البيضة والحجر .. و«المعــــــزة»

المهووسون بالسحر والشعوذة فى مصر .. لماذا لا يتكلم حسن شحاتة عن الساحرة المغربية التى ألقت تعاويذها

الجمعة، 22 أكتوبر 2010 01:03 ص
المهووسون بالسحر والشعوذة فى مصر .. لماذا لا يتكلم حسن شحاتة عن الساحرة المغربية التى ألقت تعاويذها
محمد الدسوقى رشدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يسخر أحد من الجن والعفاريت مثلما فعل ويفعل المصريون، فى اليوم الواحد يمكنك أن تسمع 10 نكات مختلفة على الأقل، بطلها عفريت أحمر أو دجال يدعى صحبة الجن أو قرين أرضى أو عفريتة مؤنثة كاملة الدلال والإثارة.. وعلى نفس الخط لن تجد فى بلد آخر مايمكن أن تجده فى مصر من حواديت وأساطير عن الجن والعفاريت والخرابات والبيوت المسكونة، وقصص الحب التى نشأت بين الجنية والإنسى، أو العفريت الذى قرر أن يركب البنت الفلانية للأبد.. وبجوار خط السخرية من العفريت وخط الاستمتاع بحواديتهم وأساطيرهم يسير خط ثالث خاص بثلاثة أرباع المصريين المؤمنين بالسحر والدجل وقوة الجن، ولا يتحركون خطوة إلا بعد الحصول على بركات الشيخ الفلانى أو حجاب وطلاسم الشيخة الفلانية، أو بعد قراءة الفنجان والكوتشينة وفتح المندل.

فى مصر مثلما تجد لكل محافظة شعارا خاصا بها، وتجد فى كل حى شارعا شهيرا ورمزا خاصا به، ستجد أيضا لكل محافظة أو حى شيخا أو دجالا لا تُذكر المنطقة إلا واسمه مضاف إليها، فى مصر لا يتزوج أبناء المناطق الشعبية أو الريفية وأحيانا أبناء الأثرياء إلا بعد زيارة قصيرة لواحد من المشايخ أو الدجالين أو السحرة أيا كان الاسم الذى تفضله لكى يتأكد الأهل أن أولاد الحرام لم يقوموا بربط العريس أو العروسة. أسطورة ربط العريس أو العروسة فى ليلة الزفاف فى حد ذاتها دليل قوى على أن أهل مصر المحروسة هم الشعب الأكثر هوسا ورعبا وخوفا وإيمانا بالسحر والدجل.. أنا لا أعرفك ياعزيزى ولكننى متأكد أنك سمعت أحدهم سواء كان قريبا أو صديقا يحدثك عن زيارة لشيخ أو دجال خوفا من «ربط» ليلة الدخلة، ومتأكد أنك سمعت أيضا عن زيارة أجراها صديقك أو قريبك لشيخ ما بهدف فتح المندل ومعرفة طريق ماهو ضائع أو مسروق منه، ومتأكد أيضا أن بعضكم قد قام بزيارة واحد من هؤلاء الدجالين بحثا عن حل لمرض عضال، أو على الأقل سمع حدوتة فى أسرته أو عائلته تتحدث عن زيارة أحد المشايخ لفك العمل السفلى الذى أجراه الخصوم للوالد بهدف إفقاره، أو للابنة بهدف حرمانها من الزواج، أو لابنة خالتك بهدف تطليقها من زوجها.

كل الشواهد فى مصر تؤدى إلى نتيجة واحدة تقول إن بلد الأزهر والعلم هو الأكثر هوسا بالسحر وأمور الدجل والشعوذة، حتى الدراسات والأبحاث العلمية تقول ذلك وتؤكده، ففى دراسة شهيرة لمركز البحوث والدراسات الجنائية ستجد أرقاما من نوعية أن مصر بها دجال لكل 120 مواطنا، أو بطريقة أخرى هناك 300 ألف ساحر يدّعون تحضير الأرواح، ومثلهم يدّعون علاج الناس من الأمراض والمس الجنى بالقرآن والإنجيل، وبجوارهم يوجد حوالى 250 ألف دجال أو ساحر، وفى نفس الدراسة ستجد أن 50 % من نساء مصر يؤمنون بالسحر وأعمال الدجل والشعوذة، ودائمو الزيارة للمشايخ والسحرة، أما الرقم الصعب والأخطر فى تلك الدراسة فهو يخص المثقفين وأصحاب المراكز الكبرى التى كشفت الدراسة أن 38 % منهم من زوار السحرة والدجالين، ومن المؤمنين بأمور السحر والأحجبة والأعمال السفيلة، ولكل شخص أو مجموعة منهم شيخ شهير لا يتحركون إلا بعد استشارته.
هذا الرقم الأخير والخاص بالمثقفين وصفوة المجتمع تحديدا يأخذنا إلى موقعة «المعزة» التى هزمت بظهورها فى الملعب والمطار منتخب مصر القومى، وأقعدته عاجزا أمام فريق ضعيف اسمه النيجر.

فى الهزائم السابقة سمعنا كثيرا عن التحيكم الظالم وأرضية الملعب السيئة، ولكننا لم نسمع يوما عن «المعزة» المسحورة التى اعتبرها الكابتن حسن شحاتة، المدير الفنى للمنتخب المصرى، سببا فى هزيمة فريقه. تصريحات شحاتة التى أكدت أن السحر هو سبب الهزيمة السخيفة من منتخب النيجر الضعيف كانت مفاجأة للجميع لأننا دائما ما نسمع استخدام الأفارقة للسحر مع الفرق المصرية، ولكننا لم نسمع يوما ما عن مدير فنى يقول إنه انهزم بسبب السحر.

تصريح الكابتن حسن شحاتة جاء على الخلفية المصرية التى تؤمن بأمور الدجل والأعمال السحرية السفلية، وفى نفس الوقت يفتح الباب لعودة تلك الأخبار والشائعات التى ارتبطت بالمنتخب المصرى وبالكابتن حسن شحاتة نفسه الذى سبق أن وجّه له بعض النقاد والصحفيين اتهامات باللجوء إلى السحر وتعاويذ وتمائم وأحجبة الشيخ على السودانى من أجل الفوز فى بطولات أفريقيا، بل هناك قصة شهيرة يتداولها المقربون من الوسط الرياضى بأن الكابتن حسن ومعه بعض أعضاء الجبلاية استعانوا بساحرة مغربية أثناء لقاء المنتخب الجزائرى فى القاهرة الذى انتهى بنتيجة لصالح المنتخب بهدفين، وقيل إن الساحرة المغربية قضت ليلة المباراة فى الاستاد تلقى بتعاويذها فى أرضية الملعب وغرف خلع الملابس، وحصلت على ما يوازى 150 ألف جنيه عقب الفوز، وانفضحت قصتها بسبب المشاكل التى صاحبت المفاوضات المالية معها بخصوص مباراة أم درمان.

ماحدث فى مباراة النيجر، والكلام عن السحر، يشبه إلى حد كبير تلك الحالة الكوميدية التى شاهدناها فى فيلم يونس شلبى الشهير (4-2-4) والتى اعتمد فيها فريقه الضعيف على تحضير أرواح نجوم الكرة لمساندته فى مباريات الدورى العام.. الأمر إذن لا يخلو من الكوميديا المخلوطة بمرارة المبررات الساذجة للهزيمة من فريق مثل النيجر بلا تاريخ ولا حتى حاضر، ولكنه يعكس ما يدور داخل العقلية المصرية أو بالأخص عقلية الصفوة المصرية، فالكابتن حسن شحاتة ليس الوحيد فى مصر الذى يتحدث عن السحر بهذه الطريقة، انظر إلى نجوم الفن والسياسة وستجد حالة إيمان شديدة من جانبهم بأعمال الدجل والشعوذة، وراجع خريطة سقوط الدجالين والسحرة فى قبضة الشرطة وستندهش من كمية النجوم الذين اعتادوا زيارتهم وخطب ودهم، وفى هذا المجال ستسمع أسماء مثل عادل إمام وفيفى عبده ولوسى وغيرهم من نجوم الصف الأول والثانى.

المرشحون لمجلس الشعب هم الأكثر هوسا بالسحر الآن بعد شهرة «معزة» النيجر وسحرة المغرب الذين يستعين بهم مرشحو البرلمان فى الأردن، وتردد أن بعض الوسطاء بدأوا فى تسويق عدد من سحرة المغرب لدى بعض المرشحين المصريين فى الانتخابات القادمة لضمان الحفاظ على المقاعد البرلمانية، معتمدين على أن أكثرية المرشحين ينتمون إلى طبقة المعلمين والتجار المؤمنين سلفا بأعمال الدجل والشعوذة.

نشاط هؤلاء الوسطاء فى نقل التجربة الأردنية والاستعانة بما حققته «معزة النيجر» من نجاح، دفع العديد من المرشحين لسلوك هذا الدرب واللجوء إلى عدد من المشايخ المشهورين، خاصة فى محافظتى الشرقية والدقهلية، وظهر هذا الهوس البرلمانى الجديد فى الاتهامات المتبادلة بين المرشحين وبعضهم بصناعة أعمال سفلية واللجوء إلى السحرة لترجيح كفة مرشح على الآخر.

رجال أعمال كبار ارتبطت أسماؤهم بعدد من الدجالين والمشعوذين وبعضهم سقط ضحية سحرة أفارقة ادعوا قدرتهم على توليد الدولارات، حتى إن أسماء بعض الوزراء ظهرت شائعات تؤكد حرصهم على الارتباط بجلسات تحضير أرواح، واللجوء إلى بعض المشايخ للحصول على البركة والأحجبة التى تساعدهم على البقاء فى الكرسى، وطالت شائعات هذا الأمر أسماء مسؤولين ووزراء مثل الدكتور نظيف ويوسف والى وكمال الشاذلى وعائشة عبدالهادى وغيرهم. نجوم مصر فى السياسة والفن والرياضة مثلهم مثل بقية نجوم العالم الذين ارتبطت أسماؤهم بعالم السحر وتحضير الأرواح، بل وصل الأمر إلى بعض الرؤساء الذين اشتهر عنهم اللجوء إلى العرافات والمنجمين وقارئ الطالع والفنجان، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش والروسى السابق أيضا بوتين والفرنسى الحالى ساركوزى، وفى الحقل السياسى لا يوجد رئيس يؤمن بالسحر وقوته وخرافاته أقوى من رئيس دولة بورما «تان شوى»، فهو رجل مصاب بهوس السحر والتنجيم، لدرجة دفعته للقيام بنقل العاصمة من مدينة يانجون 6 إلى قرية نيبيداو التى تفتقر إلى المياه والكهرباء، وتكمن داخل الغابات بسبب تنبؤ المنجم بسقوط الحكومة إذا لم ينقل العاصمة، وفى العام الماضى تابع العالم قصة استخدام السحر فى الانتخابات الرئاسية التى جرت فى رومانيا،حيث اتهم رئيس الحزب الاشتراكى الديمقراطى «مير سياجويانا» الذى خسر الانتخابات الرئاسية أمام منافسه «ترايان باسيسكو» باستخدم السحر والشعوذة لتحقيق الفوز، واستخدام خبراء يتمتعون بقدرات خارقة وظفها لتحقيق الفوز، والكثير من الرؤساء والزعماء العرب طالتهم شائعات اللجوء إلى العرافات والمنجمات، وكان على رأسهم الرئيس المصرى الراحل أنور السادات، ولكن تبقى أقوى قصة سحر سياسية مرتبطة باسم الراحل جمال عبدالناصر بعد أن أعلن حاخامات مسؤوليتهم عن قتل الرئيس المصرى باستخدام السحر الأسود، حيث اعترف الحاخام بنياهو شموئيلى، وهو رئيس الأكاديمية التلمودية العليا لتدريس التلمود وتخريج الحاخامات بالقدس المحتلة بمسؤولية 3 حاخامات عن تصفية عبدالناصر عام 1970، والحاخامات الثلاثة هم إسحق كَدُّورى، وشاؤول داود حى معلم، ويوسف زاروق، وقال إن الثلاثة ينتمون لحركة القبالاة «التصوف اليهودى»، المشهورة بإتقان أعمال السحر الأسود والشعوذة، والتى تتمتع بتأثير واسع فى إسرائيل، من خلال المداومة على صنع الأحجبة والأعمال السحرية، وتوزيع «البركات» على الجنود، ورجال الأعمال حتى كبار السياسيين قبل كل معركة انتخابية.

وقال إن الثلاثة اجتمعوا وقرروا إيذاء عبدالناصر وقتله بالسحر وأحضروا كبد بهيمة وقلبها ورئته، اواتفقوا على استخدام أسماء الجلالة اليهودية الواردة فى مخطوط دينى قديم، وكتابة تعويذة منها على الكبد، لاستخدامه فى قتل عبدالناصر، ولكن فجأة وحسب الرواية هبطت عليهم ملائكة من السماء، ورن هاتف فى أذن الحاخام شاؤول داود حى معلم، وقال له: «لا تفعل هذا الأمر، إياك واستخدام أسماء رب العزة»، فقال الحاخام: «حسنا، لن أستخدم الأسماء المقدسة، لكن عليكم أن تقوموا بهذه المهمة، فليمت عبدالناصر، ويختفى اسمه من سجل الأحياء»، وأخذ الحاخام شاؤول دافيد والحاخام إسحق كدورى 100 مسمار صلب، وشرعوا يغرسونها فى قلب البهيمة، وكانوا يرددون بعض الكلمات المبهمة مع كل مسمار يغرسونه فى القلب، وفى النهاية وضعوا القلب على موقد طبخ لمدة 3 أيام حتى تفحم تماما، وصار أسود اللون ولا يمكن التعرف عليه، بعد ذلك دفنوه، وأعلنوا لتلاميذهم أن عبدالناصر مات.

وبعيدا عن أهل السياسة والفن وعلاقتهم بالسحر وعوالم الجن والأعمال السفلية التى يراها البعض نوعا من الرفاهية، وعادة تدفع هؤلاء النجوم نحو كل ماهو شاذ وغريب، تبقى حالة الإيمان الشعبى بقدرة الدجالين والسحرة على إحداث الفارق فى حياتهم باستخدام تلك التعاويذ والأحجبة المدهونة بدم خفاش أو المكتوبة على «لية» خروف أو على رأس قرموط سارح فى مياه النيل، أو ذيل قطة غريبة الشكل، أو لوح عظم الكتف لأى ذبيحة.

الدراسة السابقة التى ذكرنا منها بعض الأرقام تقول أيضا إن هذا الهوس المصرى بالسحرة والدجالين رفع حجم الإنفاق على أعمال الدجل والشعوذة والسحر إلى مايقارب عشرة مليارات جنيه، وتشير إلى وجود حوالى 275 خرافة تتحكم فى عقول المصريين مثل أعمال الربط والعنوسة وعلاج العقم وضرورة وضع كف فى شعر الطفل الصغير حتى لا يصاب بالحول. وأشارت إلى أن نصف المصريين يؤمنون تماما بأن رش المياه وراء الشخص المتوفى يمنع موت أحد وراءه، وأن المقص المفتوح يجلب النكد، ووضع المقص تحت رأس النائم يمنع الكابوس، وحرق الخنفسة فى الشقة غير المسكونة يجلب لها السكان، وتعليق حذاء طفل على جدران المنزل يجلب السعادة.. وإلى آخر تلك القائمة الغريبة التى تنتهى بذيل الفأر اليتيم وعرف الديك العانس.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة