وردة جورية رغم عجزها الجسدي


الرضى بالقضاء والقدر والتسليم لحكمة الخالق جل في علاه هي أعظم درجات الإيمان ، والفخر والقناعة بنعم الله هي  أسمى درجات الكمال امتثالا لإرادة ربانية؛ فلا يوجد في الكون إنسان كامل حتما لأن الكمال سمة يختص بها الله تعالى فقط.

وحين نرضى ونقتنع بما لدينا من نعم نحيا بسعادة ونفتخر بتلك النعم التي وهبنا إياها دون جهد منا ، و قد يأخذ بالمقابل بعضا منها لحكمة لا نعلمها، هي بحد ذاتها هبة لنا.

آمنة البالغة من العمر تسعة عشر عاما الوردة الجورية التي يفوح عبيرها وترتسم على وجهها ابتسامة بريئة راضية بما أصابها سعيدة ممتنة لأهلها وصديقاتها ، ولدت آمنة مصابة ببعض التشوهات الخلقية  التي أعاقت حركتها وعرقلت حياتها إلى حد ما ؛ نتيجة مرض والدتها أثناء حملها بها وتعاطيها بعض الحبوب لمعالجة مرض القلب أثناء الحمل ؛ شاءت الاقدار لآمنة أن تولد وهي تفتقد بعض القدرات الجسدية لكنها تمتلك الكثير من الذكاء والرقة والمشاعر الصادقة التي جعلتها مميزة عن غيرها ليس لكونها عاجزة عن الحركة بل لأنها مرهفة وصاحبة قلب راض ومفعم بالصبر والإيمان بقضائها، وذكائها الخلاق وعقلها المبدع الذي جعلها تتعايش مع إعاقتها ببسمة جميلة.



وفي لقاء خاص مع آمنة تحدثت عن طفولتها قائلة: أنا أصغر أفراد أسرتي، وعائلتي تغمرني بفيض من الحنان والمحبة ؛ قضيت طفولتي دون أن أشعر بحالتي بفضل أهلي الذين منحوني كل الرعاية والاهتمام وقدموا لي العون في محنتي ؛ وعن مدرستها قالت :كنت أذهب إلى المدرسة وأمارس حياتي الدراسية بشكل طبيعي ، وكان أهلي يساعدونني في الصباح في طريق المدرسة وفي نهاية الدوام أذهب لمنزلي بمفردي مشيا على الكرسي ؛ لكن سوء حالتي الصحية وصعوبة المشي مع الوقت وعدم اعتيادي على الكرسي النقال كان عائقا لي, مما جعلني أترك الدراسة رغما عني لأنني أحب التعلم والمعرفة. 

استأنفت آمنة حديثها بقلب مليء بالإيمان والرضى : أنا رزقت نعمة العقل والإحساس، وأنا مؤمنة بالله الذي وهبني أصدقاء أسمعوني كلمات كنت بحاجة لها تفرحني وأنتظرها بسعادة دفعتني لحب الحياة وزرعت في روحي الأمل والتفاؤل.

وعن دور عائلة آمنة في حياتها أضافت : أنا ممتنة وشاكرة جدا لأهلي (أبي ، وأمي ،و إخوتي ، وأخواتي ) الذين دعموني كثيرا وسهلوا علي ما أنا فيه.

كان لآمنة علاقات اجتماعية واضحة حيث كانت تحضر المناسبات والأعياد بشكل عادي ووصفت ذلك قائلة : أمارس حياتي بشكل طبيعي وأحضر العديد من المناسبات والحفلات وأتواصل مع العالم الخارجي دون خجل من وضعي الصحي ، ومن يراني في تلك المناسبات لايصدق أنها أنا تلك الفتاة.


وعن ما يزعج آمنة قالت : أنزعج جدا من أسئلة الناس المحرجة لي ، هذا يشعرني بالضيق خصوصا عندما يسألون عائلتي أحزن لأجلهم ولا أريد أن أراهم محرجين بسببي فهم يخفون ذلك عني كي لا أشعر بالحزن . ختاما قالت آمنة لمدونة رنا الحلبي : أنا أفتخر بنفسي وأعتبر كل ما وهبني الله من نعم وعقل وروح وفكر سليم وإحساس وضمير  يغنيني عن ما أفتقده في حياتي  فحتى إن لم أستطع المشي والحركة بسهولة كغيري من الأشخاص الأسوياء أنا مكتفية بتلك النعم الكثيرة.


تم عمل هذا الموقع بواسطة