رئيس التحرير
عصام كامل

السحر الأسود سلاح إسرائيل لإخضاع العالم.. الحاخامات يلقون لعنة "بولسا دي نُورا" على أعدائهم لقتلهم.. والقبالا تستحل دماء الخائن وتكشف المستور.."خمسة وخميسة" نجتهم من ملك الهلاك وخلصتهم من المصريين

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أضرب الودع وأقرا الفنجان وأعرف الطالع، هذا مايعرفه المصريون في الوقت الحالي عن السحر، بعد أن كانوا يوما ملوكا له، بل أنهم بارزوا نبي الله موسى، وزاد بهم الأمر إلى تحدي الذات الإلهية، وعلموه فيما بعد لليهود الذين برعوا فيه ودرسوه وطوره وصولا إلى العصر الحالي، وبالرغم من كم الخرافات والأساطير التي امتلأت بها قصص السحرة إلا أن الدراسات الحديثة تؤكد انتشاره بين طبقة كبيرة من المثقفين والمتدينين.

ارتبط السحر بالطقوس الدينية في بعض العصور، بل إن بعض الكهنة كانوا يعتبرونه ضرورة لاكتمال معرفتهم بالدين، وصفة تدفع العباد إلى الإيمان بمعجزات الإلة الذي قد يكون في بعض الأحيان الحاكم، مثلما كان يحدث في عصر الفراعنة.

حتى أن أتباع موسى عليه السلام تعلموا السحر منذ كانوا يعيشون بين المصريين قبل أن يولد موسى، والذي كان لموقفه مع سحرة فرعون أكبر الأثر في نفوسهم، باعتبار أن سحر موسى هو السحر الحقيقي الذي لعب دورًا مؤثرًا في المواجهة بين موسى عليه السلام وسحرة فرعون. 

وهو مادفع بني إسرائيل إلى الاهتمام بالسحر وممارسته، بل إن السحرة انتشروا بشكل كبير فيما بعد عهد النبي موسى، وخير دلل على ذلك قيام الملك "شاءول"؛ أول ملوك إسرائيل، والذي تولى العرش عام (1100 ق.م) بإصدار أوامره إلى ساحرة بقرية تسمى "عين دور" باستحضار روح النبيّ "صموئيل" ليسأله النصح بشأن معركة فاصلة بين جنوده وجنود الفلسطينيين، وبالفعل استحضرت الساحرة روح صموئيل، والتي قامت بتوبيخ "شاءول"، وأخبرته بانتصار الفلسطينيين في هذه المعركة، وأنه يجب عليه أن يسلِّم المُلك لداود (سفر صموئيل الأول 28: 3 - 19).

وينقسم السحر إلى نوعين: سحر أسود غرضه إلحاق الضرر بالناس، وسحر أبيض، يمارس للحماية من سابقه، ونظرا للضرر الذي لحق البعض نتيجة أعمال السحر، فقد حرمته التوراة، كما حرمت الاشتغال به، وجعلت عقوبته القتل.

وعلى الرغم من تحريم التوراة للسحر إلا أن اليهود كعادتهم يتحدون خالقهم في كل شيء، فلم يمتنعوا بل زادوا من عنادهم، وبدأو في تطوير علومه، وعملوا على نشر الكتب التي تعمل على تعلم أصوله وفنونه عبر العصور، واستخدم قتلة الأنبياء السحر للتآمر على الناس حتى أن النبي محمد– صلى الله عليه وسلم – لم يسلم من سحرهم، فقد سحروه كما هو معلوم من قصة لبيد بن الأعصم الساحر اليهودي.

والمتتبع لسيرة السحر ومسيرته لدى اليهود، يجد أن أصحاب موسى تعلموا السحر من سحرة فرعون الذين آمنوا بنبي إسرائيل عقب خروجهم مع موسى من مصر، فيما تحدثت عنه التوارة في سفر الخروج بـ"الحشد الكبير/اللفيف 12: 38".

وهناك عادات متوارثة يفعلها المصريون وغيرهم حتى الآن ولا يعرفون أصولها، فهناك مثلا علامة (الخمسة وخميسة) التي توضع على قوائم الأبواب، وهي في الأثاث إرث عقائدي يهودي، وبحسب سفر الخروج كانت ضرورية ليجتاز ملك الهلاك بيوت اليهود ولا يهلكهم؛ ويقتصر إهلاكه على المصريين فقط. 

ولذلك كانت العلامة فرضًا على بني إسرائيل عبر الأجيال وهذه العلامة انتقلت إلى التراث الإسلامي، ونراها على بيوت العائدين من رحلة الحج أو من يؤدون شعيرة الذبح في عيد الأضحى.

ومن طقوس السحر عند اليهود أيضًا تطهير الأبرص، وكذلك أيضًا ما يسمى "شريعة الغيرة" وهى طقوس لاستجلاء الغيب في شأن المرأة الخائنة لزوجها وغيرها من الطقوس التي لاحصر لها.

وإذا انتقلنا للحديث عن "القبّالا" وهي التصوّف وعلم الباطن اليهودي، فنجد أنها ترتبط من الناحية العلمية بعدد من العلوم السحرية؛ مثل: التنجيم، والفراسة، وقراءة الكفّ، والتمائم، وتحضير الأرواح" ثم أصبحت القبالاة في نهاية الأمر دربًا من علوم الباطن والصوفية التي ترمي إلى محاولة معرفة الإله بهدف التأثير في الذات العليّا بغرض السيطرة على العالم والتحكم فيه. 

وفيما يخص بلعنة (بولسا دي نُورا) وهى مصطلح أرامى معناه "كرابيج النار، أو ضربة النار" وهى أحد طقوس - لعنة القبّالا المستحدثة، وتعتبر فتوى دينية تستبيح دم الذي صدر بحقه فتوى اللعن، وتتمثل في مجموعة صلوات وأدعية تُقرأ على الشخص الذي تم لعنه من قبل جماعة معينة، يموت بعدها هذا الشخص بصورة طبيعية أو بأي طريقة كانت ويشترط لإجراء طقوس الـ (بولسا دي نُورا) أن تتم في وجود عشرة أشخاص

كما أن "بولسا دي نُورا" تعد عقيدة دينية متطرفة، وهي أحد مراسم "القبّالا"، وهي اللعنة الأخطر التي يطلقها اليمينيون اليهود، وتتم بواسطة الحاخامات على كل من يخالف سياسة إسرائيل، ويعضدها في إيقاع عقوبة القتل بشخص ما، ما يُعرف بـ "ين روديف" وهو تشريع لـ "موسى بن ميمون" أجاز بمقتضاه لأي يهودي أن يقتل شخصًا يتآمر أو يخون شخصًا آخر، أو يعرض حياته لخطر محقق، وكذلك كل من يعرض مصلحة اليهود أو "الديانة اليهودية" للخطر.. وهذا التشريع هو الذي استند عليه في قتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق؛ يتسحاق رابين في عام 1995م، وذلك اعتراضًا من اليمين المتشدد لتوقيعه على "اتفاق أوسلو" مع الفلسطينيين، وغيرهم من الإسرائيليين الذين خالفوا مصلحة إسرائيل.

وفى هذا الصدد يقول الدكتور سامى الإمام أستاذ الديانة اليهودية بجامعة الأزهر، في تصريحات له:"إنه يتضح من استجلاء عالم السحر في اليهودية إخفاؤه قديمًا وراء الدين، وكان الهدف منه جني مكاسب شخصية أو طبقية، فكمّ القرابين التي فرضت على الناس قديمًا؛ الخاطئين والمرضى وأصحاب الحالات الخاصة والناذرين والتائبين وغيرهم، التي قدمت للكهنة قديمًا، كان يفرض لهم منها نصيبًا خاصًا، من أجود أجزاء الحيوان أو الطائر المقدم للتضحية، موضحًا أن الدم كان من أهم عناصر استكمال طقوس السحر.

ويؤكد الدكتور "الإمام" أن فكرة استخدام الدم تطورت عند اليهود إلى أن بلغت ضرورة استخدام دم بشري في طقوس عيد الفصح اليهودي، وهو الأمر الذي جلب عليهم كثيرا من المصائب أفدحها المذابح ضد يهود روسيا (1881م) التي اندلعت بسبب تصفية دم شاب مسيحي في المدينة واستخدامها في صناعة فطيرة عيد الفصح!! 

واستطرد: "اختلط السحر بالأسطورة في الفكر اليهودي، وكان الهدف من ذلك إبراز الشخصية اليهودية أنها خارقة للعادة، مشيرًا إلى أنه لا يمنع التقدم العلمي والتكنولوجي من التمادي في أعمال السحر، واختلاق مسارات جديدة ومجالات تعضده كأبراج الحظ ومسارات الأفلاك والنجوم والاتجاهات وغير ذلك مما يأخذ الناس بعيدًا عن الواقع إلى عالم آخر.

ويبرز "الإمام" أن إسرائيل بها في الوقت الحالي سيدات تخصصن في السحر وقراءة الأبراج، والطالع، وأعمال والتنويم، واستخدام الطاقة، والتخاطُر وعلى رأسهم المستشارة "بت شبع دور" التي تقرأ كما يقال المستقبل الظاهر أمام عينيها، و"ليئة شيرا جاد" التي تعرف الخفايا، وهى متواصلة روحانية، تمزج بين القبالا  والتصوف، ولها قدرات خارقة في فك السحر وملاءمة الأسماء لأصحابها.
الجريدة الرسمية