بريل إمبولو ينضم إلى صفوف نادي موناكو في صيف2022 :المصدر  نادي موناكو  الفرنسي لكرة القدم
بريل إمبولو ينضم إلى صفوف نادي موناكو في صيف2022 :المصدر نادي موناكو الفرنسي لكرة القدم

نجم المنتخب السويسري، المهاجم بريل إمبولو ترك انطباعا مثيرا خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، بتسجيله هدفين لصالح منتخب بلاده في المونديال. لكن اللحظة الفريدة كانت عندما رفض الاحتفال بهدفه في شباك الكاميرون والذي بفضله فازت سويسرا ضد بلده الأصلي. في تلك اللحظة اختلطت عليه مشاعر الفرح بالأسف. مسيرة حياة هذا المهاجم ذو 25 عاما من موطنه الأصلي الكاميرون إلى أضواء كرة القدم العالمية لم تكن سهلة. في هذا التقرير، نسلط الضوء على المهاجم بريل إمبولو ذو الهوية المزدوجة السويسرية الإفريقية، والطامح لتقديم المزيد في عالم كرة القدم.

في مونديال قطر 2022، وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خلال مواجهة الكاميرون وسويسرا في استاد الجنوب ضمن مواجهات الجولة السابعة لمنافسات كأس العالم، تلقى المهاجم السويسري بريل إمبولو تمريرة من الجانب الأيمن من شيردان شاكيري وسدد كرة قوية من مدى قريب لتستقر داخل شباك الكاميرون، ليسجل بذلك هدف الفوز لسويسرا ويتسبب بخسارة منتخب موطنه الأصلي الكاميرون.  

في تلك اللحظة توقف اللاعب ووضع يديه على وجهه ثم رفعهما في الهواء. بدا وكأنه يريد الاعتذار لموطنه الأصلي عندما ركض نحوه باقي لاعبي سويسرا للاحتفال. في لحظة فريدة اختلطت فيها مشاعر الفرح بالحزن.  

يتذكر بريل إمبولو هذه اللحظة ويقول لمهاجر نيوز "مررت بالعديد من المشاعر في ذلك اليوم، ولكن أيضا في تلك اللحظة بالذات"، ويضيف قائلا " لقد كان هدفي الأول في كأس العالم، لقد سجلته في مرمى بلدي الذي ولدت فيه، لقد كان ذلك مؤثرا للغاية. حتى لو كانت سعادتي هائلة وكبيرة كان يجب علي تمالك نفسي وعدم الاحتفال. عدم الاحتفال بهدفك ضد منتخب مسقط رأسك هو علامة احترام لبلدك".  



وصف اللاعب هذا الهدف بأنه "من أقوى اللحظات في حياته حتى الآن". ويقول "لقد كان نوعا من الجسر العاطفي بين مرحلتين من أعظم وأكبر مراحل حياتي: ولادتي في إفريقيا، ووصولي وحياتي في أوروبا".  

وُلد بريل إمبولو في ياوندي عاصمة الكاميرون في شباط/فبراير 1997، وقضى السنوات الأولى من حياته بشكل أساسي مع والدته وشقيقه، لأن والديه انفصلا عندما كان عمره ثلاث سنوات فقط. 

حياته في الكاميرون وطفولته لم تكن سهلة بسبب افتراق والديه، لكن سرعان ما وقع إمبولو الصغير في حب كرة القدم المستديرة، ليقضي معظم وقته مع أصدقائه في الجري ولعب كرة القدم في الأراضي الخالية من الحي الذي نشأ فيه.  

يقول إمبولو "أصدقائي وعائلتي وكرة القدم: هذا كل ما كنت أحتاجه لأبتسم، وهذه السنوات التي قضيتها في الكاميرون سمحت لي بأن أصبح ما أنا عليه اليوم".  

عندما أصبح إمبولو في سن الثامنة، أعلنت والدته أن الأسرة ستغادر البلاد "للذهاب إلى أوروبا والحصول على حياة أفضل"، يتذكر الشاب أنه قد تعرض "لصدمة". ويعترف اليوم قائلا "لقد استغرقت بعض الوقت لاستوعب ذلك وهذا أمر مؤكد".  

البدايات في نادي بازل السويسري 

وصلت العائلة إلى فرنسا، وبعد مضي فترة قصيرة في باريس، انتقلت إلى بازل في سويسرا، حيث بدأت والدة إمبولو حياة جديدة مع أطفالها وشريكها الجديد. في تلك الفترة كان الطفل الكاميروني الموهوب إمبولو يلعب كرة القدم، لكنه سرعان ما لفت أنظار كاشفي المواهب في الشارع المحلي ليبدأ مغامرته في عالم كرة القدم مع نادي "نورد سترين بال" المحلي. 

في سن العاشرة، قام بمحاولة أولى مع نادي بازل السويسري ولكن لم يتم اختياره. "لقد كان لديه إصرار ورغبة في أن يصبح لاعب كرة قدم محترف، وكان دائما يستمع إلى النصائح. لقد بذلنا قصارى جهدنا لجعله سعيدا وكان يتلقى الدعم بشكل دائم من قبل دائرة الأسرة المحيطة به. لم نأت من عائلة ثرية، لقد كافحنا من أجل المضي قدما في الحياة، وكانت لدى ابني دائما هذه الرغبة حتى عندما كان طفلا، وفي سن المراهقة أيضا، في بذل كل ما في وسعه لتحقيق مستقبل أفضل لنا"، تقول جيرمين، والدة إمبولو بفخر.

للمزيد>>> بعد رفض منحه تأشيرة.. حارس مرمى "صفاقس" التونسي يصل إيطاليا بواسطة قارب هجرة

بعد عام، انضم بريل إمبولو أخيرا إلى صفوف أفضل نادٍ في سويسرا. استمر في الأداء الجيد في نادي بازل لكرة القدم للشباب، ووقع عقده الاحترافي الأول في عام 2013 بعمر 16 عاما وثلاثة أسابيع، حينها بدأت موجة إمبولو في التبلور لتشهد كرة القدم العالمية ولادة جوهرة كروية جديدة.  

انظر دائما إلى الأمام، ولا تنس أبدا المكان الذي ولدت فيه  

من بين فرق ناديه تحت 18 وتحت 21 عاما، أصبح هذا اللاعب لا بد منه ولا يمكن الاستغناء عنه. حيث كان يلعب آنذاك مع الفريق الأول على يد مدربه في ذلك الوقت مراد ياكين والذي أصبح اليوم المدرب للمنتخب الوطني السويسري. يقول ياكين "بريل إمبولو كان بالفعل ظاهرة عندما كان عمره 16 عاما، وكانت ترقيته إلى الفريق الأول أمرا منطقيا بالنظر إلى ما كان يفعله في فرق الشباب".  

للمزيد>>> بطل أولمبي وضحية إتجار بالبشر.. العدّاء مو فرح يروي قصة حياته

ويقول "بالإضافة إلى موهبته الطبيعية وأخلاقياته في العمل، [...] ، لديه جوع للنجاح ما يسمح له بتجاوز كل الحواجز التي وضعتها الحياة أمامه بذكاء"، ويضيف "إنه بمثابة ابن لي. أنا فخور جدا به".  

في عام 2013، أصبح بريل إمبولو أصغر لاعب في فريق بازل يسجل في الدوري السويسري وفي كأس أوروبا بتسجيله هدفا في مرمى فريق لودوغوريتس البلغاري. بعد ذلك بعامين، تلقى استدعاءً لتمثيل المنتخب السويسري ضد الولايات المتحدة، وهو في الثامنة عشرة من عمره. يبتسم هاريس سيفيروفيتش، أحد أفضل أصدقائه وزملائه في الفريق ويقول "أصبح على الفور اللاعب المفضل لدى جماهير وأنصار المنتخب الوطني في جميع أنحاء البلاد، دون أدنى شك. إنه لأمر جميل أن يكن له الشعب السويسري كل هذا الحب ". إذ يملك هذا اللاعب شعبية جارفة في سويسرا، كما أنه الوحيد الذي لديه أغنية من المشجعين السويسريين باسمه، على أنغام "الأسد ميت هذا المساء، أوه إمبولو، أوه إمبولو". 

"استمر في النضوج داخل وخارج الملاعب"   

أثار بريل إمبولو إعجاب العديد من الأندية في جميع أنحاء أوروبا. في بداية عام 2016، غادر اللاعب نادي بازل إلى نادي شالكه 04 الألماني مقابل 22 مليون يورو، والتي لا تزال أكبر صفقة في التاريخ للاعب سويسري شاب دون الـ20 من العمر. يتذكر قائلاً "كان هذا الانتقال إلى ألمانيا مرحلة إضافية في مسار حياتي. كنت أرغب بالفعل في بذل أقصى ما في وسعي لمواصلة النضوج داخل وخارج أراضي الملاعب".

للمزيد>>>روني بردغجي.. لاعب كرة قدم سوري يخطف أنظار أكبر الأندية الأوروبية

في عام 2019، انضم المهاجم السويسري إلى نادي بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني، ليتقاسم الهجوم اعتبارا من 2020 مع الدولي الفرنسي ماركوس تورام ابن ليليان تورام الذي فاز بكأس العالم مع منتخب فرنسا. 

يقول ماركوس تورام لمهاجر نيوز "بريل كان أحد العناصر التي ساعدتنا على المنافسة في دوري الأبطال. إنه رجل قدم كل شيء للفريق دائما. وعلى الرغم من رحيله الصيف الماضي، إلا أنه لا يزال أحد أفضل اللاعبين في تاريخ النادي. لا يزال اسمه على شفاه الجميع لأنه كان دائما لاعبا يبذل أقصى ما بوسعه".  

بعد عدة مواسم مع النادي الألماني، قرر إمبولو خوض مغامرة جديدة في أوروبا، ففي صيف 2022 تعاقد مع نادي موناكو الفرنسي لكرة القدم. ومنذ بداية موسمه مع موناكو كان لهذا اللاعب المتألق سبعة أهداف و أربعة تمريرات حاسمة لذا يعد إمبولو أحد صانعي ألعاب هذا النادي.  

لا تزال الكاميرون تجري في عروقه، إذ يقول إمبولو "يعيش جميع أفراد عائلتي هناك. وللحفاظ على هذه الروابط، أزور البلاد مرة أو مرتين في السنة".  

ويضيف "أريد أن يحتفظ أطفالي بهذه الجذور أيضا. وأريد أيضا رد الجميل من خلال بعض الأعمال الخيرية، ولا سيما جمعيتي".  

يذهب إمبولو "دائما في إجازة إلى ياوندي ودوالا"، ليعيد "شحن" طاقته هناك. يردف قائلا "لا يزال والدي يعيش هناك. أذهب لرؤيته، وعندما نجتمع نشعر بالرضا حقا". 

يملك اللاعب الشاب مؤسسة في الكاميرون لمساعدة الشباب الذين يواجهون صعوبات، من خلال الرياضة والتعليم. يشرح هذا اللاعب الذي يهتم أيضا بقضية اللاجئين والمهاجرين في سويسرا ويقول "لن أنسى أبداً من أين أتيت. أنا سويسري وأفريقي، وهذه الهوية المزدوجة مصدر فخر كبير إلى الأبد".


 أعدته للعربية ماجدة محفوض

 

للمزيد