You are on page 1of 9

‫أ‪.‬د‪ .

‬عبد المجيد نصير‬ ‫الحسن أبن الهيثم في عجالة‬

‫لنفســك‪ ،‬واكتــف باســتفادتك منــه‪ .‬فــإن الولــد يلحــق بأبيــه‪ ،‬للمنهــج العلمــي قبــل األوربييــن بقــرون‪ .‬علــى أنــه ســار‬
‫علــى خطــى جابــر بــن حيــان الــذي اهتــم بالتجربــة وســماها‬ ‫والــكالم بصاحبــه"‪( .‬ص‪.)88‬‬
‫"الدربــة"‪ .‬وقــد لخــص د‪ .‬عمــر فــروخ منهــج ابــن الهيثــم‬
‫نقــل إلــى الخليفــة الفاطمــي الحاكــم بأمــر هللا مــا قالــه ابــن‬
‫بالنقــاط اآلتيــة‪:‬‬
‫الهيثــم فــي أحــد مجالســه فــي البصــرة‪" :‬لــو كنــت بمصــر‬
‫أ ‪ -‬االســتقراء‪ ،‬وهــو اســتخراج القاعــدة العامــة مــن‬ ‫لعملــت فــي نيلهــا عمــا يصلــح بــه النفــع فــي كل حالــة‬
‫مــن حاالتــه‪ .‬فقــد بلغنــي أنــه ينحــدر مــن موضــع عــال‪ ،‬مفــردات الوقائــع‪.‬‬
‫وهــو فــي طــرف اإلقليــم المصــري"‪( .‬ابــن القفطــي‪ ،‬إخبــار‬
‫ب ‪ -‬االســتنباط‪ ،‬وهــو تفريــع األحــوال المفــردة مــن‬
‫العلمــاء بأخبــار الحكمــاء‪ ،‬ص‪ .)114‬فاســتدعاه‪ ،‬واســتقبله‬
‫القاعــدة العامــة‪.‬‬
‫علــى أحــد أبــواب القاهــرة اســتقباال حافــا‪ ،‬وأعطــاه ســكنا‬
‫ج ـ القيــاس‪ ،‬وهــو ‪h‬لموازنــة بيــن الوقائــع المختلفــة‬ ‫الئقــا وأجــرى عليــه دخــا وافــرا‪ .‬وبعــد مــدة‪ ،‬طلــب منــه‬
‫النظــر فــي أمــر النيــل‪ .‬وجهــز لــه بعثــة علميــة‪ ،‬وســيره والمقارنــة بيــن النتائــج‪.‬‬
‫فــي المراكــب فــي النيــل‪ .‬فبلــغ أســوان ثــم منطقــة الجنــادك‪.‬‬
‫د ‪ -‬المشــاهدة‪ ،‬وهــي النظــر فــي األمــور الجاريــة فــي‬ ‫وتفحــص ابــن الهيثــم المنطقــة‪ ،‬فــأدرك أن المطلــوب أكبــر‬
‫مــن أن يقــدر عليــه بصناعــة ذلــك العصــر‪ .‬فعــاد إلــى القاهرة بيئتهــا المخصوصــة‪.‬‬
‫هـــ ‪ -‬المالحظــة‪ ،‬وهــي التفطــن لمــا يتفــق ومــا يختلــف من‬ ‫واعتــذر إلــى الحاكــم بأمــر هللا‪ ،‬الــذي قبــل عــذره‪ .‬ثــم واله‬
‫منصبــا إداريــا‪ .‬فقبلــه علــى مضــض‪ .‬وحتــى يســلم مــن هــذه األمور‪.‬‬
‫المــزاج المتقلــب للحاكــم ادعــى الجنــون‪ .‬فجعــل الحاكــم لــه‬
‫و‪-‬تكــرار المشــاهدة والتجربــة مــن حقيقــة مــا تقولــه‬ ‫بيتــا‪ ،‬وأجــرى عليــه رزقــا‪ ،‬ومــن يعتنــي بــه‪ .‬وبعــد وفــاة‬
‫الحاكــم عــاد ابــن الهيثــم إلــى نشــاطه العلمــي‪ ،‬واســتغنى عن فرضيــة مــا‪( .‬تاريــخ علــوم العــرب)‬
‫ورأى كوهــل ‪ K. Kohl‬فــي دراســة ابــن الهيثــم لضــوء‬ ‫جرايــة الســلطان‪ .‬فــكان ينســخ ثالثــة كتــب بخطــه الجميــل‬
‫(األصــول ألقليــدس‪ ،‬والمتوســطات ألبنــاء موســى بــن القمــر علــى "أنهــا أول محاولــة دراســة فيزيائيــة فلكيــة‬
‫شــاكر‪ ،‬والمجســطي لبطلميــوس)‪ .‬ويأتيــه مــن يشــتري هــذه تفصيليــة" فــي مؤلفــه "مقالــة فــي ضــوء القمــر"‪ .‬وفيهــا‬
‫النســخ بمئــة وخمســين دينــارا‪ ،‬تكفــي حاجتــه‪( .‬القفطــي اقتــرب "حتــى مــن دراســة ضــوء القمــر بــأدوات تجريبيــة"‪.‬‬
‫ص‪ .)115‬كان غزيــر اإلنتــاج فــي مختلــف حقــول المعرفــة‪ .‬إنــه األول الــذي اســتعمل الحجــرة الســوداء ‪camera‬‬
‫‪ obscura‬ممــا يوضــح أنــه كان باحثــا طبيعيــا‪ ،‬وانــه‬ ‫وبلــغ مجمــوع مــا كتبــه مــن رســائل وكتــب ‪.237‬‬
‫مــرض فــي آخــر حياتــه مرضــا شــديدا‪ .‬حتــى إذا مــا أحــس "المؤســس للبحــث الطبيعــي الحديــث"‪K. Kohl, .‬‬
‫بالمــوت‪ ،‬توجــه إلــى القبلــة وقــال‪" :‬ضاعــت الهندســة‪Uber das Licht des Mondes in SPPMSE ،‬‬
‫ـق إال تســليم الروح ‪.306/1927-1926‬‬ ‫وبطلــت المعالجــة وعلــوم الطــب‪ ،‬ولــم يبـ َ‬
‫‪ - 2‬الرياضيــات‪ :‬أورد لــه ســيزكين ‪ 36‬مؤلفــا فــي‬ ‫إلــى خالقهــا وبارئهــا"‪( .‬القفطــي ص ‪ .)115‬وأخيــرا قــال‪:‬‬
‫"إليــك المرجــع وإليــك المصيــر يــا رب‪ ،‬عليــك توكلــت وإليك الرياضيــات مخطوطاتهــا موجــودة‪ ،‬حقــق عــددا منهــا‬
‫أنبــت" (القفطــي ص ‪ .)115‬ثــم فاضــت روحــه‪ ،‬رحمــه هللا‪ ،‬رشــدي راشــد‪ ،‬وعلــي عبــد اللطيــف وغيرهمــا‪ ،‬فــي‬
‫الهندســة المســتوية والمجســمة‪ ،‬وفــي خــواص المقطــوع‪،‬‬ ‫ســنة ‪440‬هـ‪.1039/‬‬
‫وفــي الحســاب‪ ،‬وفــي علــم العــدد‪ ،‬وفــي األوســعيات (وهــي‬ ‫عــاش ابــن الهيثــم فــي العصــر الذهبــي للعلــم فــي الحضارة‬
‫الســطوح أو األجســام األكبــر ذوات اإلحاطــة المتســاوية‪،‬‬ ‫العربيــة اإلســامية‪ .‬وعاصــر ابــن الهيثــم مجموعــة كبيــرة‬
‫حيــث أن الدائــرة للســطوح والكــرة لألجســام هــي التــي تفــي‬
‫مــن كبــار العلمــاء‪ .‬نذكــر منهــم‪ :‬البيرونــي وابــن عــراق‬
‫بالغــرض)‪ ،‬وغيــر ذلــك‪ .‬نذكــر بقليــل مــن التفصيــل بعضهــا‪:‬‬
‫وابــن يونــس وابــن الســمح والخجنــدي والكرجــي وكوشــيار‬
‫أ ‪ -‬مســألة ابــن الهيثــم‪ :‬عــرف األوربيــون هــذه المســألة‬ ‫الجيلــي وابــن ســينا والنســوي والكرمانــي والسرقســطي‬
‫وأولوهــا اهتمامــا خاصــا حتــى ســميت عندهــم مســألة‬ ‫وغيرهــم‪.‬‬
‫الحســن ‪ .Al-Hazen Problem‬ونصهــا الرياضــي هو‪:‬‬ ‫أهم إنجازاته العلمية‪:‬‬
‫افــرض نقطتيــن فــي مســتوى دائــرة معلومــة‪ ،‬والمطلــوب‬
‫‪ - 1‬المنهــج العلمــي‪ :‬يعــد ابــن الهيثــم مؤسســا رئيســا رســم مســتقيمين منهمــا يتقاطعــان علــى محيــط الدائــرة‪،‬‬

‫‪5‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬أكتوبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫مجلة الكون‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد نصير‬ ‫الحسن أبن الهيثم في عجالة‬

‫ويكونــان زاويتيــن متطابقتيــن مــع العمــود علــى الدائــرة وبرهنهــا أويلــر فــي القــرن الثامــن عشــر‪ .‬كمــا أن عملــه‬
‫فــي تلــك النقطــة‪ .‬وهــي فــي الضــوء كمــا يلــي‪ :‬افــرض فــي المتطابقــات ‪ cogruences‬أوصلــه إلــى مبرهنــة‬
‫نقطتيــن أ‪ ،‬ب خــارج ســطح مــا‪ ،‬وقــد ال يكــون مســتويا‪ ،‬ولســن ‪ Wilson‬ومبرهنــة الباقــي الصينيــة‪.‬‬
‫جــد النقطــة جـــ علــى هــذا الســطح حيــث يكــون أ جـــ‪ ،‬شــعاعا‬
‫كمــا ذكــر لــه ســيزكين ‪ 35‬عنوانــا فــي الرياضيــات‪،‬‬
‫ســاقطا‪ ،‬ويكــون ب جـــ شــعاعا منعكســا‪ .‬ويــؤدي حلهــا العــام‬
‫نقــا عــن ابــن أبــي أصيبعــة‪ 35 ،‬عنوانــا‪ ،‬ربمــا ضاعــت‬
‫إلــى معادلــة مــن الدرجــة الرابعــة‪ ،‬ممــا أوصلــه إلــى جمــع‬
‫مخطوطاتهــا‪.‬‬
‫متسلســات مــن الدرجــة الرابعــة‪ .‬وهــي إلــى األس ك علــى‬
‫‪ - 3‬الفيزيــاء‪ :‬لــه فيهــا إنجــازات عظيمــة‪ ،‬وأهمهــا فــي‬ ‫النحــو‪:‬‬
‫علــم المناظــر‪ ،‬وكتابــه الــذي يحمــل هــذا االســم شــاهد علــى‬
‫ذلــك‪ ،‬وقــد ألفــه ســنة ‪ .1021‬وقــد حققــه الدكتــور عبــد‬
‫الحليــم صبــرة‪ .‬والكتــاب مــن ســبع مقــاالت هــي‪:‬‬
‫المقالــة األولــى‪ :‬فــي كيفيــة اإلبصــار بالجملــة‪ .‬وهــي مــن‬ ‫وقــد برهنهــا لألعــداد ن = ‪ .4 ،3 ،2 ،1‬وقــد برهنهــا‬
‫بطريقــة مقاربــة لطريقــة االســتدالل الرياضــي‪ ،‬ممــا يعنــي عــدة فصــول‪ :‬صــدر الكتــاب‪ ،‬خــواص البصــر‪ ،‬وفــي البحــث‬
‫إمكانيــة تعميمهــا إلــى أي ن عــدد صحيــح موجــب؛ ويكــون وعــن خــواص األضــواء‪ ،‬وعــن كيفيــة إشــراق األضــواء‬
‫فيمــا يعــرض بيــن البصــر والضــوء‪ ،‬وفــي هيئــة البصــر‪،‬‬ ‫الجــواب‪:‬‬
‫وفــي كيفيــة اإلبصــار‪ ،‬وفــي منافــع آالت البصــر‪ ،‬وفــي علــل‬
‫المعانــي التــي ال يتــم اإلبصــار إال بهــا وباجتماعهــا‪.‬‬
‫المقالــة الثانيــة‪ :‬فــي أغــاط البصــر فيمــا يدركــه علــى‬
‫اســتقامة وعللهــا‪ ،‬وهــي مــن عــدة فصــول‪ :‬صــدر المقالــة‪،‬‬ ‫ويساوى حسابه هذا مع حساب التكامل المحدد التالي‪:‬‬
‫وفــي تمييــز خطــوط الشــعاع‪ ،‬وفــي كيفيــة إدراك كل واحــد‬
‫مــن المعانــي الجزئيــة التــي تــدرك بحاســة البصــر‪ ،‬وفــي‬
‫للمبصــرات‪.‬‬
‫َ‬ ‫تمييــز إدراك البصــر‬
‫المقالــة الثالثــة‪ :‬فــي أغــاط البصــر فيمــا يدركــه علــى‬ ‫وبهــذا يكــون ابــن الهيثــم والكرجــي الســباقين إلــى طريقــة‬
‫اســتقامة وعللهــا‪ ،‬وهــي مــن عــدة فصــول صــدر المقالــة‪،‬‬ ‫االســتدالل الرياضــي‪ .‬وتوصــل بذلــك إلــى مبــادئ التكامــل‪،‬‬
‫وفــي تقديــم مــا يجــب تقديمــه لتبييــن الــكالم فــي أغــاط‬ ‫واســتخدم ذلــك لحســاب حجــم المجســم المكافئــي‪ .‬وقــد‬
‫البصــر‪ ،‬وفــي العلــل التــي مــن أجلهــا يعــرض للبصــر الغلــط‪،‬‬ ‫شــغلت مســألته هــذه كبــار الرياضييــن األوربييــن حتــى‬
‫وفــي تمييــز أغــاط البصــر‪ ،‬وفــي كيفيــات أغــاط البصــر‬ ‫القــرن الثامــن عشــر‪.‬‬
‫التــي تكــون بمجــرد الحــس‪ ،‬وفــي كيفيــات أغــاط البصــر‬
‫التــي تكــون فــي المعرفــة‪ ،‬وفــي كيفيــات أغــاط البصــر التــي‬ ‫ب ‪ -‬فــي الهندســة لــه " كتــاب فــي حــل شــكوك أقليدس في‬
‫تكــون بالقيــاس‪.‬‬ ‫األصــول وشــرح معانيــه" و "شــرح مصــادرات أقليــدس"‪.‬‬
‫حــاول برهنــة المصــادرة الخامســة (مصــادرة التــوازي)‪.‬‬
‫المقالــة الرابعــة‪ :‬فــي كيفيــة إدراك البصــر باالنعــكاس عــن‬ ‫وقــاده ذلــك إلــى تقديــم رباعــي فيــه ثــاث زوايــا قائــم ويبقــى‬
‫األجســام الصقيلــة‪ ،‬وتشــمل الفصــول التاليــة‪ :‬صــدر المقالة‪،‬‬ ‫وضــع الزاويــة الرابعــة‪ .‬فــإن كانــت قائمــة حصلنــا علــى‬
‫وفــي أن صــور المبصــرات تنعكــس عــن األجســام الصقيلــة‪،‬‬ ‫الهندســة األقليديــة المســتوية‪ .‬وإذا كانــت حــادة فالهندســة‬
‫وفــي كيفيــة انعــكاس الصــور عــن األجســام الصقيلــة‪ ،‬وفــي‬ ‫الناتجــة هــي الزائديــة غيــر األقليديــة‪ .‬ويســمى هــذا الرباعي‬
‫أن مــا يدركــه البصــر فــي األجســام الصقيلــة هــو إدراك‬ ‫اليــوم رباعــي المبــرت‪ .‬واألولــى تســميته رباعــي ابــن‬
‫البصــر للمبصــرات باالنعــكاس‪.‬‬ ‫الهيثم‪-‬المبــرت‪.‬‬
‫المقالــة الخامســة‪ :‬فــي مواضيــع الخيــاالت وهــي الصــور‬ ‫و فــي نظريــة العــدد لــه مســاهمات مهمــة‪ .‬فقــد قــدم أول‬
‫قاعــدة لألعــداد التامــة (وهــي األعــداد التــي تســاوي مجموع التــي تــرى فــي األجســام الصقيلــة وهــو إدراك البصــر‬
‫عواملهــا‪ ،‬مثــل ‪ .)3+2+1=6‬وهــذه القاعــدة هــي ‪2‬ن‪ 1-‬للمبصــرات باالنعــكاس‪.‬‬
‫المقالــة السادســة‪ :‬فــي أغــاط البصــر فيمــا يدركــه‬ ‫(ن‪ )1- 2‬حيــث ‪2‬ن ‪ 1-‬عــدد أولــي‪ .‬ولــم يســتطع برهانهــا‪،‬‬

‫العدد الثالث ‪ -‬أكتوبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫مجلة الكون‬ ‫‪6‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد نصير‬ ‫الحسن أبن الهيثم في عجالة‬

‫ذكرنــا أن ابــن الهيثــم صقــل المنهــج العلمــي (التجريبــي)‪،‬‬ ‫وعــدم توفــر هــذه الشــروط يجعــل الرؤيــة غيــر ممكنــة‪.‬‬
‫ولذلــك ال عجــب أن يطبــق منهجــه بنفســه‪ .‬مــن هــذه‬ ‫وبالنســبة لشــروط إمكانيــة الضــوء وانتشــاره يذكــر‪:‬‬
‫التجــارب والبحــوث فــي الضــوء‪:‬‬
‫‪ - 1‬يوجــد الضــوء بشــكل مســتقل عــن الرؤيــة وخارجــا‬
‫‪ - 1‬تجربــة إلثبــات أن الضــوء يســير فــي خطــوط‬ ‫عنــا‪.‬‬
‫مســتقيمة‪ .‬التجربــة بســيطة‪ .‬عمــل ثقبــا صغيــرا فــي حاجــز‬
‫‪ - 2‬يتحــرك الضــوء بســرعة كبيــرة جــدا‪ ،‬ولكنهــا ليســت‬
‫يحــول بينــه وبيــن ضــوء الشــمس‪ .‬ثــم جــاء بأنبــوب مــرن‬
‫لحظيــة أو فجائيــة‪.‬‬
‫وضــع أحــد طرفيــه علــى الثقــب ونظــر فــي الطــرف اآلخــر‬
‫‪ - 3‬يفقــد الضــوء مــن شــدة وهجــه بقــدر بعــده عــن مــع تحريــك األنبــوب فــي زوايــا مختلفــة مــع الحاجــز‪ .‬ووجــد‬
‫أنــه يــرى الضــوء فقــط عندمــا يتطابــق األنبــوب مــع خــط‬ ‫المصــدر‪.‬‬
‫مســتقيم يمــر بالثقــب‪.‬‬
‫‪ - 4‬ضــوء المصــدر جوهــري‪ ،‬وضــوء الجســم المضــاء‬
‫‪ - 2‬بحــث فــي ظاهــرة اإلظــال‪ .‬يحــدث إظــال األجســام‬ ‫ثانــوي أو عابــر‪ .‬وكالهمــا ينتشــران علــى األجســام المحيطة‬
‫بهمــا‪ ،‬ويدخــان األوســاط الشــفافة‪ ،‬وينيــران األجســام علــى األرض عندمــا تقــف هــذه األجســام حائلــة بيــن الضــوء‬
‫المشــرق عليهــا واألجســام الكثيفــة التــي تقابلهــا‪ .‬ويعــزو‬ ‫الكمــدة‪ ،‬التــي بدورهــا ترســل الضــوء‪.‬‬
‫ذلــك إلــى أن الضــوء يســير فــي خطــوط مســتقيمة‪ ،‬ويصطدم‬
‫‪ - 5‬ينتشــر الضــوء مــن كل نقطــة مــن الجســم المضــيء بالجســم الحائــل فــا يصــل إلــى منطقــة الجســم الكثيــف‬
‫أو المضــاء تبعــا لخطــوط مســتقيمة فــي األوســاط الشــفافة التــي تقــع علــى ســمت مســتقيم يتشــكل مــن مصــدر الضــوء‬
‫فــي جميــع االتجاهــات‪ .‬وتكــون هــذه الخطــوط متوازيــة أو والجســم‪ .‬كمــا ميــز بيــن الظــل (وســماه الظلمــة) وشــبه‬
‫الظــل (وســماه الظــل)‪ .‬وقــد يكــون بحثــه مــن مقدمــات علــم‬ ‫متقاطعــة‪ .‬وال تندمــج األضــواء فــي أي مــن الحاليــن‪.‬‬
‫‪ - 6‬تنتشــر األضــواء المنعكســة أو المنكســرة فــي خطــوط الفوتومتريــة‪.‬‬
‫‪ - 3‬انخــراط الضــوء فــي الثقــوب‪ .‬أدرك ابــن الهيثــم أن‬ ‫مســتقيمة فــي اتجاهــات معينــة‪.‬‬
‫ومــن الواضــح أن هــذه الشــروط ال تتعلــق بالرؤيــة‪ .‬الضــوء ينخــرط فــي الثقــوب‪ ،‬ويكــون مســتوى الثقــب قاطعــا‬
‫للمخــروط‪ .‬وأثبــت أن الجســم المضــيء بذاتــه أو مــن غيــره‬ ‫(الموســوعة ‪.)847-845‬‬
‫يشــرق مــن كل نقطــة علــى ســطحه‪ .‬وعمــل تجاربــه علــى‬
‫انعــكاس الضــوء‪ :‬وشــرح ابــن الهيثــم ظاهــرة االنعــكاس أضــواء عرضيــة كضــوء القمــر‪ ،‬وأضــواء ذاتيــة كضــوء‬
‫ووصــل إلــى مالحظــة أن (زاويــة) االنعــكاس عــن األجســام الشــمس‪.‬‬
‫الصقيلــة تســاوي زاويــة اإلســقاط‪ .‬كمــا اهتــم بالســطوح‬
‫‪ - 4‬الخزانــة المظلمــة ذات الثقــب‪ .‬اســتفاد مــن انخــراط‬ ‫غيــر الصقيلــة كثيــرة المســام‪ ،‬وتكــون أجزاؤهــا متفرقــة‬
‫غيــر متضامنــة‪ .‬فينفــذ جــزء مــن الضــوء فــي المســامة الضــوء فــي الثقــب‪ .‬فــي عمــل خزانــة مظلمــة ذات ثقــب‬
‫ســماها البيــت المظلــم‪ .‬والحــظ تكــون صــور األجســام‬ ‫ويضيــع وينعكــس الباقــي متفرقــا مشــتتا‪.‬‬
‫المضيئــة التــي تقــف خــارج الخزانــة ولعلــه أدرك أن أوضاع‬
‫ســرعة الضــوء‪ :‬ولعــل ابــن الهيثــم أول مــن توصــل الصــور تكــون مقلوبــة‪ .‬وكلمــا كان الثقــب ضيقــا كانــت‬
‫إلــى أن للضــوء ســرعة محــدودة‪ ،‬وأنــه يحتــاج إلــى زمــن الصــورة أدق وأوضــح‪ .‬ووجــد لهــذا الثقــب أبعــادا وشــروطا‬
‫لينتقــل مــن مــكان إلــى آخــر‪ .‬وبكلماتــه‪( :‬إذا كان الثقــب لكــي توجــد الصــورة بدقــة‪ .‬ومــن الشــكل‪:‬‬
‫مســتترا ثــم رفــع الســتار‪ ،‬فوصــل الضــوء مــن الثقــب إلــى‬
‫ح ر‪ :‬أ ب = جـ د‪ :‬هـ جـ‬ ‫الجســم المقابــل‪ ،‬ليــس يكــون إال فــي زمــان‪ ،‬وإن خفــي علــى‬
‫حيــث أ ب هــو الجســم المضــيء‪ ،‬وتخــرج األشــعة منــه‬ ‫الحــس"‪( .‬المناظــر‪ ،‬المقالــة الثانيــة)‪.‬‬
‫انعطــاف الضــوء‪ :‬يكــون انعطــاف الضــوء فــي نظــر ابــن تعبــر الثقــب ح ر‪ .‬ويخــرج مــن النقطــة أ شــعاعان أحدهمــا‬
‫الهيثــم عنــد انتقالــه مــن وســط آلخــر بســبب اختالف ســرعة يمــس ح ويتقاطــع مــع الحاجــز الورقــي فــي هـــ‪ ،‬واآلخــر‬
‫الضــوء فــي الوســطين‪ .‬فســرعة الضوء في الوســط المشــف يمــس ر ويتقاطــع مــع الحاجــز الورقــي فــي أَ‪ .‬ومــن النقطــة‬
‫ب علــى الجســم المضــيء‪ ،‬يخــرج شــعاعان أحدهمــا يمــس‬ ‫األلطــف أعلــى مــن ســرعته فــي الوســط المشــف األغلــظ‪.‬‬
‫ح ويتقاطــع مــع الحاجــز الورقــي فــي ث‪ ،‬والشــعاع اآلخــر‬
‫يمــس ر ويتقاطــع فــي هـــ مــع الحاجــز الورقــي‪.‬‬ ‫بعض تجاربه وبحوثه في الضوء‬

‫العدد الثالث ‪ -‬أكتوبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫مجلة الكون‬ ‫‪8‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد نصير‬ ‫الحسن أبن الهيثم في عجالة‬

‫ألقســامها أســماء أخذهــا عنــه الطــب الغربــي‪ ،‬مثــل القرنيــة‬


‫والشــبكية"‪( .‬تــراث اإلســام‪ ،‬نقــا عــن كتــاب العلــوم البحتة‬
‫لعلــي الدفــاع‪ ،‬ص‪.)316‬‬
‫‪ - 7‬نظريتــه فــي اإلبصــار‪ .‬كانــت الفرضيــات قبلــه همــا‬
‫فرضيتــا الــورود واإلبصــار‪ .‬فجــاء ابــن الهيثــم ليصــوغ‬ ‫وواضــح أن صــورة النقطــة أ علــى الحاجــز الورقــي هــي‬
‫نظريــة متكاملــة فــي اإلبصــار‪ ،‬كانــت األولــى فــي تاريــخ‬ ‫هـــ أَ؛ وصــورة النقطــة ب هــي هـــ ث علــى الحاجــز‪ .‬وموقــع‬
‫العلــم‪ .‬ومــع اهتمامــه بالجانــب التشــريحي للعيــن‪ ،‬فإنــه‬ ‫كل مــن الصورتيــن علــى الحاجــز مماســة لآلخــر‪ ،‬وال‬
‫عاملهــا أيضــا كآلــة لإلبصــار‪ .‬واســتفاد مــن تشــريح العيــن‬ ‫يقاطعــه‪ .‬ويتــم ذلــك إذا تحقــق الشــرط التالــي‪:‬‬
‫المبصــر إلــى‬
‫َ‬ ‫ليقــدم نظريتــه فــي ورود الشــعاع مــن نقطــة‬
‫البصــر‪ ،‬مــارا بمركــز الكــرة (العيــن)‪ ،‬ومــن ث ّم ليجــري عليه‬ ‫ح ر‪ :‬أ ب = هـ د ‪ :‬هـ جـ‬
‫انكســار ألنــه علــى ســمت أنصــاف أقطــار الكــرة‪ .‬وهــذا دفعــه‬‫وضــرب لذلــك أمثلــة عمليــة مختلفــة‪ ،‬منهــا صــورة‬
‫ألن يعتبــر طبقــات العيــن أجــزاء مــن كــرات متحــدة المركــز‪.‬‬ ‫الهــال الشمســي عنــد الكســوف‪ .‬وب ّيــن صــورة هــذا الــكل‬
‫ترتكــز نظريتــه علــى أن اإلبصــار يحــدث بــورود الضــوء‬ ‫بالحســابات الهندســية‪ ،‬ورســوم وصفيــة‪ ،‬أشــارت جميعــا‬
‫المبصــر إلــى العيــن‪ .‬فيدخــل‬
‫َ‬ ‫مــن كل نقطــة مــن الجســم‬ ‫إلــى أن الصــورة تكــون مقلوبــة‪.‬‬
‫وهــذه هــي بدايــة آلــة التصويــر (الكاميــرا‪ ،‬وربمــا أصــل القرنيــة‪ ،‬ويمــر مــن ثقــب العنبيــة إلــى الرطوبــة البيضيــة‪،‬‬
‫الكلمــة القمــرة)‪ .‬وبهــذا يكــون ابــن الهيثــم الســابق إلــى وبعدهــا إلــى الرطوبــة الجليديــة‪ .‬ويدعــي أن الجليديــة‬
‫اختراعهــا‪ Camera obscura .‬ويؤكــد ذلــك جــورج هــي أول عضــو مــن طبقــات العيــن يلقــاه الضــوء النافــذ‬
‫فيهــا‪ .‬ولذلــك‪ ،‬أي تلــف فــي أجــزاء العيــن ســيحول دون‬ ‫ســارتون ‪ Sarton‬فــي الموســوعة العلميــة‪.‬‬
‫وصــول الضــوء للجليديــة ويتســبب بالعمــى‪ .‬كمــا أن أي‬
‫‪ - 5‬فــي األلــوان وقــوس قــزح‪ .‬أخطــأ ابــن الهيثــم عندمــا‬
‫اعتبــر اللــون شــيئا قائمــا بذاتــه‪ ،‬مختلفــا عــن الضــوء‪.‬‬
‫لكنــه انتبــه إلــى أن اللــون األبيــض هــو مزيــج مــن األلوان‪.‬‬
‫وليثبــت ذلــك‪ ،‬عمــل دوامــة مــن األلــوان وأدارهــا بســرعة‪.‬‬
‫كمــا أخفــق فــي تفســير ألــوان قــوس قــزح فــي أنهــا ناتجــة‬
‫مــن انعــكاس الضــوء وليــس مــن انكســاره‪ ،‬كمــا ب ّيــن‬
‫ذلــك بعــده كمــال الديــن الفارســي‪ .‬وكمــال الديــن الفارســي‬
‫(‪ )1319-1267‬شــرح أفــكار ابــن الهيثــم فــي كتابــه‬
‫(المخطــوط) "تنقيــح المناظــر لــذوي األبصــار والبصائــر"‪،‬‬
‫ومــن ثــم نشــرها‪.‬‬

‫تلــف بالجليديــة يبطــل اإلحســاس بالضــوء ويــؤدي إلــى‬ ‫‪ - 6‬العيــن‪ .‬وصــف طبقــات العيــن كمــا يقــول ابــن الهيثــم‬
‫العمــى‪ .‬ويثــور ســؤال هنــا‪ :‬كيــف يــدرك البصــر هــذه‬ ‫هــي أربــع‪ :‬الشــحمة البيضــاء‪ ،‬وبيــاض العيــن وتســمى‬
‫األجســام مرئيــة غيــر ممتزجــة فــي وقــت واحــد؟ ويكــون‬ ‫الملتحمــة‪ .‬وهــي معظــم العيــن‪ .‬والعنبيــة أي الحدقــة‪ .‬وهــي‬
‫جوابــه فــي غايــة الــذكاء‪ ،‬بالفرضيــة التاليــة‪ :‬تــدرك العيــن‬ ‫كــرة صغيــرة جوفــاء ذات لــون‪ .‬والقرنيــة‪ ،‬وهــي الطبقــة‬
‫صــور األجســام مرئيــة غيــر ممتزجــة‪ ،‬ألنــه لــكل نقطــة علــى‬ ‫المتينــة المشــفة تغطــي مقدمــة العيــن‪ .‬وســطحها الخارجــي‬
‫المبصــر لهــا نقطــة نظيــرة علــى ســطح الجليديــة‬‫َ‬ ‫الجســم‬ ‫كــروي محــدب‪ ،‬بينمــا ســطحها الداخلــي كــروي مقعــر‪.‬‬
‫متخصصــة باإلحســاس بصورتهــا‪ .‬ويحــدث اإلحســاس مــن‬ ‫وأخيــراً الجليديــة‪ ،‬وهــي كــرة بيضــاء رطبــة متماســكة‬
‫المبصــر‬
‫َ‬ ‫الشــعاع الــوارد مــن النقطــة علــى ســطح الجســم‬ ‫الرطوبــة‪ .‬وذكــر ابــن الهيثــم تفاصيــل فيهــا مخالفــة للعلــم‬
‫إلــى النقطــة النظيــرة لهــا علــى ســطح عدســة الجليديــة‪ .‬وال‬ ‫الحديــث؛ إال أن مجمــل وصــف العيــن يبــدو مقبــوال‪ .‬ويقــول‬
‫تحــس الجليديــة إال باألشــعة المســتقيمة‪ ،‬ممــا يوجــب أن‬ ‫ماكــس مايرهــوف فــي ذلــك‪" :‬كان ابــن الهيثــم أول مــن‬
‫تكــون األشــعة ممتــدة علــى الســموت العموديــة علــى طبقــات‬ ‫رتــب أقســام العيــن ورســمها بوضــوح تــام‪ .‬ووضــع‬

‫‪9‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬أكتوبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫مجلة الكون‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد نصير‬ ‫الحسن أبن الهيثم في عجالة‬

‫فأشــعة المخــروط المذكــور آنفــا تنعطــف فــي طبقــات العيــن‬ ‫العيــن‪ ،‬حيــث تمــر بمركــز البصــر‪.‬‬
‫لتلتقــي علــى الجليديــة‪ ،‬إال ســهم المخــروط وهــو الشــعاع‬
‫المبصــر‪ ،‬وقاعدتــه‬
‫َ‬ ‫ويمكــن تخيــل مخــروط رأســه مركــز‬
‫الممتــد علــى الســمت العمــود‪ ،‬فإنــه ال يعانــي انعطافــا علــى‬
‫ثقــب العنبيــة‪ ،‬ويمتــد خارجــا مــن هــذا الثقــب‪ .‬فــإذا صــادف‬
‫الجليديــة حتــى بلوغــه ســطح الزجاجيــة‪ .‬ويعتبــر أن إدراك‬
‫المبصــر علــى‬
‫َ‬ ‫مبصــرا‪ ،‬فــإن األضــواء الــواردة مــن نقــاط‬
‫َ‬
‫الضــوء دون انعطــاف كمــا يحصــل فــي الشــعاع الممتــد‬
‫ســموت المســتقيمات التــي يلتئــم منهــا المخــروط ال تعانــي‬
‫علــى الســمت العمــودي‪ ،‬أقــوى مــن إدراكــه بعــد االنعطــاف‪.‬‬
‫انعطافــا‪ ،‬ولهــذا ال تحــس الجليديــة إال بهــا‪ .‬ويكــون ترتيــب‬
‫فاألجســام التــي تقــع داخــل مخــروط األشــعة تــدرك بالضــوء‬
‫ســقوط هــذه األشــعة علــى مقــدم الجليديــة علــى ترتيــب نقــاط‬
‫الــوارد علــى ســموت األعمــدة‪ ،‬وبالضــوء المنعطــف أيضــا‪.‬‬
‫المبصــر‪ .‬وهــذا التفســير مستســاغ فــي العلــم الحديث‬
‫َ‬ ‫الجســم‬
‫لذلــك تكــون رؤيتهــا أوضــح مــن رؤيــة األجســام الخارجــة‬
‫بشــكل عــام‪ .‬ونجــد ابــن الهيثــم يستشــهد بســقوط األجســام‬
‫عــن مخــروط األشــعة التــي تــدرك باالنعطــاف أيضــا‪.‬‬
‫ســقوطا حــرا فــي خطــوط مســتقيمة ليدعــم تفســيره‪ .‬ومــاذا‬
‫وال يحصــل اإلحســاس إال علــى ســموت األعمــدة الخارجــة‬ ‫عــن األجســام التــي تكــون خــارج مخــروط األشــعة‪ ،‬فــي‬
‫أن العيــن تراهــا وتدركهــا؟ ويدلــل علــى وجودهــا بقولــه‪ :‬مــن مركــز البصــر‪ .‬وتلتقــي األشــعة علــى الجليديــة مكونــة‬
‫"وإذا أقــام اإلنســان ســبابته بجفنــه األســفل‪ ،‬وتعمــد أن صــورة الجســم‪ ،‬وتلبــث هنيهــة ثــم تمضــي إلــى العصــب‬
‫البصــري عــن طريــق ثقــب العصبيــة ثــم إلــى المــخ‪ .‬وهنــاك‬
‫تنطبــق صــورة كل عيــن علــى األخــرى مكونــة صــورة‬
‫مجســمة يــدرك بهــا المــخ اللــون وترتيــب النقــاط والشــكل‪.‬‬
‫ويعنــي هــذا إشــارته إلى أعصــاب العينيــن كلتيهمــا تتقاطعان‬
‫فــي المــخ‪ .‬ويدلــل علــى ذلــك بأنــه إذا أصيــب الجانــب األيمــن‬
‫مــن المــخ تعطلــت العيــن اليســرى‪ ،‬وإن أصيــب الجانــب‬
‫األيســر تعطلــت العيــن اليمنــى‪.‬‬
‫وال شــك أن فــي نظريتــه أخطــاء‪ ،‬وكذلــك فــي وصــف‬
‫العيــن‪ .‬فنظريتــه فــي اإلبصــار ليســت الحقيقــة بدقــة‪ ،‬ولكنهــا‬
‫متوســطة بيــن كيفيــة اإلبصــار فــي الحشــرات واإلنســان‪.‬‬
‫فنصــف قطــر ســطحي القرنيــة ليــس أعظــم مــن نصــف‬
‫قطــر العنبيــة‪ .‬كمــا أن ســطح مقــدم الجليديــة ليــس موازيــا‬
‫لســطحي القرنيــة؛ والمحــور الهندســي (محــور التماثــل) ال‬
‫يمــر بمركــز ثقــب العصبــة؛ وليــس شــكل القرنيــة كرويــا‪.‬‬
‫ومــع ذلــك فنظريتــه هــي األولــى مــن نوعهــا بهــذه الجديــة‬
‫والكيفيــة‪ ،‬وكانــت خطــوة علميــة متقدمــة علــى مــا كان‬
‫قبلهــا‪.‬‬
‫اسهامه في علم الميكانيك‬
‫دراســة ابــن الهيثــم الضــوء قربتــه مــن دراســة علــم‬
‫الميكانيــك‪ .‬ونجمــل مــا توصــل إليــه كمــا يأتــي‪:‬‬
‫أ‪-‬فــي الحركــة‪ ،‬ذكــر أن الحركــة نوعــان‪ :‬حركــة طبيعيــة‪،‬‬
‫ناتجــة مــن تأثــر جســم مــا بوزنــه‪ ،‬أي بالجاذبيــة األرضيــة؛‬
‫أو مــا نســميه الســقوط الحــر‪ .‬وتعتمــد حركــة الســقوط الحــر‬ ‫يكــون ســطحها األعلــى موازيــا لســطح بصــره بالقيــاس‬
‫علــى وزن الجســم والمســافة التــي يســقط فيهــا‪ .‬وحركــة‬ ‫إلــى الجبيــن‪ ،‬فإنــه يــرى ســبابته‪ .‬وهــذه المواضــع كلهــا‬
‫عرضيــة‪ ،‬ناتجــة مــن تأثيــر عامــل خارجــي‪ .‬فالجســم‬ ‫ظاهــرة غيــر ملتبســة‪ .‬إنهــا خارجــة عــن مخــروط الشــعاع"‪.‬‬
‫الســاكن ال يتحــرك إال بتأثيــر قــوة خارجيــة‪ .‬وهــذا تلميــح‬ ‫(دراســة مصطفــى نظيــف ص ‪ .)234‬وهــذا يدفعــه لتصحيح‬
‫إلــى قانــون نيوتــن األول‪ .‬كمــا أشــار إلــى مفهــوم كميــة‬ ‫نظريتــه الســابقة ليتــم اإلدراك أيضــا باألضــواء المنعطفــة‪.‬‬

‫العدد الثالث ‪ -‬أكتوبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫مجلة الكون‬ ‫‪10‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد نصير‬ ‫الحسن أبن الهيثم في عجالة‬

‫التحــرك أو الطاقــة (الحركيــة) عندمــا ربــط ســرعة الجســم‬


‫(عالقــة حركتــه) مــع المســافة المقطوعــة ومــع ثقلــه فــي‬
‫الســقوط الحــر‪.‬‬
‫ب‪-‬وفــي تحليــل حركــة المقذوفــات‪ ،‬ذكــر أنهــا مركبــة‬
‫مــن قســطين‪ :‬قســط باتجــاه األفــق‪ ،‬وقســط باتجــاه عمــودي‬
‫علــى األفــق‪ .‬وقــد أجــرى تجاربــه علــى كــرة حديديــة ومــرآة‬
‫حديديــة‪ .‬فــإذا قذفــت الكــرة نحــو المــرآة فإنهــا ترتــد مــن‬
‫الجانــب اآلخــر بالزاويــة نفســها التــي قذفــت بهــا‪ .‬وبكلماتــه‪:‬‬
‫"واعتمــاد حركــة الجســم المتحــرك علــى الجســم المانــع‬
‫إنمــا يكــون مركبــا مــن الحركــة إلــى الجهــة التــي يمتــد منهــا‬
‫العمــود القائــم علــى ســطح الجســم المانــع‪ ،‬ومــن الحركــة‬
‫التــي يمتــد إليهــا العمــود القائــم علــى هــذا العمــود الممتــد‬
‫فــي الســطح الــذي فيــه الحركــة"‪.‬‬
‫جـ‪-‬وفــي صــدام األجســام المتحركــة باألجســام الســاكنة‪،‬‬
‫وكعادتــه كان يســتخلص النتائــج مــن تجاربــه‪ .‬فم ّيــز بيــن‬
‫أنــواع االصطــدام كمــا وصــف بدقــة تغيــر حركــة الجســم‪.‬‬
‫وذكــر‪:‬‬
‫‪ - 1‬اصطــدام الكــرة الحديديــة بالصخــر الصلــب أو الحديد‪،‬‬
‫وهــو عندنــا االصطــدام المرن‪.‬‬
‫‪ - 2‬اصطــدام الكــرة الحديديــة بجســم رخــو كالتــراب أو‬
‫يقر إسحاق نيوتن في كتابه (البصريات) الذي نشره‬
‫الصــوف‪ ،‬وهــو االصطــدام غيــر المــرن‪.‬‬
‫عام ‪1704‬م بأنه استفاد من أعمال ابن الهيثم كثيرًا‬ ‫ويســمي الجســم الســاكن الجســم المانــع‪ ،‬ألنــه يحــاول منــع‬
‫بعد أن وجهه أستاذه إسحاق بارو ألعمال ابن الهيثم‬ ‫الجســم المتحــرك مــن االســتمرار فــي الحركــة‪ .‬ويعبــر عــن‬
‫شــدة المنــع لــدى الجســم بخاصيــة الممانعــة‪ .‬لذلــك ممانعــة‬
‫ممانعــة عموديــة‪ ،‬فتتغيــر حركــة المركبــة العموديــة لتصبــح‬ ‫الحديــد‪ ،‬مثــا‪ ،‬أكبــر مــن ممانعــة التــراب‪ .‬وهــي ظاهــرة‬
‫فــي االتجــاه المضــاد مــع بقــاء حركــة المركبــة األفقيــة ثابتــة‬ ‫الصــادة عندنــا‪ .‬وتقــاس بمســافة االرتــداد بعــد التصــادم‪.‬‬
‫دون أن يعتريهــا أي تغييــر‪ ،‬وذلــك لعــدم وجــود مانــع فــي‬ ‫وبألفاظــه‪" :‬إن األجســام الثقــال إذا ســقطت إلــى أســفل مــن‬
‫اتجاههــا‪ .‬وينتــج بعــد االصطــدام مركبتــان إحداهمــا عموديــة‬ ‫موضــع عــال‪ ،‬ثــم لقيــت عنــد مســقطها جســم صلبــا كالصخــر‬
‫فــي االتجــاه المضــاد‪ ،‬واألخــرى أفقيــة فــي االتجــاه الســابق‬ ‫أو الحديــد‪ ،‬أو مــا جــرى مجــرى ذلــك‪ ،‬انعكســت فــي الحــال‬
‫نفســه‪ .‬وإذا فرضنــا أن المركبــة العموديــة الجديــدة المضــادة‬ ‫راجعــة ويكــون رجوعهــا بحركــة قويــة‪ .‬وإذا لقيــت عنــد‬
‫لالتجــاه الســابق ثابتــة فــي المقــدار تكــون الزاويــة التــي‬ ‫مســقطها جســما رخــوا كالرمــل فــي التــراب أو مــا شــاكل‬
‫تنعكــس بهــا الكــرة مســاوية للزاويــة التــي تســقط بهــا مــن‬ ‫ذلــك‪ ،‬انتشــبت فيــه ولــم ترجــع‪ .‬وإذا صادفــت جســما بعــض‬
‫جهــة العمــود"‪.‬‬ ‫الصــادة وبعــض الليــن كالجــص أو الخشــب‪ ،‬أو مــا جــرى‬
‫مجــرى مــن الليــن‪ ،‬رجعــت رجوعــا ضعيفــا‪( "....‬الفصــل‬
‫إسهامه في علم الفلك‬
‫الثالــث مــن المقالــة الرابعــة مــن المناظــر)‪ .‬والممانعــة عنــده‬
‫كان ابــن الهيثــم أيضــا فلكيــا‪ ،‬وكتاباتــه الفلكيــة تصــل إلــى‬ ‫كميــا هــي عندنــا معامــل االرتــداد‪ .‬ويشــرح ارتــداد كــرة‬
‫ربــع مؤلفاتــه (‪ 33‬كمــا ذكرهــا ســيزكن)‪ .‬وحقــق عــدد قليــل‬ ‫حديديــة بعــد اصطدامهــا بجســم صلــب كمــا يلــي بكلماتــه مــع‬
‫منهــا حتــى اآلن‪ .‬ومطمــح المؤلــف‪ ،‬كمــا يذكــر إشــر ْم هــو‬ ‫تصــرف‪" :‬نظــرا ألن حركــة الكــرة الحديديــة هــي محصلــة‬
‫"أن يجمــع الطبيعــة (الفيزيــاء) األرســطية مــع الرياضيــات‬ ‫لمركبتيــن مــن الحركــة‪ ،‬فإنــه عندمــا تصطــدم بالجســم‬
‫التطبيقيــة لعلــم الهيئــة التقليــدي والبصريــات"‪ .‬بــل إن‬ ‫الصلــب (المــرآة) فــإن المــرآة تمانــع الجســم المتحــرك‬

‫‪11‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬أكتوبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫مجلة الكون‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد المجيد نصير‬ ‫الحسن أبن الهيثم في عجالة‬

‫المراجع‬
‫‪ - 1‬ابــن أبــي أصيبعــة‪ ،‬أبــو العبــاس موفــق الديــن أحمــد بــن القاســم‬
‫(‪668-600‬هـــ)‪ ،‬عيــون األنبــاء فــي طبقــات األطبــاء‪ ،‬تحقيــق د‪ .‬نزار‬
‫رضــا‪ ،‬دار مكتبــة الحياة‪ ،‬بيــروت‪.1965 ،‬‬
‫‪ - 2‬ابــن القفطــي‪ ،‬جمــال الديــن علــي بــن يوســف بــن إبراهيــم‬
‫(‪646-593‬هـــ)‪ ،‬إخبــار العلمــاء بأخبــار الحكمــاء‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعــة‬
‫الســعاد‪1326 ،‬هـــ‪.‬‬
‫‪ - 3‬بشــار محمــد ســعيد قاســم وعلــي يوســف فــرح‪ ،‬الحســن‬
‫بــن الهيثــم وأثــره علــى المســيرة العلميــة الحديثــة‪ ،‬مكتبــة المنــار‪،‬‬
‫الزرقــاء‪ ،‬األردن‪.1984 ،‬‬
‫‪ - 4‬البيهقــي‪ ،‬تاريــخ حكمــاء اإلســام‪ ،‬ط‪ ،2‬المجمــع العلمــي‬
‫العربــي‪ ،‬دمشــق‬
‫كتابــه الفلكــي الرئيــس "كتــاب فــي هيئــة العالــم"‪ ،‬أدرجــه‬
‫‪ - 5‬جــورج ســارتون‪ ،‬الثقافــة الغربيــة فــي رعايــة الشــرق األوســط‪،‬‬
‫ترجمــة عمــر فــروخ‪ ،‬بيــروت ‪.1964‬‬
‫هــو نفســه فــي مؤلفــات الطبيعــة ومــا وراء الطبيعــة‪، .‬‬
‫اثبــت كوهــل وإشــرم أن نظريــة بيربــاخ (‪)1469-1423‬‬
‫‪ - 6‬رشــدي راشــد‪ ،‬موســوعة تاريــخ العلــوم العربيــة‪( ،‬تحريــر)‪ ،‬ج‬ ‫الجديــدة فــي الكواكــب الســيارة التــي كان لهــا أثــر بالــغ علــى‬
‫‪ ،2‬مركــز دراســات الوحــدة العربيــة ومؤسســة عبــد الحميــد شــومان‪،‬‬
‫كوبرنيكــس (‪ )1543-1473‬ريجيومونتانــوس (‪-1436‬‬
‫بيــروت ‪.1997‬‬
‫‪ )1476‬رينهولــد (‪ ،)1553-1511‬مــا هــي إال اســتعادة‬
‫‪ - 7‬ظهيــر الديــن البيهقــي‪ ،‬تاريــخ حكمــاء اإلســام‪ ،‬تحقيــق محمــد‬ ‫تقريبــا لنظريــة ابــن الهيثــم تمامــا‪.‬‬
‫كــرد علــي‪ ،‬مطبعــة الترقــي‪ ،‬دمشــق‪.1946 ،‬‬
‫ومــع أنــه تابــع بطلميــوس فــي صورتــه للعالــم فــإن نظرته‬
‫‪ - 8‬عبــد الحميــد صبــرة‪ ،‬كتــاب المناظــر البــن الهيثــم‪( ،‬تحقيــق)‪،‬‬
‫معهــد المخطوطــات العربيــة‪ ،‬الكويــت ‪.1983‬‬
‫لألفــاك خالفتــه‪ .‬إذ نظــر إليهــا ابــن الهيثــم علــى أنها أشــكال‬
‫مشــفة حقيقيــة صريحــة‪ .‬ومــن جهــة أخــرى فــإن حركاتهــا‬
‫‪ - 9‬علــي الدفــاع‪ ،‬العلــوم البحتــة فــي العصــور اإلســامية‪ ،‬مؤسســة‬ ‫الخارجــة عــن المركــز وحــركات أفــاك التدويــر ُعــدّ ت داخلة‬
‫الرســالة‪ ،‬بيــروت ‪.1981‬‬ ‫فــي النظــام‪ .‬كمــا أن تفســيره يخالــف تفســير أرســطو فــي‬
‫‪ - 10‬علــي عبــد اللطيــف‪ ،‬الحســن بــن الهيثــم عالــم الهندســة‬ ‫حركــة األفــاك‪ .‬وكمــا كتــب إشــرم‪" :‬يبيــن تطبيــق القواعــد‬
‫الرياضيــة‪ ،‬منشــورات الجامعــة األردنيــة‪ ،‬عمــان ‪.1993‬‬ ‫األساســية أن الجســم المتحــرك إنمــا هــو ذلــك الجســم الــذي‬
‫‪ - 11‬عمــر فــروخ‪ ،‬تاريــخ العلــوم عنــد العــرب‪ ،‬دار العلــم لمالييــن‪،‬‬ ‫يتحــرك مــن نفســه فــي حركتــه الذاتيــة‪ ...‬إذن ال يلــزم محرك‬
‫بيــروت ‪.1970‬‬ ‫بالنســبة للحركــة الذاتيــة ألجــرام الــدوران المفترضــة‪...‬‬
‫فالنظــام حــل محــل المحــرك االلهــي"‪ .‬والنظريــة البطلميــة‬
‫‪ - 12‬فــؤاد ســزكين‪ ،‬تاريــخ التــراث العربــي‪ ،‬المجلــد الســادس‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫علــم الفلــك‪ ،‬ترجمــة عبــد هللا حجــازي‪ ،‬جامعــة الملــك ســعود‪ ،‬الريــاض‬
‫بافتــراض ‪ 393‬مجســمة مرتبــة بعضهــا فــوق بعــض فــي‬
‫‪.2008‬‬ ‫كتابــه "االقتصــاص" انتشــرت فــي أوروبــا وقبلــت بخاصــة‪،‬‬
‫حتــى زمــن نيوتــن‪ ،‬عــن طريــق كتــاب ابــن الهيثــم المشــار‬
‫‪ - 13‬مصطفــى نظيــف‪ ،‬الحســن بــن الهيثــم بحوثــه وكشــوفه‬
‫إليــه آنفــا‪.‬‬
‫البصريــة‪ ،‬ج‪ ،1‬مطبعــة نــوري‪ ،‬مصــر ‪.1942‬‬
‫‪ - 14‬مصطفــى نظيــف‪ ،‬الحســن بــن الهيثــم بحوثــه وكشــوفه‬ ‫ويذكــر ســيزكن لــه ‪ 27‬مخطوطــة لــم تحقــق أي منهــا‬
‫البصريــة‪ ،‬ج‪ ،2‬مطبعــة االعتمــاد ‪.1943‬‬ ‫(حتــى ‪ ،)1976‬كمــا يذكــر لــه ‪ 6‬مخطوطــات حفــظ بــن أبــي‬
‫أصيبعــة عناوينهــا فقــط‪.‬‬
‫‪ - 15‬مصطفــى نظيــف‪ ،‬محاضــرات ابــن الهيثــم التذكاريــة‪ ،‬القاهــرة‬
‫‪.1943‬‬

‫العدد الثالث ‪ -‬أكتوبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫مجلة الكون‬ ‫‪12‬‬

You might also like