الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعليق الإفتاء على تشغيل ميكروفون المسجد بصوت عالٍ .. فيديو

 تشغيل ميكروفون المسجد
تشغيل ميكروفون المسجد بصوت عالٍ

قال الدكتور محمد عبد السميع، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يجوز لأحد أن يشغل ميكرفون المسجد قبل الصلاة تحت شعار الدعوة إلى الله تعالى، بإسماع الناس المواعظ والآيات قهرًا رغم أنوفهم.

وأضاف «عبد السميع» في إجابته عن سؤال: «هل يجوز تشغيل الميكروفون بصوت عالٍ لإذاعة شعائر الجمعة، بما يضر الأهالي؟»، أنه لا ينبغي استعمال مكبرات الصوت وسماعات المساجد في النَّيل مِن راحة الناس في ليل أو نهار تحت دعوى التذكير، وتحت زعم قدسية المادة المذاعة وحِقيتها.

وكانت دار الإفتاء، قد أكدت دار الإفتاء أنه لا يجوز للمسلم أن يكون فتنةً للناس أو حجابًا بين الخلق والخالق تحت شعار الدعوة إلى الله تعالى، بإسماع الناس المواعظ والآيات قهرًا رغم أنوفهم، وإزعاجهم في بيوتهم وأعمالهم، ومزاحمتهم في أوقات راحتهم وانشغالاتهم.

وذكرت الإفتاء في رد على سؤال، ما حكم أداء الخمس صلوات عبر مكبرات الصوت؟ وما حكم تشغيل البث الإذاعي للقرآن والتواشيح عبر مكبرات الصوت بصوت مرتفع قبل آذان الفجر بساعة، "الأمر متروك لكل مكلف بما يناسب وقته وقدراته واستعدادته، فلا ينبغي استعمال مكبرات الصوت وسماعات المساجد في النَّيل مِن راحة الناس في ليل أو نهار تحت دعوى التذكير، وتحت زعم قدسية المادة المذاعة وحِقيتها؛ فقد قال الله تعالى: «والذين يُؤذُون المؤمنين والمؤمناتِ بغيرِ ما اكتَسَبُوا فقد احتَمَلُوا بُهتانًا وإثمًا مُبِينًا».

واستدلت بما روى أحمد وابن ماجه والطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ"، ويقول النبي أيضا: "المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُون مِن لِسانِه ويَدِه". وكان من هَدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقيم الشعائر مع مراعاة المشاعر، فكان شديد الحرص على مصالح الخلق ومراعاة مشاعر الناس وأوقات راحتهم.

ولفتت إلى أن رَفع الصوت بهذه المكبِّرات بالتواشيح قبل أذان الفجر حرام شرعا؛ لأن فيه أذى بليغ للخلق وعدوان شديد على الناس وإقضاضٌ لمضاجعهم، والله أعلم بأحوالهم فمنهم المريض الذي تزيد اليقظةُ ألمه، ومنهم الأُم التي سهرت طوال ليلها لينام أطفالُها، ومنهم صاحب العمل الذي يشقى طوال يومه أو ليله ولا يجد فرصة للراحة من عناء العمل إلا في ذلك الوقت، وهكذا يجمع هؤلاء الآثام ومظالم الخلق وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولا يشفع في ذلك أن هذه الأصوات العالية مُحَمّلةٌ بالتواشيح والمدائح الطيبة المشروعة في نفسها؛ فإن المسلم مأمور بمراعاة مشاعر إخوانه ومنهيٌّ عن إزعاجهم في أوقات راحتهم، وفعل هذا حرام شرعًا، ولا يبرر لصاحبه أنه يريد الخير.

وتابعت: إن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، ومراعاة راحة الناس وترك إزعاجهم واجبٌ شرعيٌّ، والمسلم مأمور بألا يستعدي الخلق على الدين حتى لو كان ذلك بشيء من الدين؛ فالله تعالى نهى عن سب آلهة المشركين.

وألمحت إلى أن إذاعة الصلوات الخمس أقل ضررًا وأيسر شأنًا من إذاعة التواشيح قبل الفجر، لكن لَمّا رأى ولي الأمر منع إذاعة الصلوات الخمس في مكبِّرات الصوت الخارجية صارت مخالفة ذلك افتياتًا على ولي الأمر؛ لأن له حق تقييد المباح، فكيف إذا كان في ذلك نوعُ أذًى للخلق وإزعاج للناس. كما أن رفع الصوت بهذه الطريقة مُؤذٍ للمصلين في المساجد والبيوت ومحالِّ العمل المجاورة، وقد قال الله تعالى: «ولا تَجهَر بصلاتِكَ ولا تُخافِت بها وابتَغِ بين ذلكَ سَبِيلًا».

ونوهت بأن الإسلام دين سماحة وعدل وإنصاف وذوق وأدب ورحمة، ومع أنه هو دين الحق الذي لا يقبل اللهُ تعالى من أحد من المكلفين غيره مصداقا لقوله تعالى: «إنّ الدِّينَ عندَ اللهِ الإسلامُ» فهو لا يقهر أحدًا على الدخول فيه، ولا يرغم أحدًا على الاستماع إليه قسرًا فقد قال تعالى «فمَن شاءَ فليُؤمِن ومَن شاءَ فليَكفُر» وفي موضع آخر: «أفأنتَ تُكرِهُ النَّاسَ حتى يكونوا مُؤمِنِين» وأيضا «لا إكراهَ في الدِّينِ».

ونصحت بأنه على المسلمين أن ينشروا شعائره بطريقة تناسب المبادئ والمُثُل التي يدعو إليها، مستدلة بما روعي عن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصارِيِّ، رضي الله تعالى عنه، قال: قال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، لا أَكادُ أُدرِكُ الصَّلاةَ مِمّا يُطَوِّلُ بنا فُلانٌ، فما رَأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم في مَوعِظةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِن يَومِئِذٍ فقال: "أيّها النّاسُ، إنّ منكم مُنَفِّرِينَ، فمَن صَلّى بالنّاسِ فليُخَفِّف؛ فإنّ فيهم المَرِيضَ والضَّعِيفَ وذا الحاجةِ".

واستطرد: أن هذه النصوص وغيرها تمنع من أذى الخَلق، وتراعي مشاعرهم في إسماعهم شعائر الإسلام، وتُرَهِّب مِن التَّعَدِّي عليهم بالقول أو الفعل. وإذا كان العدوان والظلم واقعَين على الجيران فإن الذنبَ يكون أعظم، والجُرمَ يصير أَشنَع؛ للنصوص المتكاثرة في الوصية بالجار؛ كقوله تعالى: «وبالوالدَين إحسانًا وبذي القُربى واليَتامى والمَساكِين والجارِ ذي القُربى والجارِ الجُنُبِ والصاحِبِ بالجَنبِ»، وقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ»، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يَأمَنُ جارُه بَوائِقَه».