التقاليد قيمة وأصالة التي تمارس إلى الآن في تركيا.

قام حاكم اليمن بتقديم القهوة لأول مرة إلى السلطان العثماني سليمان الأول عام 1540 مستخدماً حبوب البن القادمة من إثيوبيا، وبعد ذلك طور العثمانيون أسلوب تحميص وطحن البن لصنع القهوة التركية. وبالإضافة إلى إنشاء المحامص والمطاحن، افتتح العثمانيون أول مقهى في العالم في إسطنبول عام 1550. وفي عام 1555، اخترع الأتراك أول مطحنة قهوة في العالم. وأحب العثمانيون المشروب الأسمر كثيراً، وكانوا يأخذون معهم أكياساً من البن في رحلاتهم الاستكشافية، وبذلك دخلت القهوة إلى أوروبا.

عندما انسحب العثمانيون في معركة فيينا، تركوا وراءهم أكياساً من حبوب البن تعرف عليها جاسوس بولندي يُدعى Jerzy Kulczycki، تقول الأسطورة إنه قام بافتتاح مقهى بهذه الحبوب بالذات. كما يُنسب إليه الفضل بأنه أول شخص يضيف الكريمة إلى القهوة. وبالنتيجة شق البن طريقه من خلال طرق التجارة إلى أمريكا وجميع أنحاء العالم.

وفي عام 2013 أضيفت القهوة التركية إلى التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، ومنذ ذلك الحين يحتفل العالم في الخامس من ديسمبر/كانون الأول باليوم العالمي للقهوة التركية. ومما يثير التعجب حقاً أن التحميص والطحن الجيد والتحضير الدقيق والخدمة تظل تقليداً يُمارس بنفس الأسلوب الذي وجد عليه أول مرة، ولا يزال تناول احتساء هذا النوع من القهوة عادة يومية لمعظم الأتراك.

تطحن القهوة التركية إلى قوام يشبه المسحوق الناعم، وتحضر في وعاء نحاسي صغير طويل اليد مع شفة للسكب وتقدم بشكل فردي بمستويات متفاوتة من السكر المضاف وفقاً لذوق الشارب، وتُسكب في فناجين صغيرة مماثلة في الحجم لأكواب الإسبريسو.

وهناك عدد من الاختلافات بأنواع القهوة التركية التقليدية والتوابل المضافة إليها وطريقة تقديمها حيث تطورت بمرور الوقت في مناطق مختلفة. ويعرض هذا المقال أنواعاً مختلفة من القهوة التركية التي يشتهيها كل زائر أو مقيم في تركيا.

القهوة التركية بالحليب:

على عكس العادة الإنكليزية بإضافة الحليب إلى الشاي، يضاف الحليب إلى القهوة التركية وتقدم في معظم مقاهي تركيا.

القهوة التركية بطعم المسكة الخام:

تشيع رائحة هذا النوع الشهير من القهوة في تركيا ويحضر عن طريق طحن بلورات المسكة الصغيرة إلى مسحوق ناعم يتم غليه أولاً قبل إضافة القهوة والسكر لتصبح أحد أكثر أنواع القهوة التركية انتشاراً.

القهوة التركية ببذور البطم:

وتُصنع تقليدياً من حبوب بطم الأرض، وهي ثمار من نفس نوع شجر الفستق الذي ينمو جنوب شرق الأناضول، ويحظى هذا النوع من القهوة التركية بشعبية بالرغم من أنها لا تحتوي على حبوب البن على الإطلاق. وهذا ما يجعلها بدون كافيين إنما تصنع من الثمار الشبيهة بالفستق البري ويتم تحضيرها إما بالحليب أو الماء.

قهوة "ديبك" التركية التقليدية:

يُطلق عليها أيضاً اسم "عثمانلي قهوة"، وهي تجمع بين مزيج فريد من التوابل مع البن التركي المطحون وتشمل الخروب والبطم والكاكاو والسحلب والمسكة الخام والقشدة. وتُطحن بواسطة الحجر أو الهاون أو المدقة.

القهوة التركية المحضرة على الفحم:

ويتم تحضيرها باستخدام موقد نحاسي له نقوشات تراثية غنية بالزخارف، ويُحرق فيه الفحم ليتحول إلى رماد تطهى القهوة على حرارته ببطء.

القهوة التركية المرة:

يحظى هذا النوع من القهوة التركية بشعبية كبيرة في المنطقة الجنوبية الشرقية، ويتم تحضيرها بغليها طويلاً مع الهيل ثم تقدَّم بفناجين دائرية.

قهوة تتار التركية:

تُقدَّم قهوة "تتار" مع كوب من القيمق أو القشدة المتخثرة، وتُقدم أيضاً بفنجان خاص أكبر من فنجان القهوة التركي وأصغر من الكوب العادي.

قهوة هطاي التركية:

ويتم تحميصها طويلاً وهو ما يجعل نكهتها أقوى بكثير من النكهة المعتادة ولونها أشد قتامة من القهوة العادية.

قهوة الرغوة التركية:

يُترجم اسم هذا النوع من القهوة التركية بعبارة "الجمل لا يغرق في هذه القهوة" إذ ينصب التركيز فيها على الرغوة. وتحضر بطريقة تمكن من استخراج أقصى قدر من الفقاعات الداكنة التي يتم وضعها في الكوب عند ظهورها.

قهوة الغزل التركية devebatmaz kahvesi:

وتعود جذورها إلى ولاية مانيسا وهي قهوة تركية تقدم مع رشة من اللوز المحمص والمطحون. ويُشير اسمها إلى مفهوم المغازلة والخجل، وهو سر استخدامها من قبل الفتيات المقبلات على الزواج كدليل على ما إذا كنَّ يحببن الخاطب أم لا.

قهوة الفرسان التركية süvari:

يشار إليها في بحر إيجة باسم "سوفاري" وفي البحر المتوسط باسم "تارسوزي" وتعني "سلاح الفرسان"، ويقدم هذا النوع من القهوة في أكواب الشاي التركية الكلاسيكية ذات الخصر الرفيع تأثراً بقادة جنود "زيبك" إكراماً لتراثهم.

بقلم: LEYLA YVONNE ERGIL